اقتصاد
من يتصدر سباق الأمن الغذائي في الشرق الأوسط؟

الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط: تحديات وفرص الإستراتيجية نحو الاكتفاء الذاتي
يُعدُّ الأمن الغذائي أحد أهم الأولويات الإستراتيجية في دول منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على الاستيراد الخارجي لضمان تلبية الاحتياجات الغذائية، بالإضافة إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، وتغير المناخ، واضطرابات سلاسل الإمداد. تجلى ذلك جلياً خلال جائحة كوفيد-19، والحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات الأخيرة بين إيران وإسرائيل.
جهود الدول وتعزيز أمنها الغذائي
- دول الخليج: تستورد حوالي 85% من احتياجاتها الغذائية، ونجحت في مواجهة الفجوة من خلال استراتيجيات استباقية شملت بناء احتياطيات استراتيجية، والاستثمار ب مليارات الدولارات في مشاريع الزراعة المائية والعمودية، وتعزيز الشراكات مع دول منتجة مثل فيتنام ومصر وصربيا وناميبيا.
- السعودية: تعتبر من الدول الرائدة، حيث زاد القطاع الزراعي من مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 109 إلى 114 مليار ريال، وتعتزم توظيف حوالي 24.5 مليار ريال في مشاريع إنتاج غذائي خلال الأعوام القادمة.
- الإمارات: تتبع استراتيجية وطنية للأمن الغذائي تشمل 38 مبادرة، بهدف زيادة مساهمة قطاع الأغذية في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 10 مليارات دولار، مع تنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية خلال الأزمات والكوارث.
- مصر: أطلقت خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، واستوردت 900 ألف طن من القمح في بداية العام، وتعمل على زيادة المخزون لتلبية الاحتياجات لمدة 6 أشهر، مع سعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر بحلول 2026 بعد أن بلغت مخزونات السكر 81% في عام 2025.
مقدار التقدم والتراجع في الدول العربية
- تتصدر التقدم: السعودية، الإمارات، قطر، بعكس اليمن، السودان، سوريا، والمغرب التي تواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف الاقتصادية، السياسية، والبيئية.
- السعودية: تبنت استراتيجية شاملة لزيادة الإنتاج المحلي من خلال دعم الزراعة الذكية وتطوير الإنتاج الحيواني، وتوسيع الاستثمارات الخارجية من خلال شركة “سالك”.
- الإمارات: تركز على الزراعة العمودية، والزراعة الذكية، وتحقيق مرونة غذائية مستدامة بحلول 2051، عبر استثمارات في شركات مثل “بيور هارفست”.
- قطر: ركزت على تعزيز الإنتاج المحلي في اللحوم، والدواجن، والألبان، وزراعة الخضروات باستخدام تقنيات الزراعة داخل البيوت المحمية داخل البيئة الصحراوية.
التحديات التي تواجه جهود الأمن الغذائي
- ندرة الموارد المائية، خاصة مع اعتماد المنطقة على المياه الجوفية والمياه المعالجة وتكلفة استخدامها العالية، مما يعيق توسع زراعة المحاصيل الأساسية.
- ضعف البنية التحتية الزراعية، من حيث شبكات الري والنقل والتخزين، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة قبل وصول المنتجات للمستهلكين.
- نقص التمويل والاستثمار في القطاع الزراعي، نظراً لاعتباره من القطاعات ذات الربحية العالية والمخاطر المرتفعة.
- تدهور الأراضي وتزايد التصحر، وارتفاع معدلات الجفاف، مع تراجع الموارد المائية ومستوى التربة في بعض الدول.
- الاضطرابات السياسية والنزاعات المسلحة، التي تعيق تنفيذ برامج طويلة الأمد لتعزيز الأمن الغذائي، خاصة في دول مثل اليمن والسودان.
الدور الاستثماري والشراكات الخارجية في تحقيق الأمن الغذائي
- تبني دول المنطقة استثمارات داخلية وخارجية، من خلال مشاريع زراعية وتعاون مع شركات تكنولوجية، وشراء أراضٍ زراعية في أفريقيا وآسيا لتعزيز إنتاجية الغذاء وتقليل الاعتماد على الأسواق العالمية.
- مثال ذلك، استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على حصة من شركة سنغافورية متخصصة في بيع الحبوب والبذور، وتعاون مع شركات برازيلية لإنتاج الدواجن، والاستثمار الأجنبي المباشر في الأراضي الخارجية.
- الاستفادة من الشراكات مع منظمات دولية، مثل منظمة الأغذية والزراعة، وبرامج الأمم المتحدة المعنية، لدعم الخطط الوطنية وتحسين القدرات الإنتاجية والتغذوية.
ختاماً
على الرغم من الإنجازات المتحققة، تبقى التحديات الأساسية كافية لمنع تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي في العديد من دول المنطقة على المدى القريب. لذا فإن استراتيجيات التعاون الإقليمي، الاستخدام المستدام للموارد، والتكنولوجيا الحديثة، تظل ضرورية لتحقيق أمن غذائي مستدام ومرن يقلل من التبعية للخارج ويعتمد على تنمية موارد البلاد بشكل فعّال.