تأثير خفض أسعار الفائدة على الاقتصاد المصري في عام 2025

تأثير خفض الفائدة على الاستثمار وتنافسية الصادرات
خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، ليعزز توقعات مجتمع الأعمال بانتعاش الاستثمار وتراجع تكلفة التمويل، وتزيد تنافسية الصادرات.
يتوقع رجال أعمال واقتصاديون أن يسهم القرار في تنشيط الطلب المحلي وزيادة استهلاك الأسر، فيما من المتوقع أن يظهر أثر الخفض على أسعار البيع للمستهلكين خلال شهرين، بما ينعكس إيجاباً على النشاط الصناعي والإنتاجي ومبيعات قطاعات مثل السيارات والعقارات، إلى جانب تعزيز أداء بورصة مصر.
اعتبر البنك المركزي أن القرار مناسب للحفاظ على سياسة نقدية تدعم التوقعات وتثبت مسار انخفاض التضخم، مع توقع أن يستمر التضخم في الانخفاض ليصل إلى نطاق 14%-15% خلال العام الحالي، إضافة لاستقرار سعر الصرف.
أشار علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إلى أن الخفض سيزيد تنافسية المنتجات المصرية عالمياً نتيجة انخفاض تكلفة الإنتاج، معبّراً عن رضاه عن وتيرة التخفيض حتى الآن.
أوضح أن الفارق بين معدلات التضخم والفائدة ما زال واسعاً، لذا فإن انخفاضاً إضافياً للفائدة خلال الأشهر المقبلة بمقدار 2%-3% سيكون منطقياً، ليقل الفارق إلى نحو 4%، وهو ما يصب في صالح المدخرين ويحافظ على سيولة البنوك.
آثار فورية وتطورات التضخم
بلغ سعر الفائدة الحقيقي، أي الفائدة الاسمية مطروحاً منها معدل التضخم، نحو 8.1% بعد القرار الأخير.
تباطأ التضخم السنوي في المدن المصرية للشهر الثاني على التوالي في أغسطس ليصل إلى 13.9%، وهو أقل من ذروته المسجلة في سبتمبر 2023 بنحو النصف.
قال البنك المركزي في بيانه إن خفض الفائدة خطوة مناسبة لدعم مسار انخفاض التضخم وتثبيت توقعات المسار النزولي، مع توقع أن يواصل التضخم تراجعه إلى نطاق 14%-15% خلال العام.
أشار علي عيسى إلى أن خفض الفائدة يزيد تنافسية المنتجات المصرية عالمياً، ما يسهم في خفض تكلفة الإنتاج ويرفع الطلب.
أوضح حسن الفندي أن الفائدة الحالية ما تزال تثقل كاهل المستثمرين وتبطئ الإنتاجية، وهو ما يدفع نحو مزيد من التخفيض حتى الوصول لمعدلات تُعد طبيعية بين 12% و13%، مع توقع انخفاض الأسعار في الفترة المقبلة مع استقرار التضخم وتراجع القوة الشرائية في الأسواق.
تجربة مبادرات التمويل الصناعي وتوقعات المستثمرين
في مطلع العام، أطلقت الحكومة مبادرة دعم الشركات الصناعية بسعر فائدة 15% بقيمة 30 مليار جنيه، لكنها لم تفعل حتى الآن بسبب اشتراطات وبطء الإجراءات.
أكد مصطفى النجاري، رئيس لجنة الزراعة والري في جمعية رجال الأعمال المصريين، أن الإقراض عند 23% لا يزال مرتفعاً مقارنة بمستويات أخرى في دول تتيح قروض بفوائد تتراوح بين 5% و7%، ما يجعل خفض الفائدة خطوة مهمة للمحفز المحلي، خصوصاً للمستثمر المحلي الذي يحتاج إلى الاقتراض.
أضاف النجاري أن انخفاض تكاليف الاقتراض سيؤثر إيجابياً على الاستثمارات المحلية، إذ ستزداد تنافسية المنتج الذي يبيع محلياً أو يصدره، بينما يهتم المستثمر الأجنبي بعوامل مثل سعر صرف الجنيه المصري وتكاليف الطاقة والتشغيل والاستثمار.
كانت بنوك استثمار قد توقعت أن يواصل المركزي سياسة الخفض التدريجي حتى نهاية العام، ليصل إجمالي التراجع السنوي إلى نحو 725 نقطة أساس، ما يعني احتمالية خفض إضافي بنحو 2% في الفترة المتبقية من السنة.
توقعات بتحسن الطلب على العقارات
يرى طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، أن خفض الفائدة يفتح شهية المستثمرين في القطاع ويشجعهم على التوسع من خلال التمويل المصرفي، واصفاً القرار بأنه خطوة على الطريق الصحيح للاقتصاد المصري.
