هل يقيّد “مطرقته” سلطات الكونجرس الرقابية والتشريعية في عهد ترمب؟

تحول في توازن القوى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة بعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض
منذ أن عاد الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، بدأت ملامح جديدة تظهر على العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة، حيث شهدت تبدلات جوهرية تعكس توجهات سياسية متغيرة. وأشارت وكالة “أسوشيتد برس” إلى أن هناك واقعاً سياسياً جديداً يتسم بكون الكونجرس أصبح أكثر امتثالاً لإرادة الرئيس، مع تراجع ملحوظ في تمسكه بصلاحياته الرقابية والتشريعية.
رمزية تملك البيت الأبيض لمطرقة التشريع
وفي حدث ذو دلالات رمزية كبيرة، سلم رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، المطرقة التشريعية لترمب خلال مراسم توقيع مشروع قانون في البيت الأبيض بتاريخ الرابع من يوليو، حيث قال: “سيدي الرئيس، هذه هي المطرقة التي استخدمت لإقرار مشروع القانون الكبير والجميل.. وأريدك أن تحتفظ بها”.
هذه اللفتة لم تكن مجرد احتفال بانتصار تشريعي للجمهوريين، بل كانت إشارة واضحة إلى تحول ميزان السلطة من الكونجرس إلى البيت الأبيض، مع تزايد اعتماد السلطة التشريعية على القيادة السياسية لترمب، بحسب ما ذكرت الوكالة.
انحياز الجمهوريين لمطالب ترمب
خلال الأسابيع الأخيرة، أظهر الجمهوريون في الكونجرس استعداداً غير مسبوق لتلبية مطالب ترمب، بغض النظر عن المخاطر المحتملة.
- تمرير حزمة من الإعفاءات الضريبية وخفض الإنفاق، بما في ذلك المبادرات التي توافق جدول ترمب في مناسبة يوم الاستقلال.
- تصديق مجلس الشيوخ بسرعة على معظم المرشحين من خارج المؤسسات، ومنها تعيين روبرت إف. كينيدي جونيور وزيراً للصحة وبيت هيجسيث وزيراً للدفاع.
- التحقيق مع خصوم ترمب السياسيين، وفتح تحقيقات في قضايا مثيرة للجدل، مثل استخدام الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن أداة التوقيع الآلي.
وفي المقابل، أوقف الكونجرس العمل على مشروع قانون لفرض عقوبات مشددة على روسيا، بعدما قرر ترمب منحه مهلة إضافية للتفاوض على سلام، مما أضعف فرص إنهاء الصراع بسرعة.
طلب غير مسبوق وتحديات لصلاحيات الكونجرس
وفي الأسبوع الماضي، استجاب الكونجرس لطلب ترمب بإلغاء حوالي تسعة مليارات دولار من الإنفاق المخصص للمساعدات الخارجية والإذاعة الوطنية، وهو قرار وصفته الوكالة بأنه “طلب رئاسي نادر” يمثل تحدياً لصلاحيات السلطة التشريعية في تحديد الإنفاق.
وأعربت السيناتورة ليزا موركوفسكي عن رفضها لهذا الطلب، مؤكدة أن “الكونجرس هو من يشرع، وليس البيت الأبيض”.
وتشير الوكالة إلى أن الكونجرس الآن عند مفترق طرق، مع تراجع دوره مقارنةً بالنفوذ المتزايد للسلطة التنفيذية بقيادة ترمب، بينما تركة السلطة القضائية تشهد ارتفاعاً في أعباء الرقابة والتوازن عبر الدعاوى القضائية ضد سياسات إدارة ترمب.
مستقبل الحزب الجمهوري وجيل جديد من السياسيين
وبحسب الوكالة، فإن قاعات الكونجرس تعجّ الآن بجيل جديد من الجمهوريين الذين نشؤوا خلال حركة “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”، والذين يعزون صعودهم إلى دعم ترمب، ويقلد بعضهم أسلوبه السياسي في تشكيل هويتهم.
وتوضح التقارير أن قادة الحزب الجدد يستخدمون نفوذ ترمب للضغط على الأعضاء، ويوصلون رسائلهم عبر طرق مختلفة، بما في ذلك العمل على جداول العمل التشريعي.
انحراف الديمقراطيين وتحديات القوى الثلاث
وفي الجانب الآخر، قال أعضاء ديمقراطيون، مثل نانسي بيلوسي، إن “فصل السلطات هو عبقرية الدستور”، معبرة عن قلقها من التوجهات الحالية التي تهدد دور الكونجرس.
وفي سياق متصل، واجهت بعض الشخصيات الجمهورية انتقادات، حيث هدد الرئيس بعض الأعضاء، وواجه الآخرون ضغوطاً، فيما يواصل بعض النواب تقديم مبادرات تشريعية تتحدى توجهات البيت الأبيض، مثل مشروع قانون لإحاطة ملفات قضية جيفري إبستين، بغض النظر عن تردد ترمب في تلك المسألة.
ختام وتوقعات
وفي النهاية، يظل السؤال حول مستقبل التوازن بين السلطات قائمًا، مع استمرار التفاف السلطة التنفيذية حول ترمب، في حين تتراجع أدوار السلطة التشريعية، وتبرز أهمية دور القضاء في موازنة القوى.
وفي حديث لنائبة الديمقراطيين نانسي بيلوسي، أكدت على أن “إهمال المؤسسات الدستورية يؤدي إلى تآكل أسس الديمقراطية، ويجب أن نعيد تفعيل الفصل بين السلطات لضمان استقرار النظام”.