مشتريات الأسلحة الإسرائيلية: عائق رئيسي أمام العقوبات الأوروبية

يرتفع الضغط الأوروبي على إسرائيل لوقف حربها على غزة، مع تهديد بعقوبات وتعليق جزئي لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية، إلا أن اعتمادهم الواسع على صناعة الأسلحة الإسرائيلية يظل عائقاً رئيسياً أمام هذه المساعي.
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبي أن المفوضية ستقترح فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين متطرفين وتعليقاً جزئياً لاتفاقية الشراكة، مؤكدة أن الجوع الناتج عن الحصار ليس أداة حرب وأنه يجب إيقاف ذلك من أجل الأطفال والإنسانية.
رغم ذلك، يظل الاعتماد الكبير على صناعة الدفاع الإسرائيلية عائقاً إضافياً، إذ تعتبر أوروبا أكبر زبون للأسلحة والأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، فاشترت ما يقارب 8 مليارات دولار في العام الماضي وهو نحو نصف صادرات تل أبيب، ومن المرجح أن يظل الطلب مرتفعاً.
وتتطلب أي خطوة أوروبية لفرض عقوبات على إسرائيل تصويتاً بالأغلبية المؤهلة، أي تأييد 15 دولة من أصل 27 وتمثل نحو 65% من سكان الاتحاد، وهو رقم يصعب تحقيقه في ظل الانقسام بين الدول الأعضاء بشأن كيفية التعامل مع إسرائيل.
تحت ضغوط الولايات المتحدة، يواجه الأوروبيون هدف رفع الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، مقارنة بـ2% المعتمد منذ 2014، في سياق أهمية الدفاع الأوروبي المتزايدة منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
أذرع إسرائيل الدفاعية وتأثيرها في أوروبا
تربط أوروبا بصناعة الدفاع الإسرائيلية علاقات عميقة عبر ثلاث شركات كبرى هي إلبيت سيستمز ورَفائيل للأنظمة الدفاعية وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، وتُدير هذه الشركات فروعاً وشراكات مع مؤسسات أوروبية متنوعة.
إلبيت سيستمز تدير نحو 40 فرعاً حول العالم، نصفها تقريبا في أوروبا، وتوسعت منشآتها في بريطانيا وهولندا ورومانيا بسبب ارتفاع الطلب؛ وتوظف نحو 2000 عامل في أوروبا وتدير مدرسة طيران في اليونان لتدريب طلاب من دول الاتحاد، كما بلغت مبيعاتها إلى أوروبا 1.8 مليار دولار في 2024، ووقعت في أغسطس صفقة تاريخية بقيمة 1.6 مليار دولار مع دولة أوروبية لم يكشف عنها.
أما رَفائيل المعروفة بنظام القبة الحديدية و”Iron Beam” الليزري، فتبيع وتنتج صواريخها عبر مشروعها المشترك في ألمانيا “يورو سبايك” مع Diehl Defense وRheinmetall، وتوزّع أوروبا نحو 45% من مبيعاتها الدولية في 2024 وتعمل على مشاريع مشتركة إضافية في ألمانيا مثل “يورو دوم” للقبة الحديدية و”يورو سبايدر” لأنظمة الدفاع الجوي المتنقلة.
وإلى جانب ذلك، تدير شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) أنظمة “آرو” الدفاعية، حيث بلغت ثلثا إيراداتها من المبيعات الخارجية في 2024، وكانت أكبر صفقة لها بيع Arrow 3 لألمانيا بنحو 4.3 مليار دولار في 2023، كما استحوذت العام الماضي على Intracom Defense اليونانية لتعزيز حضورها في أوروبا.
أزمة مؤقتة؟
يلاحظ أن الاعتماد الأوروبي على الأسلحة الإسرائيلية يجعل مهمة الضغط لإنهاء الحرب في غزة صعبة للغاية، إذ دُمر قطاع غزة تقريباً وأدى الحصار إلى نزوح جماعي وتفشي المجاعة في أجزاء منه.
كما شهدت دول غربية تظاهرات احتجاجاً على الحرب وأحياناً استهدافاً لشركات دفاع؛ وتعرضت مصانع أوروبية تابعة لإلبيت لأعمال تخريب، وجرى حظر شحنات أسلحة قد تُستخدم في غزة في ألمانيا، مع تزايد الحديث عن تداعيات على الشراكات، بينما تستمر خطط شراء طائرات مسيّرة إسرائيلية مثل هيرون بمبالغ كبيرة رغم قيود أُعلنَت في بعض الدول.
ومع ذلك، بدأ بعض المسؤولين الأوروبيين يضغطون لتأجيل صفقات جديدة مع إسرائيل حتى إعلان وقف لإطلاق النار في غزة، بينما يؤكد مسؤولون إسرائيليون أن إنهاء الحرب سيسهل استمرار التعاون العسكري، ويرى مديرو شركات دفاع أن الأزمة قد تكون مؤقتة وأن الطلب العالمي على الأسلحة سيعاود الارتفاع مع انتهاء الحرب، كما صرّح الرئيس التنفيذي لشركة رفائيل بأن الإلغاء غير مُرجّح وأن التوجه العام يعود للوضع الطبيعي بسرعة بعد انتهاء الحرب.