اقتصاد

دمشق تخفض ستائرها مبكرًا.. قرار الإغلاق يعيد رسم حدود الحياة بعد الحرب

فحوى القرار

فرض القرار تنظيم أوقات فتح وإغلاق المحال والأسواق في الصيف والشتاء من الساعة التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساءً، باستثناء يوم العطلة الأسبوعية، بهدف منع استغلال العمال خارج أطر القانون وتوفير توازن يحمي حقوق العمال ويراقب سلوك أصحاب العمل.

كما حدد القرار ساعات عمل المطاعم والمقاهي ومحلات الحلويات والنوادي الليلية وصالات الألعاب ومحلات الإنترنت ومحطات الوقود ليكون الإغلاق عند منتصف الليل كحد أقصى، مع سماح المطاعم بالتمديد لساعة إضافية يوم الخميس والجمعة وفقاً للعادة الاجتماعية في البلد، بما يحد من استغلال وقت العمل ويحد من العمل خارج إطار القانون.

واستثنى القرار محطات الوقود من تحديد أوقات عملها، كما شمل استثناء بعض القطاعات الحيوية مثل الأسواق الصناعية وسوق اللحوم والخضار وباعة في سوق الهال من الإغلاق المبكر، بهدف عدم تعطل احتياجات العيش الأساسية وتفادي أضرار اقتصادية على العاملين وتجار الجملة والتجزئة في هذه القطاعات.

بين ترحيب العمال واستياء أرباب العمل

أعرب سمير، العامل بجلي الصحون في مطعم ليلي في باب توما، عن سعادته بالقرار لأنه يتيح له العودة إلى بيته مبكراً وقضاء بقية السهرة مع عائلته، وهو أمر كان مستحيلاً في الأعوام السابقة بسبب السهر المفتوح الذي كان يفرضه صاحب العمل على العمال ويستغلهم من دون تعويض عادل، وهو ما كان يعطل حياتهم الأسرية ويستنزف جهدهم بلا مقابل كافٍ.

في المقابل عبّر جميل، صاحب مطعم في القصاع، عن امتعاضه من القرار متسائلاً عن جدواه وهل يتناسق مع بلد يسعى لاستعادة استقراره بعد حرب طويلة، محذراً من أن القرار قد يضر الاقتصاد والسياحة داخلياً وخارجياً، كما قد يمنع وصول السياح العرب إلى سوريا في حال استقر الوضع الأمني مستقبلاً، معرباً عن تذرّعه بأن القرار غير مدروس وقد يترتب عليه تقليل أرباحه واضطراره إلى صرف جزء من العمال.

مريح من جانب ومخيف من آخر

يرى بعض سكان دمشق، وبخاصة من يسكنون في أحياء تعج بالأسواق والنوادي الليلية، أنهم دفعوا ثمناً طويلاً مقابل وجودهم في هذه الجغرافيا الصاخبة، ولذلك رحّب هؤلاء بالإغلاق المبكر لهذه النوادي والمطاعم لأنه يمنحهم فرصة للنوم الهادئ الذي تعودوا عليه.

أشار إلياس، مدرس متقاعد من سكان باب توما، إلى ترحيبه بالقرار كخيار يوازن بين حق التجار في جني الأرباح وحق المواطن في نوم هادئ بعيداً عن ضوضاء السهر، التي تنبعث حتى ساعات متأخرة من الليل، وفق تعبيره.

شادي، جار إلياس، لم يوافق الرأي واكد ضرورة النظر إلى الموضوع من زوايا مختلفة تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مضيفاً أن عمليات سطو وخطف وقتل شهدتها المنطقة في الأشهر الماضية حين كانت الشوارع تزدحم بالسهر حتى الفجر، وهو ما يثير مخاوف من الوضع الأمني حال تغلق المحال أبوابها مبكراً وتصبح الشوارع شبه فارغة في ساعات الليل.

خلدون قال إن دمشق مدينة جميلة في الليل وأن السهر جزء من ثقافتها وتقاليدها، معتبراً أن النوم المبكر مخالف لروح المدينة ويمثل تحدياً لنهجها، معبّراً عن اعتراضه الشديد على القرار واعتباره تقويضاً لهذه الثقافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى