صحة

نجاح زراعة كلى الخنازير في البشر يقترب أكثر مما كنا نتصور

تقدم جديد في فهم التفاعل المناعي مع الأعضاء المزروعة والخطوات المستقبلية لزرع الكلى من الخنازير المعدلة وراثياً

تمكن باحثون من رسم خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة كلى الخنازير المزروعة، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي مكاني متطورة. تهدف هذه الدراسات إلى التغلب على التحدي الأكبر الذي يواجه زراعة الأعضاء من الخنازير، وهو رفض الجهاز المناعي للعضو المزروع، مما يفتح آفاقاً جديدة لإيجاد حلول دائمة وفعالة لهذه المشكلة.

الكشف المبكر عن علامات الرفض المناعي وأهميتها

  • حدّد الباحثون استجابة المناعة بوساطة الأجسام المضادة في وقت مبكر من اليوم العاشر، مع وصولها إلى ذروتها في اليوم الثالث والثلاثين بعد الزرع.
  • تُوفر هذه النتائج نافذة زمنية حاسمة للتدخل العلاجي المستهدف، مما يعزز احتمالات بقاء العضو المزروع لمدة أطول.
  • طوال فترة الدراسة التي استمرت لمدة 61 يوماً، تم تحديد تلك النافذة التي يمكن خلالها اتخاذ إجراءات مضادة للرد المناعي وتعديل العلاج.

آليات رفض الأعضاء المزروعة وأهميتها الطبية

يحدث رفض الكلى أو أي عضو مزروع عندما يتعرف الجهاز المناعي للمتلقي على الأنسجة الغريبة على أنها جسم غريب، فيشن هجوماً بهدف تدميره. وتتضمن عملية الرفض آليتين رئيسيتين:

  • الرفض التائي: حيث تتعرف خلايا الخلايا اللمفاوية التائية على المستضدات الغريبة على العضو وتؤدي إلى تلف الأنسجة.
  • الرفض بوساطة الأجسام المضادة: تتشكل أجسام مضادة ضد مستضدات المتبرع، وتلتصق ببطانة الأوعية الدموية، مما يفعّل الجهاز المناعي بشكل مضر.

التجارب السريرية وخطوات التقدم في زرع الكلى من الخنازير المعدلة وراثياً

  • أعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الموافقة في فبراير 2025 لبدء تجارب سريرية لإجراء زراعة كلى خنازير معدلة وراثياً؛ حيث تم تعديلها بعشرة تعديلات جينية، تتضمن إضافة جينات بشرية وتعطيل أخرى لتقليل احتمالية رفض الجسم للعضو.
  • في مارس 2024، تلقى رجل يبلغ من العمر 62 عاماً يتعالج من الفشل الكلوي أول زرعة كلية من خنزير معدل وراثياً، وظهرت الوظيفة جيدة لمدة شهرين قبل وفاته، مع تأكيد الأطباء على أن السبب لم يكن رفض الكلية.
  • وفي نوفمبر من العام ذاته، حصلت امرأة أخرى على كلية معدلة وراثياً، وظلت تعمل لمدة 130 يوماً قبل أن يتم إزالتها بسبب رفض حاد.

التفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة وكيفية تحسينه

تقدم الدراسة أدق خريطة حتى الآن لتفاعل الجهاز المناعي مع أعضاء الخنزير المزروعة، حيث أكدت أن خلايا البلعمية الكبيرة (الماكروفاج) والخلايا النخاعية تلعب دوراً رئيسياً في عمليات الرفض المناعي، وأن تدخلات علاجية موجهة يمكن أن تقلل بشكل كبير من مؤشرات الرفض إذا تم اكتشافها ومعالجتها في الوقت المناسب.

التحديات العالمية في توفر الأعضاء البشرية والحلول المحتملة

  • لا تزال أزمة نقص الأعضاء تمثل تحدياً صحياً وإنسانياً كبيراً، حيث أن الطلب يفوق العرض بشكل كبير، خاصة لمرضى الكلى، مع وجود أكثر من 100 ألف شخص في قوائم الانتظار بالولايات المتحدة وحدها.
  • رغم زيادة عمليات الزرع في عام 2024، إلا أن النقص لا يزال ماثلاً، حيث تتوفى العديد من الحالات أثناء انتظارها للأعضاء.
  • وتشير التقديرات إلى أن عدد عمليات الزرع العالمية لعام 2023 لا يغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات، مما يحفز الابتكار في استخدام الأعضاء المعدلة وراثياً كحل واعد لتلبية الطلب المتزايد.

التوقعات المستقبلية والتحديات أمام تطبيق زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً

يؤكد الباحثون أن تجاوز عقبة الرفض المناعي يمثل خطوة هامة نحو جعل زراعة الأعضاء من الخنازير خياراً علاجياً أكثر أماناً وفاعلية. يتطلب الاعتماد الروتيني على هذا النهج سنوات من التجارب المستمرة وإثبات السلامة وتطوير بروتوكولات تنظيمية صارمة.

وفي المستقبل، ستتركز الجهود على تحسين التعديلات الوراثية للخنازير، وتطوير علاجات مناعية أكثر دقة، وإنشاء أنظمة للكشف المبكر عن الرفض، بهدف تحويل زراعة أعضاء الخنازير إلى خيار علاجي قياسي خلال العقد القادم، مما يُغير وجه زراعة الأعضاء على مستوى العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى