اخبار سياسية

روسيا تواصل الحفاظ على توازن حساس بين علاقاتها مع إسرائيل وإيران

توازن روسيا الإقليمي وتحولاته في الشرق الأوسط

لطالما تمكنت روسيا على مدى عقود من الحفاظ على علاقة متوازنة دقيقة في منطقة الشرق الأوسط، حيث حاولت إدارة علاقاتها مع إسرائيل على الرغم من تقاربها الاقتصادي والعسكري مع إيران. ومع التطورات الأخيرة في المنطقة، وجدت موسكو نفسها في موقف حساس يتطلب دبلوماسية ماهرة للحفاظ على علاقاتها مع الطرفين.

مبادرات موسكو وفرص الوساطة

  • تشير تقارير إعلامية إلى أن الوضع الجديد قد يوفر لروسيا فرصة نادرة لتعزيز دورها كوسيط مؤثر يسعى للمساعدة في إنهاء الخلافات الإقليمية.
  • بجانب ذلك، يرى بعض المراقبين أن التركيز على الصراع بين إسرائيل وإيران قد يشتت الأنظار عن الحرب في أوكرانيا، مما يصب في مصلحة روسيا التي تسعى لإضعاف الدعم الغربي لأوكرانيا.

تواصل القيادة الروسية مع الأطراف المعنية

لقد تواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإيراني مسعود بيزيشكيان، حيث عرض المساعدة في تهدئة التوترات. ففي اتصال مع بيزيشكيان، أدان بوتين الضربات الإسرائيلية وقدم تعازيه، مشيراً إلى أن موسكو طرحت مبادرات لحل القضية النووية الإيرانية بشكل سلمي.

كما أصدرت الخارجية الروسية بياناً أدان فيه الضربات الإسرائيلية واعتبرها غير مقبولة، محذراً من عواقب التصعيد. ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب أوسع.

وفي الاتصال مع نتنياهو، أكد بوتين على أهمية العودة إلى مفاوضات سياسية لحل القضية النووية، مع عرض وساطة موسكو لمنع التصعيد، مع الاتفاق على استمرار الاتصال الوثيق بين موسكو وطهران وإسرائيل بشأن الأوضاع الراهنة.

العلاقات الروسية الأميركية والملف النووي

ناقش الرئيس بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترمب عبر الهاتف التطورات في الشرق الأوسط، وأكد استعداد موسكو للقيام بجهود وساطة. وأشارت مصادر إلى أن روسيا اقترحت خطوات مثل تحويل اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب إلى وقود نووي مدني، كجزء من جهود بناء اتفاق بين واشنطن وطهران.

لكن من غير المرجح أن تتبلور اتفاقيات صلبة بعد التصعيد الأخير، إلا أن مشاركة موسكو ستكون حيوية في أي حوار مستقبلي حول البرنامج النووي الإيراني.

علاقات موسكو مع إيران وإسرائيل: من التوتر إلى الشراكة

كانت علاقات موسكو وطهران تتسم بالتوتر خلال الحرب الباردة، خاصة حينما كان الشاه محمد رضا بهلوي حليفاً للولايات المتحدة، إلا أن العلاقات تطورت بعد الثورة الإيرانية عام 1979. ووصف الزعيم الإيراني وقتها أميركا بأنها “الشيطان الأكبر” واتهم الاتحاد السوفيتي بأنه “الشيطان الأصغر”.

لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، تطورت علاقات موسكو بإيران بسرعة، خاصة مع بناء أول محطة نووية إيرانية في ميناء بوشهر. وشاركت روسيا في اتفاق النووي بين إيران وست قوى عالمية عام 2015، داعمةً طهران في تخفيف العقوبات مقابل قيود على برنامجها النووي.

وفي سياق الدعم، قامت روسيا بدعم إيران سياسيًا عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد إدارة ترمب، إضافة إلى دعمها لدمج إيران في منظومة الطاقة النووية، وتقديم الدعم في سوريا لمساعدة نظام بشار الأسد على استرداد أراضيه.

علاقات موسكو مع إسرائيل رغم التوترات

  • خلال الحرب الباردة، ساهمت موسكو في تزويد وتدريب الدول العربية لمواجهة إسرائيل، مما أدى إلى قطع العلاقات مع تل أبيب عام 1967، لكنها أُعيدت واستؤنفت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
  • على الرغم من علاقاتها مع إيران، حافظت موسكو على علاقات شخصية جيدة مع نتنياهو، وزودتها بأنظمة دفاع جوي متطورة، رغم تأجيل تسليم بعض الأسلحة لإيران أو تسريعها وفقاً للمصالح الإسرائيلية.
  • وفي المقابل، لم تُبدِ إسرائيل حماساً كبيراً لإمداد أوكرانيا بأسلحة، مما يعكس تحفظ موسكو على دعم إسرائيل في مواقفها الإقليمية.

مما أثار حفيظة إيران، حيث عبر بعض القيادات عنها عن قلقهم من نوايا موسكو، خاصة في ظل علاقاتها الجيدة مع إسرائيل.

المكاسب المحتملة لموسكو من توازن علاقاتها

تسعى موسكو حالياً للحفاظ على علاقات جيدة مع كل من إسرائيل وإيران، ما يمنحها مكانة وسيط موثوق به وقدرة على التأثير في مفاوضات الملف النووي الإيراني. وتٌظهر المحادثات الأخيرة وعمليات الوساطة الروسية استعدادها للانخراط بشكل أوسع في حل الأزمات الإقليمية.

وفي ظل تصاعد التوترات، تتجه أنظار المحللين إلى احتمالات أن تؤدي هذه العلاقات إلى إعادة توجيه الاستراتيجيات الدولية، مع توقعات بأن تؤدي هجمات المنطقة إلى ارتفاع أسعار النفط، وهو ما يُعزز من اقتصاد موسكو ويمنحها موارد أكبر لدعم موقفها في القضايا الإقليمية والدولية.

كما يرى بعض المراقبين أن الصراع في الشرق الأوسط قد يشتت اهتمام الغرب عن أوكرانيا، مما يمنح روسيا فرصة لتعزيز أهدافها العسكرية والسياسية على مستوى عالمي، وفقاً لما قاله محللون مقربون من الكرملين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى