نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقربنا أكثر من المتوقع

خرائط تفصيلية لاستجابة الخلايا المناعية للأنسجة المزروعة من الخنازير
تمكن فريق من الباحثين من رسم خرائط دقيقة لطريقة تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى من الخنازير المزروعة، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي مكاني متطورة. تأتي هذه الدراسة في إطار السعي لتجاوز التحدي الأكبر في زراعة الأعضاء، وهو رفض الجهاز المناعي للعضو المزروع، حيث تساعد النتائج على تحديد نوافذ زمنية حاسمة للتدخل العلاجي لخفض معدلات الرفض عبر تعزيز فرص بقاء الأعضاء المزروعة.
الفهم الدقيق لاستجابة الجهاز المناعي لزرع الكلى من الخنازير
- تم تحديد علامات جزيئية مبكرة تظهر قبل حدوث الرفض، مع ذروتها في اليوم الثلاثين من الزرع، مما يتيح فرصاً مبكرة للتدخل العلاجي.
- رصد الاستجابة المناعية على مدى 61 يوماً بعد الزرع، لتحديد النافذة الزمنية الحرجة التي يمكن فيها تثبيط الرفض وتحقيق استقرار أكبر للعضو المزروع.
آليات الرفض المناعي في زراعة الأعضاء
يحدث رفض الأعضاء المزروعة عندما يتعرف الجهاز المناعي للمريض على الأنسجة الجديدة باعتبارها غريبة، ويفتح ذلك الباب أمام عمليتين رئيسيتين:
- الرفض بواسطة الخلايا التائية، حيث تتعرف على المستضدات الغريبة وتهاجم الأنسجة المزروعة.
- الرفض بواسطة الأجسام المضادة، التي تلتصق بالأوعية الدموية للعضو وتؤدي إلى تلفه.
التقدم في زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً
بالنظر إلى الحاجة الماسة للأعضاء وزيادة التجارب السريرية، بدأت التجارب باستخدام كلى خنازير معدلة وراثياً، حيث تتضمن التعديلات إضافة جينات بشرية وتعطيل أخرى، بهدف تحسين التوافق وتقليل خطر الرفض.
- مثال على ذلك، زرع كلية من خنزير معدل وراثياً في شخص يعاني من الفشل الكلوي، في مارس 2024، حيث أظهرت الكلية وظائف جيدة لمدة شهرين قبل أن تتوقف بسبب أسباب غير مناعية.
- وفي نوفمبر 2024، تلقت امرأة أخرى من ألاباما كلية خنزير معدلة وراثياً، واستمرت لمدة 130 يوماً قبل أن يُزال العضو بسبب رفض حاد.
تفاعل الجهاز المناعي مع الأعضاء المزروعة
توفر الدراسة الجديدة أدق صورة للأحداث المناعية، حيث كشفت عن انتشار خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية بشكل ملحوظ، مما يعكس دوره الأساسي في عمليات الرفض. كما أشار التدخل العلاجي الموجه إلى انخفاض كبير في مؤشرات الرفض، مما يعزز احتمالية تطوير بروتوكولات علاجية مخصصة لمعالجة الرفض قبل تصاعده.
التحديات العالمية والنقص الحاد في الأعضاء
- تظل أزمة نقص الأعضاء عالمياً تحدياً كبيراً، حيث يتجاوز الطلب بكثير العرض المتاح، مع قائمة انتظار تضم مئات الآلاف من المرضى، ومعظمهم يحتاج إلى زرع كلى.
- رغم زيادة معدلات الزراعة، لا تزال الوفيات جراء الانتظار مرتفعة، مع نحو 13 حالة وفاة يومياً في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى حالات وفاة مماثلة في دول أخرى نتيجة عدم توفر الأعضاء اللازمة.
وفقاً لتقديرات عام 2023، أُجريت حوالي 172 ألف عملية زرع، لكن هذا العدد يعكس فقط جزءاً بسيطاً من الاحتياجات العالمية، مما يوضح الحاجة الملحة لابتكارات جديدة في توافر الأعضاء وزراعتها.
آفاق تحسين العلاجات المناعية وابتكارات المستقبل
تشير النتائج إلى أن تجاوز عقبة الرفض المناعي يقترب، وهو ما يمهد الطريق لاعتماد زراعة الأعضاء من الخنازير بشكل أوسع كحل قابل للتطبيق. سيعمل الباحثون في المراحل القادمة على تحسين التعديلات الوراثية، وتطوير بروتوكولات إنذار مبكر للكشف عن الرفض، بهدف جعل هذا الخيار علاجياً مستداماً وأمناً بشكل أكبر، وذلك خلال عقد من الزمن يمهّد لتحول جذري في مجال زراعة الأعضاء عالمياً.