اقتصاد

مراجعة ديون الوطن العربي: أي الدول تتحمل أكبر وأقل الأعباء؟

ديون الدول العربية: الواقع والتوقعات وأثرها على النمو الاقتصادي

تشهد المنطقة العربية تحديات اقتصادية متزايدة نتيجة تصاعد الأزمات الجيوسياسية، وتقلبات أسواق الطاقة، وتباطؤ النمو العالمي. في ظل هذه الظروف، أصبحت الديون العامة موضوعًا رئيسيًا يهدد استقرار الاقتصادات الوطنية، مع تباين واضح في مستويات المديونية بين الدول، وتأثيرات محتملة على النمو والتنمية المستدامة.

مستويات الدين العام في الدول العربية

  • يتفاوت حجم الدين العام بشكل كبير بين الدول العربية، ويعتمد بشكل رئيسي على الحاجة التمويلية، حجم الإنفاق، والموارد المالية المتاحة من ضرائب، إيرادات صادرات، وسياحة.
  • تم استخدام نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر رئيسي لقياس قدرة الدول على تحمل أعباء الديون وسدادها.
  • وفقًا لتقارير اقتصادية، بلغت نسبة الدين في بعض الدول مثل السعودية والإمارات حوالي 30%، بينما ارتفعت في مصر إلى أكثر من 90%، وفي الجزائر إلى حوالي 46%.

أكبر الدول العربية دينًا: الأسباب والتداعيات

  • السودان: يتصدر قائمة الدول العربية من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي، حيث بلغ نحو 272% في 2024، نتيجة لعقود من الإفراط في الاقتراض، وسوء الإدارة، والعقوبات الدولية، وتداعيات الانفصال في 2011 التي أدت لانخفاض الإيرادات النفطية.
  • لبنان: بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي حوالي 164%، نتيجة للأزمات السياسية والاقتصادية المستمرة منذ نهاية الحرب الأهلية، وتخلف الدولة عن سداد سنداتها في 2020، ثم تفاقمت الأزمة خلال جائحة كورونا والانفجار في مرفأ بيروت.
  • البحرين: تعتبر من أعلى الدول الخليجية من حيث نسبة الدين، حيث بلغت 134%، نتيجة لانخفاض أسعار النفط وزيادة الحاجة للاقتراض، رغم الدعم الإقليمي من دول الخليج وبرامج الإصلاح الاقتصادي.

الدول الأقل ديونًا وتمتلك هامش أمان مالي

  • تتصدر الكويت قائمة الدول العربية بأدنى نسبة دين إلى الناتج المحلي، حيث تقدر بحوالي 3%، مع توقع ارتفاعها إلى أقل من 8% خلال الأعوام القادمة، نتيجة للاعتماد المفرط على النفط واستخدام صندوق الاحتياط الوطني لتمويل العجز.
  • السعودية والإمارات تأتيان في مراتب متقدمة أيضًا، حيث بلغت ديونهما نسبة 30% و32% على التوالي، مع توقعات بزيادتها بشكل محدود نتيجة لبرامج التنويع الاقتصادي وسياسات الترشيد المالي.

هل تؤثر الديون على النمو الاقتصادي؟

  • هناك خلاف بين المحللين حول مدى تأثير الدين العام على النمو، إذ تشير الدراسات إلى أن ارتفاع الدين بشكل مفاجئ ومرتفع يبدأ في إعاقة النمو الاقتصادي، خاصة في الدول ذات الديون المرتفعة أصلاً.
  • من ناحية أخرى، يمكن أن يساهم الدين في تحفيز النمو إذا استُخدم في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، والتعليم، والصحة، مما يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي على المدى المتوسط والطويل.
  • أما الاستخدام غير الفعّال للديون، خاصة في تمويل النفقات الجارية أو سداد فوائد الديون، فإنه يفاقم الأعباء المالية ويضعف فرص النمو المستدام.

دور المؤسسات المالية الدولية في دعم المنطقة

  • تقدم المؤسسات مثل صندوق النقد والبنك الدولي برامج دعم ومشورة فنية للدول العربية، وتشجيع الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز قدراتها على إدارة المديونية بشكل مسؤول.
  • شددت المؤسسات على أهمية تنويع مصادر الإيرادات، وتحسين بيئة الأعمال، ومرونة سوق العمل، وهو ما تلاحظه بعض الدول الخليجية مثل السعودية والإمارات، في حين تكافح دول ذات ديون مرتفعة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية.
  • على سبيل المثال، أعلنت مصر عن خطط لزيادة الاعتماد على التمويل الخارجي ضمن برامج دعم مالي، مع الالتزام بمراجعات دورية لضمان استدامة المالية العامة.

هل تتجه بعض الدول نحو أزمة ديون؟

  • نعم، بعض الدول تظهر مؤشرات على قرب الوصول إلى حافة أزمات الديون، خاصة تلك التي تفاقمت مديونيتها نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة.
  • لبنان، على سبيل المثال، دخل في أزمة ديون سيادية منذ 2019، ويعمل على إعادة هيكلة ديونه ودعم خارجي، مع توقعات بحدوث تحسن محدود في المستقبل.
  • أما في سوريا، فالأوضاع المالية لا تزال تتسم بصعوبة مستمرة، رغم بعض التقدم في إعادة التفاوض مع الدائنين وتخفيف العقوبات، إلا أن التحديات تبقى قائمة.
  • بالإضافة إلى ذلك، يعاني السودان من أزمة مركبة بين انهيار اقتصادي وصراع مسلح، مما أدى إلى عجز كبير عن سداد الديون، وهو بحاجة إلى دعم دولي وإصلاحات جذرية لتفادي الانزلاق إلى أزمة ديون حادة. وتظهر تقارير صندوق النقد أن بعض الدول الأخرى مثل جيبوتي تظل معرضة لمخاطر متزايدة بسبب ارتفاع نسبة الدين واعتمادها الكبير على العائدات من الموانئ والخدمات اللوجستية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى