نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما تصورنا

تقدّم في فهم التفاعل المناعي مع الأعضاء المزروعة من الخنازير
أحرز باحثون تقدمًا مهمًا في مجال زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثيًا، حيث تمكنوا من رسم خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل خلايا الجهاز المناعي البشري مع أنسجة الكلى الخنزيرية. وارتكزت الدراسة على استخدام تقنيات التصوير الجزيئي المكاني المتطورة لتحديد استجابة المناعة عند زرع الأعضاء، الأمر الذي قد يسهم في تحسين نجاح عمليات الزرع وتقليل حالات الرفض.
رسم الخرائط المناعية وتحديد علامات الرفض المبكرة
- اعتمد الباحثون على خوارزميات معلوماتية حيوية لتمييز خلايا المناعة البشرية والخلايا البنيوية للخنازير، مما مكنهم من رسم خريطة دقيقة لتسلل الجهاز المناعي إلى الأنسجة المزروعة.
- كشفت النتائج أن الخلايا البلعمية الكبيرة (الماكروفاج) والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشاراً، موضحة دورها الحيوي في عمليات الرفض المناعي.
- تم تحديد علامات جزيئية مبكرة للرفض تظهر في اليوم العاشر بعد الزرع، وتصل إلى ذروتها في اليوم الثالث والثلاثين، مما يتيح فرصة للتدخل العلاجي المبكر والفعال.
الآليات الأساسية للرفض المناعي
تتضمن عملية رفض الأعضاء المزروعة آليتين رئيسيتين:
- الرفض بواسطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا الليمفاوية التائية على المستضدات الغريبة على الأنسجة المزروعة وتهاجمها، مسببة تلف الأنسجة.
- الرفض بواسطة الأجسام المضادة: تتكون أجسام مضادة ضد مستضدات المتبرع وتلتصق بالأوعية الدموية، مما ينشط الجهاز المناعي ويؤدي إلى تلف العضو.
تجارب زرع الكلى من الخنزير إلى الإنسان
تعد هذه الدراسة قبل بدء التجارب السريرية بزراعة كلى خنزير معدل وراثيًا في البشر خطوة مهمة نحو علاج العديد من المرضى. حيث تم الموافقة على إجراء تجارب سريرية في الولايات المتحدة باستخدام كلى معدلة جينيًا تحتوي على تعديلات تشمل إضافة جينات بشرية وإيقاف جينات خنزيرية لتقليل الالتهاب والرفض المحتمل.
وقد كانت أول الحالات نجاحًا مؤقتًا، حيث استمرت الكلية في العمل بشكل جيد لعدة شهور قبل أن يسبب رفضاً حادًا. وخلال عام 2024، أُجريت عدة عمليات زراعة أخرى، مما يعكس تطورًا ملحوظًا في هذا المجال.
تفاعل الجهاز المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة من الخنزير
توفر الدراسات الحالية أدق فهم حتى الآن لتفاعل الجهاز المناعي مع الأنسجة المزروعة، حيث أظهرت النتائج أن الخلايا البلعمية والخلايا النخاعية تلعب دوراً رئيسياً في عمليات رفض الأعضاء، وأن التدخلات العلاجية الموجهة خلال مراحل مبكرة يمكن أن تقلل من معدل الرفض وتحسن فرص بقاء الأعضاء المزروعة.
التحديات الحالية والنقص العالمي في الأعضاء
- لا تزال أزمة نقص الأعضاء تشكل تحدياً هائلًا، حيث يتجاوز الطلب على الأعضاء المنقذة للحياة العرض المتاح بشكل كبير.
- في الولايات المتحدة وحدها، هناك أكثر من 100 ألف شخص على قائمة الانتظار، ومعظمهم من مرضى الكلى.
- بالرغم من الزيادة التدريجية في عمليات الزرع، لا يزال الفارق كبيرًا، مما يؤدي إلى وفيات يومية بين المرضى الذين يفشلون في الحصول على الأعضاء المناسبة.
وفي التقديرات العالمية لعام 2023، أُجريت حوالي 172 ألف عملية زرع لأعضاء صلبة، وهو رقم لا يمثل إلا جزءًا بسيطًا من الاحتياج الفعلي، مما يبرز الحاجة الملحة إلى اعتماد حلول مبتكرة مثل زراعة الأعضاء المعدلة وراثيًا من الخنازير.
آفاق مستقبلية وتحسين العلاجات المناعية
يسلط البحث الضوء على أن تجاوز عقبة الرفض المناعي أصبح أقرب، حيث يتيح فهم التفاعلات الجزيئية وضع أسس لتطوير تدخلات علاجية مخصصة تقلل من خطر الرفض بشكل كبير. ويُتوقع أن تتطلب هذه العمليات سنوات من الاختبارات لضمان السلامة والكفاءة، إلا أن التقدم الحالي يعزز إمكانية جعل زراعة الأعضاء من الخنازير خيارًا علاجيًا روتينيًا خلال العقد القادم، مما قد يغير معالم علاج زراعة الأعضاء على الصعيد العالمي.