تشكيل حكومة العراق: تفاهمات أولية وضغوط إقليمية تدفع إلى تقليل الخلافات

تفاهمات أولية
تشهد الساحة السياسية العراقية تسارع الحراك وتبلور معادلات داخل المكونات المختلفة مع مبادرات تهدف إلى تجاوز الخلافات الداخلية والإقليمية وتقديم حكومة مستقرة تواجه التحديات القادمة. وتؤكد مصادر أن التحالفات ما تزال في طور التفاهمات وليست ناضجة بفعل غياب طاولة حوار حقيقية تجمع الكتل الفائزة، فيما يتجه المشهد نحو بروز إطار سني مقابل الإطار الشيعي، وهو مؤشر إيجابي بشرط الوصول إلى إجماع داخل كل مكوّن لتسريع تشكيل الحكومة ضمن السقوف الدستورية، مع تأكيد أن الصورة لن تتضح قبل المصادقة على النتائج. كما تشير إلى أن القوى تسعى لضمان مواقعها في الحكومة المقبلة، مع توقع ظهور ائتلاف مشابه لـ”إدارة الدولة” واستبعاد نشوء معارضة قوية، لأن أي طرف يعارض توافقات المصلحة العامة قد يخسر جماهيرياً. وتبرز إشارتها إلى أن ائتلاف إدارة الدولة سيضم قوى شيعية من الإطار التنسيقي وبنى سنية من تحالفي عزم والسيادة، إضافة إلى الحزبين الكرديين الاتحاد والديمقراطي، مع أن تشتيت القرار داخل المكونات قد يكون عاملاً معطلاً، بينما يميل المزاج العام إلى تلبية رغبة الشارع في حكومة تحقق المصلحة العامة بسرعة.
البُعد الإقليمي وتأجيل الخلافات
في السياق نفسه، يفرض البعد الإقليمي ثقله على المشهد الداخلي ويدفع القوى السياسية إلى تقليل الخلافات والدفع نحو تفاهمات أوسع. ويؤكد أثير الشرع أن التفاهمات التي جرت بين قادة الكتل خصوصاً عبر اللجان المنبثقة عن اجتماع الإطار التنسيقي الأخير أضافت زخماً لمسار تشكيل الحكومة. كما يبرز أن التحديات الإقليمية والخارجية تفرض واقعاً يتطلب تعاوناً واسعاً بين المكونات، خصوصاً مع التحذيرات التي جرى تداولها خلال زيارة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى إقليم كردستان بشأن ضرورة التماسك لحماية العراق من المخاطر. ويشير الشرع إلى أن الخلافات جُزئت وتؤجلها إلى ما بعد تشكيل الحكومة، وأن الحراك الحالي يصب في صالح التوافق على المناصب قبل انتهاء المدد المنصوص عليها في الدستور، رغم وجود بعض المناورات السياسية.
المسار البرلماني.. العقدة الأبرز
يبقى المسار البرلماني أكثر التعقيدات حضوراً، خصوصاً فيما يتعلق باختيار رئيس الجمهورية الذي يتطلب ثلثي أصوات البرلمان. ويلاحظ المحلل السياسي نجم القصاب أن التحالفات الحالية تشبه ما جرى في أعوام 2014 و2018 و2021، إذ لا تستطيع الكتلة الفائزة تشكيل الحكومة أو اختيار الرئاسات من دون توافقات واسعة كما تفرضه المادة 70 من الدستور. كما يشير إلى أن الوصول إلى ثلثي أعضاء البرلمان، أي نحو 220 نائباً، يدفع الكتل إلى التحالف مع الخاسرين ومنح مناصب تنفيذية لاستكمال النصاب، مع وجود انعدام ثقة بين القوى نتيجة خروقات سابقة للاتفاقيات. ويُتوقع أن تقود مفاوضات لاحقة إلى تحالفات بين الإطارين السني والشيعي، وربما الكردي، مع تبادل شروط تتعلق بالمناصب، بينما تبقى الحكومة الحالية في وضع تصريف أعمال قد يسرّع حسم خيارات الرئاسات الثلاث. وبظل ضغوط داخلية وتحديات إقليمية، تبدو المفاتيح مفتوحة على توافقات واسعة تتجاوز الحسابات الضيقة وتتماشى مع رغبة الشعب في الاستقرار.




