اقتصاد
مصر تستقبل رئيس وزراء الصين… ما أسباب اعتماد القاهرة على بكين؟

زيارة رئيس الوزراء الصيني إلى القاهرة: رحلة استراتيجية تعكس عمق الشراكة بين البلدين
في توقيت دقيق من الناحيتين الإقليمية والدولية، تستقبل القاهرة حالياً رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في زيارة تحمل رسائل سياسية واقتصادية مهمة، تؤكد على توطيد علاقات التعاون بين مصر والصين في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة. تأتي هذه الزيارة في إطار سعي مصر لتعزيز علاقاتها مع ثاني أكبر اقتصاد عالمي، لتصبح شراكة استراتيجية ذات أبعاد متعددة.
تقدم المشاريع الصينية في مصر: واقع ملموس
- يبلغ عدد الشركات الصينية العاملة في مصر حوالي 2800 شركة، وتستثمر بأكثر من 8 مليارات دولار، مما يعكس خطوة ملحوظة في تعزيز التعاون الاقتصادي.
- مبادرات كبرى، مثل بناء المنطقة المركزية للأعمال في العاصمة الإدارية الجديدة، بواسطة شركة الإنشاءات الصينية الحكومية (CSCEC)، بتكلفة تقريبية 3.8 مليارات دولار، والتشغيل المستمر منذ مايو 2023.
- مشاريع النقل، مع تشغيل قطار كهربائي يربط العاصمة الإدارية بالقاهرة الكبرى، مع استثمار يقترب من 1.2 مليار دولار وأكثر من 15 شركة مشاركة في التنفيذ.
- مشاريع الطاقة المتجددة، حيث تم توقيع اتفاقيات لبناء محطات رياح بقدرات تصل إلى 1100 ميغاواط، وزيادة الإنتاج الصناعي من خلال مصنع “جيلي” الذي بدأ الإنتاج في يناير 2025 بسعة تصل إلى 30 ألف سيارة سنوياً، بالإضافة إلى مصانع السيارات الكهربائية بالتعاون مع شركات مصرية.
- الجهود تستهدف تعديل مفهوم الاستثمار، حيث يسعى الجانب المصري لرفع حجم الاستثمارات الصينية إلى أكثر من 15 مليار دولار خلال عام واحد، وتعزيز علاقات التعاون في قطاعات تشمل الإنشاءات والتصنيع والصناعات الهندسية والمنزلية.
الأهداف المصرية من الاستثمارات الصينية
- تبحث مصر عن تحريك عجلة الاقتصاد عبر جذب استثمارات مباشرة من الصين بقيمة لا تقل عن 500 مليون دولار، لتعويض تراجع إيرادات قناة السويس ودعم الناتج القومي وخطط التصدير.
- تمكين الشركات الصينية من التوسع في السوق المصري، خاصة في مجال التصنيع الزراعي والصناعات التحويلية، واستغلال الموقع الجغرافي المتميز لمصر كبوابة إلى الأسواق الإفريقية والأوروبية.
- السعي لتطوير البنية التحتية وتبادل التكنولوجيا، من خلال إنشاء مراكز تدريب متخصصة، وتوقيع مذكرات تفاهم لإنشاء مصانع الألياف الضوئية، ومراكز خدمات التعهيد.
العوائق والتحديات التي تواجه التعاون الصيني المصري
- تحديات التمويل، والرسوم الجمركية المعقدة، وصعوبة الحصول على الأراضي، بالإضافة إلى القيود الزمنية التي يفرضها تنظيم الشركات الصينية وجدول أعمالها الصارم.
- تفاقم البيروقراطية، وتذبذب سعر الصرف، والتغيرات السريعة في السياسات والنسب الضريبية، مما يعكس الحاجة لبيئة تنظيمية أكثر استقراراً.
- ارتفاع تكاليف الإجراءات الإدارية والتقنية، والتي تضر بالتنافسية، خاصة أمام المنتجات المستوردة ذات الأسعار والجودة غير المتطابقة.
الميزات التنافسية لمصر كموقع جذب للاستثمارات الصينية
- موقع استراتيجي يربط بين أسواق أوروبا، أفريقيا، وآسيا، مع قناة السويس كممر حيوي للتجارة، وهي الأولى لمستخدميها، مع اهتمام صيني متزايد بالمنطقة الاقتصادية.
- توافر قوة عاملة متنوعة ومدربة، بالإضافة إلى نظام تعليمي يخرج المهندسين سنوياً، مع مراعاة الفرص في إعادة الإعمار ودعم الصناعات التحويلية، خاصة في ظل توجه الصين لنقل مصانعها للخارج بسبب التزامها بخفض الانبعاثات الكربونية.
- إتاحة تسجيل الشركات باستخدام اليوان لدعم التبادل المالي، مع وجود دعم من البنك المركزي المصري.
دور العوامل الجيوسياسية في تعزيز التعاون
- مصر تعمل على موازنة علاقاتها الجيوسياسية، حيث استضافت فعالية لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، في حين تسعى لتعميق تعاونها مع الصين ضمن استراتيجية تنويع الشركاء وتقليل الاعتماد على الغرب.
- تأثير التوترات التجارية بين الصين وأميركا يدفع إلى توثيق الصلات مع بكين، كمصدر استقرار بديل واستراتيجيات لنقل التصنيع خارج الصين.
نقل التكنولوجيا والاستثمارات في التكنولوجيات المتقدمة
- تواجد شركات تكنولوجية صينية رائدة في مصر، مثل هواوي، شاومي، أوبو، وغيرها، بالإضافة إلى صندوق استثماري بقيمة 300 مليون دولار مع جامعة تسينغهوا يركز على الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
- الطموح لإنشاء مدينة للذكاء الاصطناعي بالشراكة مع الصين، إلى جانب مذكرات تفاهم لمصانع الألياف الضوئية ومراكز تصدير خدمات التعهيد، وتدريب الكوادر في مجالات البرمجة والشبكات.
تعزيز التعاون التجاري: المطلوبات والتوقعات
- حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى نحو 17 مليار دولار في 2024، مع جهود لتسهيل عمليات التبادل التجاري وتقليل الاعتماد على الدولار بنقل بعض المعاملات إلى اليوان والعملات المحلية.
- توسيع الأنشطة التجارية بين مصر والصين، عبر خط جوي مباشر، وتيسير الإجراءات الجمركية، وتوظيف الاتفاقيات التجارية في تسهيل التبادلات.
- الصينيون مهتمون بفتح أسواق منتجاتهم ذات القيمة المضافة العالية أمام السوق المصري وتخفيف القيود، مع استمرار جهود تسهيل التعاملات المالية عن طريق فروع بنك مصر والأهلي في الصين.
المستقبل والتطلعات
- مصر تعمل على استقطاب مزيد من الاستثمارات في مجالات صناعية وزراعية مشتركة، مع الاستفادة من مبادرة “بريكس” لدعم التعاون المالي والتكنولوجي، بما في ذلك إنشاء بنوك تمويل تنموية خارج إطار المؤسسات التقليدية.
- دخول مصر في عضوية تجمع “بريكس” يُسهم في توسيع آفاق التعاون، خاصة بتطوير التعاون المالي عبر نظام التعامل بالعملات المحلية وتسهيل التبادل التجاري المباشر، بما يعزز من مكانة مصر كشريك استراتيجي في المناطق ذات الأهمية العالمية.