مادورو يعزز إجراءات الأمن الشخصي مع تصاعد التهديدات بضربة أميركية

عزز الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ترتيباته الأمنية خلال المناسبات العامة، مع الحرص على الظهور المدروس لكسب الدعم الشعبي في مواجهة تهديدات أميركية محتملة بحركة عسكرية، وفقاً لصحيفة فاينانشيال تايمز.
أشارت الصحيفة إلى ظهور مادورو إلى جانب أعضاء الحزب الأقل رتبة وسط حشود من عمال القطاع العام وأعضاء الحزب الاشتراكي.
وتمثل هذه التحركات تحولاً عما كان عليه الحال قبل أن تبدأ الولايات المتحدة حشداً عسكرياً بحرياً كبيراً في منطقة الكاريبي، مع تنفيذها منذ سبتمبر نحو 21 غارة على قوارب يُعتقد أنها تهرّب المخدرات، ما أدى إلى سقوط 83 شخصاً على الأقل، ومعظم القتلى في البحر الكاريبي.
وفي المقابل، وصف مادورو الضربات بأنها مقدمة لتغيير النظام ونفى أي صلة له بتجارة المخدرات.
قال خوسيه جارسيا، محلل عسكري فنزويلي يترصد ترتيبات مادورو الأمنية، إن مادورو يستخدم البروتوكولات الأمنية الكلاسيكية عندما يتعرّض للتهديد.
وأضاف أن وجود مئات الأشخاص في المناسبات يضمن عدم مهاجمة الولايات المتحدة دون اختراق عدة أشخاص أولاً، مشيراً إلى أن الحراس الشخصيين لمادورو صاروا أقرب إلى الكوبيين بسبب انخفاض رواتبهم وتضخم الأسعار مما يثير مخاوف من ولاء الحراس.
ولدى الصحيفة معلومات عن أن هافانا تقدم المساعدة الأمنية والاستخباراتية لمادورو وسلفه هوجو تشافيز.
ونقل عن اثنين من ضباط الاستخبارات الفنزويلية قولهم بأن ثقافة جنون العظمة تسود الوكالات مع توقعات متزايدة بضربات أميركية، حيث يقال إن العملاء يمدّون الرؤساء بمجاملة حتى لا يُعتقلوا أو يعاد اعتقال أسرهم، فيما يشير آخرون إلى أنه الافتراض بأن الجميع خائنون حتى يثبت العكس.
وذكر خبير العلوم السياسية دانيال أرياس أن مادورو كان عليه أن يرصد الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران في يونيو الماضي، وأن الولايات المتحدة أظهرت استعدادها للتدخل، لذا من المنطقي أن يعمل مادورو على تعزيز أمنه بشكل سريع، وهو وضع قد يقود إلى مفاوضات نهائية أو دوامة عنف.
في جانب آخر، قال نائب في حزب مادورو إن المفاوضات مع الولايات المتحدة ستكون أسوأ سيناريو للمسؤولين وأعضاء الحزب خارج دائرة مادورو، حيث يرى أن مادورو ودائرته سيخوضون مفاوضات للخروج بينما تُطارد الثوار وقادة المجتمع وتُسجن، وهو يرى أن الخيار الأفضل إجراء انتخابات ذات مصداقية يخسر فيها أنصار تشافيز، ليصبحوا أقلية شرعية.
وأضاف أن حال حدوث هجوم أميركي، فسيضطر مادورو للرد للحفاظ على كرامته وربما مداهمة السفارة الأميركية في كاراكاس، رغم خروج الدبلوماسيين الأميركيين عام 2019، وإلا سيغدو الأمر أضحوكة.
وتطرق مادورو في برنامجه التلفزيوني إلى أنه من يريد الحديث مع فنزويلا يمكنه ذلك وجهاً لوجه، محذراً من السماح بقصف الشعب الفنزويلي.
وتناقلت تقارير صحافية أميركية أن مسؤولين فنزويليين أبلغوا واشنطن بأن مادورو قد يستقيل خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، وأنه عرض السماح لشركات نفط أميركية بالوصول إلى ثروة النفط مقابل وقف التصعيد، لكن البيت الأبيض رفض الصفقة.
ونفى وزير الداخلية ديوسدادو كابيلو صحة ما تردد عن وجود صفقة من هذا النوع لترك السلطة.
وأشارت فاينانشيال تايمز إلى أن مادورو يرى نفسه صانع صفقات، فقد عزز سيطرته عبر مفاوضات مع المعارضة والولايات المتحدة وقوى إقليمية لكسب الوقت على مدار 12 عاماً في الحكم.
وفي 2023 حصل على تخفيف محدود للعقوبات مقابل وعد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في العام التالي، ثم حظرت حكومته مرشح المعارضة الرئيسي وادعت فوز مادورو مع قمع الاحتجاجات ونفي بعض كبار المعارضين إلى المنفى.
وتحدثت رويترز عن استعداد الولايات المتحدة لمرحلة جديدة من العمليات ضد فنزويلا خلال الأيام المقبلة مع تصعيد الضغوط، ولم تتضح توقيت أو نطاق العمليات، كما لم يؤكد ما إذا كان ترامب قد اتخذ قراراً نهائياً بالتحرك.
وذكر المسؤولون الأميركيون أن التقارير تتحدث عن إرسال قوات إلى منطقة الكاريبي وأن الخيارات تشمل محاولة الإطاحة بمادورو، في حين أن تقارير أخرى أشارت إلى احتمال وجود عمليات سرية وفق ما أوردته نيويورك تايمز.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطة الأميركية تشتمل على خيارات متعددة من بينها عمليات استخبارية سرية وتخريبية واستخدام وسائل إعلام ونفسية ضد فنزويلا، إضافة إلى وضع قوائم باستهداف منشآت إنتاج المخدرات ووحدات عسكرية موالية لمادورو.
ولم يحسم المسؤولون الأميركيون المسار النهائي، مع مواصلة الحديث عن جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة وتقييم الأثر.




