اخبار سياسية

بيانات استخبارية إسرائيلية: المدنيون يمثلون الأغلبية الساحقة من معتقلي غزة

تكشف نتائج التحقيق أن قاعدة بيانات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التي تضم نحو 47 ألف اسم تُصنَّف عادة كـ”مقاتلين” في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتبيِّن أن واحداً من كل أربعة فلسطينيين من غزة محتجزين في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023 مُصنَّف كـ”مقاتل” فقط.

وتركِّز النتائج على أن غالبية المعتقلين في غزة هم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال وكبار سن ومرضى، جرى احتجازهم بموجب قانون “المقاتلين غير الشرعيين” الذي يتيح السجن لفترات طويلة بلا تهمة أو محاكمة.

ومن بين المحتجزين لفترات طويلة ضمن هذا الإطار، يُذكر عمال في المجال الطبي، ومعلمون، وموظفون مدنيون، وعمال في الإعلام، وكُتّاب، ومرضى، وأشخاص من ذوي الإعاقة، وأطفال.

حالات صادمة

ومن بين الحالات الصادمة بحسب التحقيق وجود امرأة تبلغ من العمر 82 عاماً مصابة بمرض ألزهايمر سُجنت ستة أسابيع، وأم عزباء انفصلت عن أطفالها، وعندما أُفرج عن الأم بعد 53 يوماً وجد أطفالها يتسولون في الشوارع.

وصف جندي خدم في قاعدة سديه تيمان كيف جرى احتجاز أعداد كبيرة من الفلسطينيين المرضى وذوي الإعاقة وكبار السن حتى وُضعوا في ما عُرف بـ”حظيرة المسنين”.

قاعدة البيانات وأثرها

ذكرت الجارديان أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تحتفظ بقاعدة بيانات تضم أكثر من 47 ألف اسم مصنَّف كـمقاتلين في حماس والجهاد الإسلامي، وتُعد أقرب مصدر للمعلومات عن حماس لأنها تستند إلى ملفات من الحركة وتُحدَّث باستمرار وتشمل أسماء مجندين جدد.

وذكر التحقيق أن «في مايو الماضي» سجلت القاعدة وجود 1450 شخصاً قيد الاعتقال ومفاتهم موسومة بعبارة “معتقل”، وهو ما يعادل واحداً من أربعة فلسطينيين من غزة محتجزين منذ 7 أكتوبر 2023.

احتجاز طويل الأمد ووجهة الاتهام

حتى نهاية مايو كانت إسرائيل قد اعتقلت 6000 شخص بموجب قانون “المقاتلين غير الشرعيين” الذي يسمح بالاعتقال إلى أجل غير محدود دون توجيه تهمة أو محاكمة، وفق بيانات رسمية.

كما تحتجز إسرائيل jusqu’à 300 فلسطيني من غزة يشتبه بمشاركتهم في هجمات 7 أكتوبر في «اعتقال جنائي»، لأنها تقول إنها تمتلك أدلة كافية لمحاكمتهم، رغم عدم عقد أي محاكمات حتى الآن.

ووصفت منظمات حقوقية وجنود إسرائيليون النسبة بأنها أقل بكثير من ذلك؛ ففي أواخر 2023، عندما أثارت صور المعتقلين غضباً عالمياً، قال ضباط كبار لصحيفة هآرتس إن 85 إلى 90% من المعتقلين ليسوا من عناصر حماس.

وجهة نظر مركز الميزان

قال مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة إن نسبة المدنيين بين المعتقلين ربما تكون أعلى مما تقوله الأرقام الإسرائيلية. وأضاف سمير زقوت، نائب مدير المركز: “في أقصى الحالات، ربما واحد من تسعة أو سبعة لديه صلة بحماس أو فصائل أخرى، وحتى ذلك ليس بالضرورة من خلال جناحها العسكري”.

المقاتلون غير الشرعيين كأداة سياسية

أعلنت إسرائيل أنها أعادت أكثر من 2000 معتقل مدني إلى غزة بعدما لم تجد لهم صلة بأنشطة مسلحة، مؤكدة أن خصومها “يتنكرون بزي المدنيين” وأن عمليات الإفراج تضمنت مراجعة دقيقة للملفات.

ولم ينفِ الجيش وجود قاعدة البيانات أو أعداد مايو، لكنه قال إن “معظم” المعتقلين متورطون في نشاط إرهابي، بحسب التحقيق. وفي مايو ذكر الجيش أن 2750 فلسطينياً أُودِعوا بشكل دائم كـ”مقاتلين غير شرعيين” و11% أُفرج عنهم بموجب اتفاقات وقف إطلاق النار.

حالات فردية وتأثيرها الإنساني

من أمثلة الحالات، فهمية الخالدي، 82 عاماً المصابة بمرض ألزهايمر، التي اختُطفت مع مرافقها في مدينة غزة في ديسمبر 2023 واحتُجزت في إسرائيل ستة أسابيع بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين. قال طبيبها العسكري إن حالتها الصحية لا تستدعي الاحتجاز، ووصَف الوضع بأنه “جنون” مع وجوده في العيادة حينها.

أقر الجيش بأن الاعتقال كان “بناءً على معلومات محددة تخصها شخصياً”، لكنه اعترف بأنه كان نتيجة خطأ محلي ومعزول في التقدير، وأضاف أن “الأشخاص ذوي الحالات الطبية أو الإعاقة يمكن أن يكونوا متورطين في الإرهاب”.

احتجاز بلا محاكمة وتبعاته

يسمح قانون “المقاتلين غير الشرعيين” بالاعتقال بلا نهاية دون تقديم أدلة أمام محكمة. يمكن للدولة احتجاز أي شخص 75 يوماً قبل السماح له بمقابلة محام، و45 يوماً قبل مثوله أمام قاضٍ للمصادقة على الاعتقال. ومع بدء الحرب، مُدِّدت هذه الفترات إلى 180 و75 يوماً على التوالي. ولم تُعقد محاكمات لأسرى من غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

ردود فعل ومنظورات إنسانية

قالت طال شتاينر، مديرة لجنة مناهضة التعذيب في إسرائيل، إن بداية موجة الاعتقالات أثارت مخاوف جدية من احتجاز الأبرياء دون سبب، وتأكد ذلك عندما عُلِم أن نصف المعتقلين في بداية الحرب أُطلق سراحهم لاحقاً.

ووصف جندي في سديه تيمان كيف كانت الاعتقالات تطال كبار السن وذوي الإعاقة، حيث جرى جلب أشخاص في كراسي متحركة وإرسالهم إلى ما عُرف بـ”حظيرة المسنين”.

ورأى حسن جبارين، مدير مركز عدالة، أن قانون “المقاتلين غير الشرعيين” صُمِّم لتسهيل الاعتقالات الجماعية والاختفاء القسري، وهو يحرِم المعتقلين من الحماية التي يضمنها القانون الدولي. كما أشار الطبيب العسكري نفسه إلى أمور أخرى، مثل معالجة امرأة تنزف بشدة بعد إجهاض وأمّ مرضعة فُصلت عن طفلها وطلبت منه مضخة لبن لتفادي جفاف الحليب.

وقال جندي حارس: إن الجنود كثيراً ما اعترضوا إطلاق سراح المدنيين الذين تبين أنهم بلا صلة بـ”حماس”، واعتبروا أن المحتجزين ورقة ضغط في مفاوضات الرهائن.

وتجلت مواقف مشابهة من سياسيين إسرائيليين عندما أُفرج عن مدير أحد المستشفيات في غزة دون مقابل رهائن، وذكرت الجارديان أن غالبية المحتجزين باعتبارهم “مقاتلين غير شرعيين” يُحتجزون فعلياً في عزلة تامة عن العالم، ما يزيد من معاناة المعتقلين وأسرهم في غزة.

وأخيراً أشارت جيسيكا مونتيل من هموكيد إلى أن قانون المقاتلين غير الشرعيين استُخدم لتسهيل الإخفاء القسري لآلاف الأشخاص، وهو أمر يحرمهم من حماية القانون الدولي وحقوقهم الأساسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى