اقتصاد

هل الشرق الأوسط يتصدر السباق نحو الأمن الغذائي؟

الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط: التحديات والاستراتيجيات

تُعد قضية الأمن الغذائي من أبرز الأولويات الاستراتيجية في دول منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على الواردات الخارجية لتلبية الاحتياجات الغذائية، وتفاقم التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، إلى جانب تداعيات تغير المناخ واضطرابات سلاسل الإمداد. هذه التحديات ظهرت جلياً خلال أزمات مثل جائحة كوفيد-19، الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات الأخيرة بين بعض الدول الإقليمية.

الجهود الإقليمية لتعزيز الأمن الغذائي

  • دول الخليج: تعتمد بشكل كبير على استيراد حوالي 85% من احتياجاتها الغذائية، ولذا اتبعت استراتيجيات استباقية شملت بناء مخزون استراتيجي، والاستثمار في مشاريع الزراعة المائية والعمودية، وإبرام شراكات مع دول منتجة مثل فيتنام، مصر، وصربيا، وناميبيا.
  • مصر: أعلنت عن خطة شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول عام 2030، مع زيادة المخزون من القمح، وتطوير مشروعات الاستصلاح الزراعي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر بحلول عام 2026.
  • الإمارات: تتبع استراتيجية وطنية تشمل 38 مبادرة لزيادة مساهمة قطاع الأغذية في الناتج المحلي، مع تنظيم المخزون الاستراتيجي خلال الأزمات، وتعزيز الشراكات مع دول أخرى لضمان الإمدادات.

مستوى التقدم وتحديات الدول العربية

  • الدول المتقدمة: مثل السعودية، الإمارات، وقطر، التي حققت تقدماً من خلال تبني استراتيجيات دعم الإنتاج المحلي، وتطوير التقنيات الزراعية، وإنشاء مخزونات استراتيجية، وزيادة الاستثمارات في الزراعة الخارجية.
  • الدول التي تواجه تحديات: مثل اليمن، السودان، سوريا، والمغرب، حيث تعوق النزاعات، وعدم الاستقرار السياسي، وضعف الموارد المائية، وتدهور البنية التحتية، وتمويل القطاع الزراعي، جهود تحقيق الأمن الغذائي.

دور الاستثمارات الداخلية والخارجية

  • الاستثمارات الداخلية: تشمل دعم المشروعات الزراعية المحلية، وتطوير التقنيات الحديثة مثل الزراعة الذكية والعمودية، وتحسين البنية التحتية، وزيادة التمويل المخصص للقطاع الزراعي.
  • الاستثمارات الخارجية: توسع دول المنطقة في شراء الأراضي الزراعية خارج حدودها، خاصة في دول مثل السودان وموريتانيا، للاستفادة من مواردها في انتاج محاصيل استراتيجية يتم نقلها مباشرة إلى الأسواق المحلية، وتقليل الاعتماد على الواردات.

الشراكات الدولية وتأثيرها على الأمن الغذائي

  • تشمل التعاون مع شركات عالمية، مثل شركات التكنولوجيا الزراعية، وعلى سبيل المثال، التعاون مع شركة “أيروفارمز” الأمريكية، والاستحواذ على حصص من شركات مثل “أولام أغري” السنغافورية، ومضاعفة إنتاج الدواجن عبر شركات عالمية.
  • تواصل الحكومات تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية، مثل منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، لتنفيذ برامج دعم فني، وتطوير القدرات، وتحقيق مشاريع مشتركة تهدف إلى استدامة الأمن الغذائي.

التحديات التي تعيق تحقيق الأمن الغذائي

  • تعتمد أغلب الدول على المياه الجوفية أو المياه المحلاة، مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويحد من توسع الزراعة.
  • نقص وسائل الري الحديثة، وشبكات النقل والتخزين، يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الإنتاج قبل وصولها إلى المستهلك.
  • يظل القطاع الزراعي من القطاعات ذات المخاطر المرتفعة، مما يقلل من جاذبيته للمستثمرين المحليين والدوليين.
  • تدهور الأراضي، ارتفاع التصحر، وتغير المناخ، تؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي، خاصة في مناطق مثل العراق والمغرب.
  • تؤثر على استمرارية البرامج الزراعية والتنمية المستدامة، كما هو الحال في السودان واليمن.

ختام

إن مواجهة تحديات الأمن الغذائي في المنطقة تتطلب تكامل الجهود بين السياسات الوطنية، والاستثمارات الذكية، والتعاون الإقليمي والدولي، من خلال تبني استراتيجيات مستدامة تجمع بين تطوير الموارد المتاحة، وتعزيز الشراكات، ومعالجة التحديات البيئية، لضمان إمدادات غذائية كافية ومستدامة للمستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى