الغموض حول الانسحاب العسكري الأميركي من أوروبا يسبب إرباكاً في حسابات ألمانيا

تغيرات في الوجود العسكري الأمريكي وتأثيرها على ألمانيا وأوروبا
تتجه ألمانيا إلى فهم أن وجود القوات الأمريكية على أراضيها قد لا يكون مستداماً بشكل دائم، لكنها تسعى حالياً لضمان أن أي انسحاب محتمل لن يحدث في “وقت قريب”، خاصة في ظل إعادة تمركز القوات الأمريكية وتغير الأولويات العالمية المتصاعدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفقاً لمجلة «بوليتيكو».
توقعات المسؤولين وتضارب التصورات
- ذكرت المجلة أن الوجود العسكري الأمريكي في ألمانيا على مدى عقود، شكّل العمود الفقري للعمليات العالمية وركيزة أساسية في الدفاع الأوروبي.
- مع استعداد واشنطن لإعادة تقييم أماكن انتشار قواتها، يشعر المسؤولون في برلين بـ”عدم اليقين” حول تأثير ذلك عليهم.
- وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، زار واشنطن لضمان اطلاع ألمانيا على التطورات، موضحاً أن برلين تتوقع تحولات في الموقف الأمريكي.
تصريحات وتوقعات المسؤولين
بعد لقائه مع نظيره الأمريكي، أشار بيستوريوس إلى أن الولايات المتحدة قد تقلل من دورها تدريجياً، مضيفاً أن أوروبا تمكنت حتى الآن من الاعتماد على دعم إضافي، لكن عليها أن تدرك أن مصالح الولايات المتحدة قد تتغير في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
مخاوف حلف الناتو والاستعدادات الأمريكية
- حلفاء الناتو عبروا عن قلقهم من أن يتضمن إعادة تقييم القوات الأمريكية تغييرات جذرية على مستوى الانتشار في أوروبا.
- السفير الأمريكي لدى الحلف أكد أن هناك محادثات يومية مع الحلفاء، وأن الاتفاق على عدم وجود مفاجآت في الإطار الاستراتيجي يمثل أولوية.
مراجعة وضع القوات الأمريكية عالميًا
- تقوم وزارة الدفاع الأمريكية حالياً بمراجعة شاملة لانتشار القوات على مستوى العالم، في إطار عملية إعادة تمركز تتماشى مع الأولويات الجديدة تزامناً مع تصاعد التوترات في المنطقة وبضغوط خفض الإنفاق الخارجي.
- من المتوقع أن يُصدر تقرير نهائي حول ذلك بحلول سبتمبر، وقد يؤدي إلى تقليص قوات أمريكية في أوروبا، خصوصاً بعد تصديق المسؤولين على ضرورة الاستثمار في القدرات الدفاعية الأوروبية.
التمركز الأمريكي في ألمانيا وأهميته الاستراتيجية
- تستضيف ألمانيا أكثر من 35 ألف جندي أمريكي، وتمتلك مواقع استراتيجية مهمة مثل مطار رامشتاين ومعسكر جرافنوير.
- هذه القواعد تعتبر مركزاً رئيسياً للعمليات الجوية الأمريكية، وتُعد جزءاً هاماً في استراتيجية الردع ضد التهديدات، خصوصاً روسيا.
الغايات والأبعاد السياسية والاقتصادية
تُستخدم القواعد الأمريكية في أوروبا أيضاً لعرض القوة في الشرق الأوسط وأفريقيا، مما يجعل أوروبا بوابة عبور للمعدات العسكرية الأمريكية إلى مناطق أخرى من العالم.
كما أن سحب جزء من القوات قد يكون مرتبطاً بنتائج مراجعة تمركز القوات، مع توقعات بسحب نحو 20 ألف جندي من أوروبا، لكن من المرجح أن يبقى هناك وجود كبير للأمريكيين، يتراوح بين 90 إلى 100 ألف جندي.
آثار وخطوات ألمانيا لمواجهة التحولات المحتملة
- استعدادات ألمانيا تشمل زيادة الإنفاق الدفاعي من حوالي 86 مليار يورو إلى 153 مليار يورو بحلول 2029، بهدف تعزيز القدرات العسكرية وتعميق التعاون مع أمريكا.
- الحكومة الألمانية تسعى منذ البداية إلى إعادة بناء تحالف قوي مع الولايات المتحدة عبر جهود تنسيق دبلوماسية واضحة.
- المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، حافظ على علاقات جيدة مع واشنطن، مع حرص على التواصل المستمر حول ملف القوات الأمريكية.
ختام
بينما تظل المخاوف قائمة حول احتمالية تقليص الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا، فإن ألمانيا والدول الأوروبية تعمل على ضبط إيقاع التحركات الدبلوماسية والعسكرية، لضمان استمرارية الأمن والاستقرار، مع استعداداتها لتعزيز قدراتها الدفاعية وتطوير تعاونها مع الحلفاء.