مؤتمر إعادة إعمار غزة في مصر: عوائق إسرائيلية وتحديات فلسطينية

تخطط مصر في النصف الثاني من نوفمبر المقبل لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، لكن الطريق أمام هذه المهمة يواجه تحديات جدية داخلياً وخارجياً وتستلزم دعماً مالياً ضخماً في منطقة تشهد عدم استقرار سياسي وأمني.
قال مسؤولون فلسطينيون مطلعون على الترتيبات إن مهمة الإعمار ستواجه عقبات كبيرة، منها خطوات إسرائيلية محتملة تؤثر في الدخول والخروج والمواد الأساسية، إضافة إلى استمرار القيود وتداعياتها على مشاريع الإعمار، إضافة إلى خلافات حول من يقود العملية والسلاح.
تشير الحوارات الأولية بين القوى الفلسطينية إلى وجود خلافات جوهرية حول الأولويات ومتطلبات الإعمار، خصوصاً حول الحكم والسلاح، وتظهر فرص التوافق الوطني على هذه المهام كأنها بعيدة المنال في الوقت الراهن.
أوضح مسؤول فلسطيني كبير أن القوى السياسية منشغلة بمساراتها السياسية أكثر من الإعداد للمهمة، محذراً من أن العالم لن يسعى لدعم إعادة الإعمار إذا لم تتوافر لديها إرادة واضحة وتحسن في صورة الالتزام بالاستقرار العام والشفافية.
عوائق إسرائيلية
تواجه المرحلة الأولى من تطبيق وقف النار في غزة عوائق عديدة، منها ما تخططه إسرائيل لتنفيذ الخطوات الواردة في المرحلة نفسها، خصوصاً فتح معبر رفح أمام المرضى والجرحى والمسافرين والمساعدات الإنسانية بناءً على مزاعم خروقات من حركة حماس، إضافة إلى عدم تسليم جثامين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، وهو أمر تعتقد الحركة أنه يحتاج إلى جهد تقني واسع.
ويخشى الفلسطينيون أن تستمر إسرائيل في فرض الحصار وتقييد دخول مواد البناء والإعمار تحت عناوين عدم التزام حماس ببنود الاتفاق، ما يعيق حركة الإعمار ويقوّض المساعي الدولية.
تحديات فلسطينية
وتشير المحادثات إلى خلافات جوهرية حول أولوية الإعمار ومتطلباته، لا سيما التوافق على الحكم والسلاح، وتبدو فرص التوافق الوطني ضعيفة في هذه المرحلة، وهو ما يجعل مسار إعادة الإعمار يواجه عوائق كبيرة في التسيير والسياسات.
قال مسؤول فلسطيني كبير إن القوى السياسية منشغلة بنزاعاتها وتنازعها على المواقع أكثر من ضمان تنفيذ مشروع الإعمار، محذراً من أن غياب الإجماع والتجاوب العربي والدولي سيقلل من احتمالات نجاح المؤتمر وتوفير التمويل المطلوب.
مستقبل غزة
يُشير كثير من الخبراء إلى أنه لن يسمح لغزة بأن تتحول مرة أخرى إلى منطقة عسكرية أو معقل للصراع، وأن إسرائيل ستواصل حصارها ومهاجمة أهداف حماس إذا احتفظت بسلاحها، فيما يرى الفلسطينيون أن شرط التخلي عن السلاح كقيمة مطلوبة قد يعوق مهمة الإعمار إذا لم تتم مقاربة شاملة للأمن والسياسة.
وأن يطالب مسؤولو السلطة حماس بالتخلي عن السلاح والتحول إلى حزب سياسي لتمكين الإعمار، فيما ترى حركة حماس أن سلاحها سيبقى في أيديها كجزء من دفاعها عن النفس، وهو ما ترفضه إسرائيل وتستخدمه لتبرير استمرار الحصار والقصف.
المرحلة الأولى من إعادة الإعمار
قسم فريق فني في وزارة التخطيط خطة الإعمار إلى ثلاث مراحل، تبدأ بمرحلة التعافي المبكر التي تمتد ستة أشهر وتركّز على تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، خصوصاً السكن والعمل والخدمات.
تشمل هذه المرحلة توفير مساكن متنقلة لأكثر من 350 ألف أسرة فقدت منازلها كلياً، وترميم 200 ألف مسكن متضرر، إضافة إلى توفير مدارس وجامعات وعيادات ومراكز صحية تضررت خلال الحرب، مع إزالة الركام وفتح الطرق وإعادة بناء شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق ومحطات المياه، وتحقيق الإيواء الميسّر لهذه المؤسسات التعليمية والصحية.
التمويل
تقدر تكلفة الإعمار بنحو 67 مليار دولار، وتثير ترجيحات بعض المختصين قلقاً من أن الدول ستتردد في تقديم مبالغ كبيرة دون ضمانات بعدم العودة إلى الحرب، خصوصاً في ظل غياب حل سياسي دائم وتباين في الرؤى بين الفلسطينيين. وتربط إسرائيل استمرار الحصار وتقييد الدخول بالالتزامات نحو السلام وببنود الاتفاق، وهو ما يخشى معه الفلسطينيون أن يستمر العجز في التمويل ويبطئ حركة الإعمار.
وذكرت مصادر حكومية أن غياب التوافق السريع بين القوى الفلسطينية قد يعرقل جلب الدعم الدولي الكافي، فالعالم قد يقدّم مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة ولكنه لن يمول الإعمار بمبالغ كبيرة بدون توفير ضمانات واستقرار يتيح للاقتصاد الفلسطيني أن يعيد بناء محافظه على أرضه.