نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يُصبح أكثر قربًا مما كنا نتصور

رسم خرائط التفاعل المناعي بين الخلايا البشرية وأنسجة الخنازير المعدلة وراثياً
تمكن فريق من الباحثين من تطوير خرائط تفصيلية توضح كيف تتفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى المزروعة من خنازير معدلة وراثياً، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئية متقدمة. تأتي هذه الدراسة في إطار جهود التخلص من تحدي رفض الجهاز المناعي للعضو المزروع، وهو أحد أكبر العقبات أمام تطبيق زراعة الأعضاء من الخنازير في البشر.
تحديد علامات مبكرة للرفض المناعي
- اكتشفت الدراسة علامات جزيئية حاسمة تشير إلى بداية الرفض، حيث ظهرت في اليوم العاشر بعد الزرع وبلغت ذروتها في اليوم الثالث والثلاثين.
- كما حدد الباحثون نافذة زمنية حاسمة للتدخل العلاجي، والتي تمتد من اليوم العاشر إلى ما بعد الشهر الأول، مما يتيح فرصة لتثبيط رفض العضو مبكراً.
مدة التفاعل المناعي وأهميته
تابع الفريق الاستجابات المناعية لمدة 61 يوماً بعد الزرع، مما أعطى صورة واضحة عن تطور الرفض وكيفية التدخل المبكر لوقفه، وهو ما يعزز احتمالات بقاء العضو المزروع على المدى الطويل.
آليات رفض الأعضاء المزروعة
- الرفض بوساطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا اللمفاوية على المستضدات الغريبة وتهاجم الأنسجة المزروعة.
- الرفض بوساطة الأجسام المضادة: تتكون أجسام مضادة ضد مستضدات العضو، وتلتصق ببطانته، مسببة تلف الأوعية الدموية.
دلالات على التقدم في تطبيقات الزراعة العضوية
تأتي هذه الدراسة قبل بدء التجارب السريرية لزرع كلى من خنازير معدلة وراثياً في متلقين بشريين، إذ تعد خطوة مهمة نحو جعل زراعة الأعضاء من الخنازير خياراً قائماً على أسس علمية قوية، مع توقعات بإحداث نقلة نوعية في علاج نقص الأعضاء على مستوى العالم.
تقدم في تجارب الزرع البشرية من خنازير المعدلة وراثياً
أجريت أول عملية زرع كلية خنزير معدلة وراثياً لرجل يعاني من الفشل الكلوي، في مستشفى ماساتشوستس، وأظهرت الكلية أداءً جيداً بعد العملية، رغم وفاة المريض بعد شهرين، مع تأكيد الأطباء أنها لم تكن سبب الوفاة، مما يفتح الباب لاستدامة وظيفة الكلى المزروعة في المستقبل.
وفي وقت لاحق، تلقت امرأة أخرى من ولاية ألاباما كلية خنزير معدلة وراثياً، وظلت تعمل لمدة 130 يوماً قبل أن يتم إزالتها بسبب رفض حاد.
التفاعل المناعي وفهمه في زراعة الأعضاء من الخنازير
- توفر الدراسة خرائط دقيقة لتفاعل الجهاز المناعي مع الأنسجة المزروعة، مع تحديد أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية.
- استخدم الباحثون خوارزميات حيوية لتمييز خلايا المناعة البشرية، وكشفت النتائج أن خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشاراً، مؤكدة دورها في عمليات الرفض.
الخلايا المناعية الأساسية ودورها في الرفض
- خلايا الماكروفاج: خلايا الدم البيضاء التي تهاجم مسببات المرض وتزيل الخلايا الميتة، كما تحفز خلايا المناعة الأخرى.
- الخلايا النخاعية: تلعب أدواراً رئيسية في المناعة الوقائية، وتتجه إلى مواقع التلف والعدوى عبر الدم والجهاز اللمفاوي.
آفاق علاجية وتحديات مستقبلية
أظهرت التدخلات العلاجية الموجهة انخفاضاً في مؤشرات الرفض المناعي، مما يعزز إمكانية تطوير بروتوكولات لعلاج فعال يمنع التفاعل المناعي الضار، ويقربنا من تطبيق الزراعة من الخنازير المعدلة وراثياً بشكل أمان وفعالية.
رغم أن تطبيق هذا النهج يتطلب سنوات من الدراسة والتجارب، إلا أن الدراسات الحالية تؤكد أن زراعة الكلى من الخنازير أصبحت أكثر قرباً من التطبيق العملي، مع تحسينات مستمرة في تعديل الجينات وتطوير برامج الكشف المبكر عن الرفض.
التحديات والنظرة المستقبلية لنقص الأعضاء البشرية
تظل أزمة نقص الأعضاء أكبر تحدٍ عالمي، حيث ينتظر ملايين المرضى حول العالم عمليات زرع، وغالبية الطلب هو على الكلى. وعلى الرغم من الزيادة التدريجية في عمليات الزرع، إلا أن الفجوة بين الحاجة والإمداد لاتزال واسعة.
- في الولايات المتحدة، ينتظر أكثر من 100 ألف مريض، منهم غالبية يعانون من أمراض الكلى.
- رغم الزيادة في أعداد عمليات الزرع، فإن معدل الوفاة أثناء الانتظار لا يزال مرتفعاً، مع وفاة حوالي 13 شخصاً يومياً في الولايات المتحدة فقط.
- على الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أن عدد عمليات الزرع أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية، مما يبرز أهمية البحث والتطوير في حلول مبتكرة.
الفرص والتحديات المستقبلية
يعتبر تجاوز عقبة الرفض المناعي خطوة محورية نحو جعل زراعة الأعضاء من الخنازير خياراً دائماً وآمناً، وذلك عبر تصميم تدخلات مخصصة وتطوير بروتوكولات علاجية متقدمة. يتطلب ذلك سنوات من التجارب والاختبارات التنظيمية، إلا أن التقدم الحالي يوحي بأن هذا الحلم قد يصبح واقعاً في عقد من الزمن، مما يغير مستقبل زراعة الأعضاء ويعالج أزمة النقص المزمنة بشكل جذري.