بحث يكشف أن 200 بروتين من الدماغ قد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالزهايمر

اكتشاف جديد يُعيد التفكير في فهم التدهور المعرفي ومرض الزهايمر
أظهرت دراسة حديثة وجود أكثر من 200 نوع مختلف من البروتينات المشوهة في أدمغة فئران مسنة، وهو ما يعيد تسليط الضوء على الآليات المسؤولة عن التدهور الإدراكي المرتبط بالعمر. يأتي هذا الاكتشاف ليقدم نظرة أعمق لمسارات التدهور المعرفي ويُفتح آفاق جديدة للوقاية والعلاج من الأمراض العصبية التنكسية.
التدهور المعرفي وعلاقته بالشيخوخة
يمثل التراجع في القدرات الإدراكية، خاصة في مجالات الذاكرة والتعلم، سمة شائعة مع التقدم في العمر، حتى في غياب الأمراض التنكسية. ومع ذلك، فإن هذا التدهور لا يحدث عند الجميع، فبعض الأفراد يحتفظون بقدرات معرفية شبابية، مما يثير اهتمام العلماء لمعرفة السمات الجزيئية التي تميز هؤلاء الأفراد عن غيرهم.
انتقال الباحثين من نظرة أحادية إلى فهم أكثر تعقيدًا
لطالما تم التركيز على نوعين رئيسيين من البروتينات المرتبطة بمرض الزهايمر، وهما “أميلويد بيتا” و”تاو”، حيث تكون ترسباتهما سببًا في تلف الخلايا العصبية. إلا أن الدراسة الجديدة تشير إلى أن هذه البروتينات ليست الوحيدة المعنية، وأن هناك مئات البروتينات الأخرى التي تتشوه وتتغير بشكل يؤثر على صحة الدماغ، حتى دون تكوّن التكتلات الأميلويدية النموذجية.
النتائج والآفاق الجديدة من الدراسة
- تم تحليل أدمغة 17 فوجًا من الفئران، مع ملاحظة فرق واضح بين الفئران ذات الأداء الإدراكي الضعيف وتلك ذات الأداء الطبيعي.
- تم التعرف على أكثر من 200 نوع من البروتينات المشوهة في أدمغة الفئران ذات ضعف الإدراك، حيث بقيت البروتينات سليمة في الفئران التي لم تظهر تدهورًا معرفيًا.
- تبين أن البروتينات غير القابلة لإعادة الطي، التي تفقد قدرتها على العودة لشكلها الطبيعي بعد التشوه، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتدهور المعرفي.
مفهوم “الطي” وأهميته في صحة الخلايا
- “الطّي” هو العملية التي يتخذ فيها البروتين الشكل الثلاثي الأبعاد الذي يحدد وظيفته داخل الخلية.
- يتم هذا الشكل تلقائيًا بمساعدة بروتينات مساعدة، وأي فشل في هذه العملية قد يؤدي إلى أمراض مثل الزهايمر وباركنسون.
- الدراسة أظهرت أن بعض البروتينات المشوهة تتجنب نظام مراقبة الجودة، مما يساهم في تراكمها وتدهور الخلايا.
مخاطر البروتينات غير القابلة لإعادة الطي وتأثيراتها
البروتينات التي تفشل في الطي بشكل صحيح تتجمع على شكل تكتلات غير قابلة للذوبان، مؤثرة على العمليات الخلوية، وتسبب خللًا في توازن البروتين داخل الخلايا. وهذا يؤدي إلى اضطرابات تنكسية وعصبية، مثل الزهايمر ومرض باركنسون، إذ أن هذه البروتينات لا تستطيع استعادة بنيتها الأصلية حتى بعد إخراجها من البيئة الخلوية.
الآفاق المستقبلية ودور الأبحاث المقبلة
الفرق البحثي يخطط لاستخدام مجاهر عالية الدقة لملاحظة التشوهات البروتينية بشكل أدق، بهدف فهم العمليات البنيوية التي تمر بها هذه البروتينات. كما أن النتائج تفتح الباب لتطوير علاجات تستهدف أنواعًا أوسع من البروتينات المشوهة، وليس فقط تلك المرتبطة بشكل مباشر بالزهايمر، مما يعزز فرص التدخل المبكر وتقليل التدهور الإدراكي لدى كبار السن.
ما هو البروتين؟
- البروتين هو جزيء ضخم يتكوّن من سلسلة من الأحماض الأمينية.
- يُعدُّ من أهم اللبنات الأساسية في خلايا الجسم، إذ يساهم في بناء العضلات والإنزيمات والهرمونات والأجسام المضادة.
- كل بروتين يمتلك ترتيبًا خاصًا من الأحماض الأمينية يحدد وظيفته داخل الجسم.
وجدت الدراسة أن البروتينات المعرضة للتغير الهيكلي مرتبطة أكثر بالإدراك، خاصة تلك التي لا يمكنها العودة إلى شكلها الطبيعي بعد التشوه، بحيث أن التغيرات التكوينية غير التساهمية قد تكون سببًا رئيسيًا في التدهور المعرفي، مع غياب أدلة كافية على مسؤولية التعديلات بعد الترجمة مثل الفسفرة أو الأكسدة عن غالبية التغيرات التي لوحظت.
مفهوم عملية “الطي”
- الطي هو التحول من سلسلة الأحماض الأمينية إلى شكل ثلاثي الأبعاد محدد، وهو الضروري لوظيفة البروتين.
- تتم عملية الطي تلقائيًا مع مساعدة بروتينات مساعدة، وإذا فشل البروتين في الطي الصحيح، قد يؤدي ذلك إلى فقدان وظيفته أو تسببه بأمراض مثل الزهايمر أو الشلل الرعاش.
- الدراسة أشارت إلى أن بعض البروتينات المشوهة تتشوه دون أن تتجمع، وتُشكل تحديًا جديدًا لفهم الآليات المسببة للأمراض العصبية.
خلاصة وتطلعات مستقبلية
تُثير النتائج أسئلة مهمة حول كيفية عبور بعض البروتينات لآليات مراقبة الجودة في الخلايا، وكيف يمكن استهدافها بشكل أكثر فعالية. مع استمرار الأبحاث، يبقى الهدف هو تطوير علاجات أكثر شمولية، تستهدف مجموعة أوسع من البروتينات المشوهة، وتقليل خطر تدهور الوظائف الإدراكية عند كبار السن.