وأضاف شكري أن المجتمع الأعمال يتوقع وصول الفائدة إلى نحو 20% بنهاية العام، مع توقع أن تشهد أسعار العقارات زيادة طفيفة لا تتجاوز 10% إذا استمر تحسن الأوضاع النقدية وانطلاق حركة المبيعات بعد حالة الهدوء في الربع الأول.
قال أيمن عامر، الرئيس التنفيذي لشركة سوديك، إن خفض الفائدة بما يزيد عن 500 نقطة أساس منذ بداية العام يتيح للمطورين ضخ استثمارات جديدة وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات القائمة، مع تعزيز ثقة السوق واستقرار سعر الصرف.
أشار ريمون عهدي، الرئيس التنفيذي لشركة وادي دجلة للتنمية العقارية، إلى أن انخفاض الفائدة يساهم في تقليل تكلفة الاقتراض وتحسين الجدارة الائتمانية للعملاء، ما يتيح فرصاً أوسع للتوسع ويسهم في زيادة المبيعات.
دعم التصنيع والمبيعات بقطاع السيارات
يتوقع تنفيذيو قطاع السيارات أن يمتد الأثر الإيجابي لخفض الفائدة إلى تعزيز القدرة على التمويل وتوسيع الإنتاج، وهو ما يعزز القوة الشرائية ويحفز المبيعات.
رى علاء السبع، رئيس مجلس إدارة مجموعة السباع أوتوموتيف، أن المنتجين والمستوردين سيستفيدون من انخفاض الفائدة، وتتوقع الشركة نمو مبيعات قطاع السيارات بنسبة 50% بنهاية العام، في ظل ارتفاع مبيعات القطاع 97% في النصف الأول إلى 74.4 ألف مركبة.
قال فادي محسن، نائب الرئيس التنفيذي لعلامة هيونداي في جى بى أوتو، إن خفض الفائدة سيقلل تكلفة التمويل للمصنعين ويشجع على ضخ استثمارات جديدة وتوفير عرض إضافي، وهو ما ينعكس في زيادة المبيعات.
قال محمد مصطفى، رئيس مجلس إدارة شركة إكستريم أوتو، إن الخفض يعزز قدرة المستهلكين على الشراء عبر أنظمة التقسيط ويدعم نمو مبيعات القطاع.
توقع عمرو سليمان، رئيس مجلس إدارة مجموعة الأمل لتجميع وتصنيع السيارات، أن يبدأ تأثير الخفض في الظهور على الأسعار خلال فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، حيث يحتاج السوق بعض الوقت لاستيعاب تغييرات تكلفة التمويل وتأثيرها على الأسعار النهائية للمستهلك.
في المقابل، رأى خالد سعد، أمين عام رابطة مصنّعي السيارات ورئيس مجلس إدارة شركة جنباي رويال، أن خفض سعر الفائدة سيشجع الشركات على تحديث خطوط الإنتاج وتطوير منتجات جديدة لتلبية الطلب المتغير.
بداية طريق التيسير النقدي وجاذبية الأصول المحلية
يرى هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في الأهلي فاروس، أن خفض أسعار الفائدة الأساسي لا يزال في مراحله الأولى ضمن دورة التيسير النقدي، وأن الطريق لا يزال طويلاً للوصول إلى مستويات فائدة تقارب 13% بحلول العام القادم، وهو مستوى محفز لتمويل توسعات الشركات وتطوير الأعمال.
أعلن البنك المركزي أن توسع أفق التضخم المستهدف حتى عامي 2026 و2028 يعكس التقدم التدريجي نحو إطار استهداف التضخم، وفق البيان المرافق لقرار لجنة السياسات النقدية.
جاذبية الأصول المحلية واستقرار النقد الأجنبي
رأت آية زهير أن أسعار الفائدة الحقيقية لا تزال جاذبة محلياً وتدعم النشاط الاقتصادي، مع توقع مزيد من التيسير في ظل تباطؤ التضخم وزيادة موارد العملات الأجنبية، خصوصاً مع تحسن تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي بلغت رقماً قياسياً بقرابة 36.5 مليار دولار للسنة المالية 2024-2025 بارتفاع نحو 66.2% عن 2024.
أشارت العالية المهدي إلى أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر يظل من بين الأعلى في العالم، محذّرة من تداعيات دخول وخروج الأموال الساخنة وتدعو لفرض قيود على حركة رؤوس الأموال الساخنة لتجنب ارتداد مفاجئ في التدفقات.
دفعة لبورصة مصر
قال محمود عطا، المدير التنفيذي لشركة الصك لتداول الأوراق المالية، إن خفض الفائدة يقدم دفعة قوية للبورصة المصرية وقد يدفع المؤشر إي جي إكس 30 إلى قرب مستويات 38000 نقطة بنهاية الربع الحالي نتيجة استمرار الزخم في القطاعات القيادية، خاصة العقاري والخدمات المالية غير المصرفية والصناعي.