بعد مفاوضات طويلة.. “الاستفتاء الشعبي” يمهد الطريق لالتحاق سويسرا بالسوق الأوروبية الموحدة

اتفاق سويسرا مع الاتحاد الأوروبي: تحديات وتوقعات
بعد أكثر من عقد من المفاوضات والمباحثات الصعبة، توصلت سويسرا إلى اتفاق مع بروكسل يهدف إلى الحفاظ على الوصول إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. إلا أن هذا الاتفاق، الذي سيُعرض على الاستفتاء، يحمل شروطًا صعبة تتطلب تنازلات في مجالات متعددة مثل الاقتصاد والهجرة والسلطة القضائية، وفقًا لما نقلته صحيفة فاينانشيال تايمز.
المخاطر والتحديات التي تواجه سويسرا
خيارات سياسية صعبة
- تواجه سويسرا خيارًا سياسيًا دقيقًا يتمثل في التعامل مع شروط الاتحاد الأوروبي، خاصة في قضايا كانت سببًا في توتر العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سابقًا.
- إذا تم الموافقة على الاتفاق، فستلتزم سويسرا بمواكبة التغييرات التشريعية في مجالات تنظيم السلع، الهجرة، الكهرباء، والنقل، بالإضافة إلى ضرورة المساهمة بمبلغ سنوي يبلغ 375 مليون يورو لميزانية الاتحاد الأوروبي.
محاكاة لتوازن بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي
يُشبه هذا الاتفاق من نواحٍ عديدة مسعى بريطانيا لتحقيق توازن بين السيادة والوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي. وفي مايو الماضي، أُبرمت اتفاقات بين التكتل الأوروبي وبريطانيا كجزء من جهود لإعادة ضبط العلاقات.
مسار التنفيذ والتصويت
سيكون على سويسرا خلال المرحلة المقبلة الموافقة أو الرفض على الاتفاق، وهي عملية تمتد لعدة سنوات. ستبدأ الحكومة بتشاورات حتى الخريف المقبل، ثم يُنقل النص إلى البرلمان للنقاش في العام التالي. ويُتوقع أن تتم الدعوة إلى استفتاء بحلول يونيو 2027، مع إمكانية تأجيله إلى 2028 إذا استدعى الأمر ذلك بسبب الانتخابات الوطنية.
نطاق التوافق الديناميكي والسلطات القضائية
- يشمل الاتفاق ستة مجالات رئيسية، منها الاعتراف المتبادل بمعايير السلع والكهرباء، وسلامة الغذاء، والنقل الجوي والبري، وحرية التنقل.
- بالرغم من وجود آلية لحل النزاعات عبر لجنة مستقلة، إلا أن قضايا قوانين الاتحاد الأوروبي تتطلب دائمًا تدخل محكمة العدل الأوروبية، التي تعتبر السلطة القانونية الحاسمة في الأمر.
المعارضة الداخلية والأبعاد السياسية
مخاوف من تراجع الديمقراطية وحقوق السيادة
- يثير التبني التلقائي لقوانين الاتحاد الأوروبي وتفعيل محكمة العدل الأوروبية مخاوف المعارضة التي تعتبر أن ذلك قد يضعف النظام الديمقراطي المباشر في سويسرا ويقيد خياراتها الوطنية.
- تعمل مجموعات من المعارضين على جمع التواقيع لإطلاق مبادرة للتصويت العام ضد هذه البنود.
- حزب الشعب السويسري اليميني المتطرف يعارض الاتفاق، رغم أن بعض الأحزاب اليسارية والديمقراطية تدعمه.
عقوبات محتملة ونتائج مستقبلية
- في حال رفض الاتفاق، قد تتبع سويسرا إجراءات عقابية من قبل الاتحاد الأوروبي، مشابهة لما حدث عام 2021 عند انسحابها من محادثات “أفق أوروبا”.
- من المتوقع أن يستمر النقاش حول أهمية التوصل إلى إطار عمل دائم للعلاقات التجارية والأمنية مع الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على أوروبا كأكبر شريك تجاري.
خاتمة
على الرغم من التحديات السياسية والداخلية، فإن الوقت يفرض على سويسرا بناء إطار علاقات ثابت ومستدام مع الاتحاد الأوروبي، يضمن مصالحها ويحترم قواعد الديمقراطية الوطنية، مع الاستفادة من فوائد السوق الموحدة والتعاون الأمني.