اقتصاد

الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: من يقود السباق؟

مقدمة عن تحديات الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط

يتعرض أمن الغذاء في دول المنطقة العربية لمواجهة العديد من التحديات، نتيجة الاعتماد المتزايد على الاستيراد الخارجي، بالإضافة إلى تأثيرات التوترات الجيوسياسية، التغيرات المناخية، واضطرابات سلاسل الإمداد، خاصة خلال الأزمات العالمية والنزاعات الإقليمية، مما يجعل من تحقيق الاكتفاء الذاتي هدفًا تحديًا يتطلب استراتيجيات متكاملة وجهوداً مستمرة.

جهود الدول في تعزيز أمنها الغذائي

استراتيجيات الاستجابة ودور الاستثمارات

  • في المملكة العربية السعودية، تركز الجهود على تعزيز مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي، مع خطة لزيادة الاستثمار في الزراعة المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الأساسية، خاصة الدواجن والقمح.
  • في الإمارات، تتبنى الدولة استراتيجية وطنية تتضمن 38 مبادرة قصيرة وطويلة المدى، تهدف إلى رفع مساهمة القطاع الغذائي، وتنظيم المخزون الاستراتيجي لمواجهة الأزمات.
  • مصر تعمل على خطة شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، مع استراتيجيات لزيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح، وتطوير مشروعات الاستصلاح الزراعي.

الدول الأكثر تقدماً وتأخراً في الأمن الغذائي

تصنف مؤشرات الأمن الغذائي العالمي الدول العربية إلى فئة المتقدمة، منها السعودية والإمارات وقطر، التي حققت تقدماً ملحوظاً نتيجة لتبني سياسات استراتيجية، والاستثمار في التقنيات الحديثة، وتطوير البنى التحتية الزراعية. بينما تواجه دول مثل اليمن والسودان وسوريا تحديات كبيرة بسبب النزاعات، والأوضاع الاقتصادية، وقضايا التغير المناخي، مما يؤثر على قدرتها على تحقيق أهداف الأمن الغذائي.

مبادرات الاستثمارات الداخلية والخارجية

  • تعمل الدول على دعم الإنتاج المحلي من خلال مشاريع زراعية، وتوسيع الشراكات مع دول ومؤسسات دولية، للاستفادة من التكنولوجيا والموارد خارجياً، وتطوير القدرات الزراعية.
  • تمويلات مثل الصناديق الزراعية والمشاريع الاستثمارية الخارجية، تعزز من جهود الدول لتحقيق الاكتفاء الذاتي، من خلال الاستثمار في الأراضي الزراعية الأجنبية، وإقامة الشراكات مع شركات متعددة الجنسيات.

الشراكات الدولية وجهود التعاون الإقليمي

تلعب الشراكات مع الدول والمنظمات الدولية دوراً محورياً في تعزيز الأمن الغذائي، عبر استيراد التكنولوجيا، تأمين سلاسل الإمداد، والتوسع في مناطق زراعية خارجية. وتتمثل هذه الشراكات في استثمارات في أراضٍ زراعية واسعة، وتطوير التقنيات الحديثة، ومشاريع الزراعة الذكية، لضمان استدامة الإنتاج وتنوع المصادر.

نماذج من الشراكات والتعاونات

  • شراكات مع السودان ومصر وإثيوبيا للاستثمار في الأراضي الزراعية، وزراعة محاصيل استراتيجية وتوريدها للأسواق المحلية.
  • تعاون مع شركات عالمية في التكنولوجيا الزراعية، مثل مشاريع الزراعة العمودية، وابتكارات الزراعة المستدامة.
  • استحواذ على حصص استراتيجية واستثمارات في شركات زراعية عالمية، لتعزيز قدرات الإنتاج وتوفير المنتجات العضوية في الأسواق المحلية والعالمية.

التحديات التي قد تؤثر على تحقيق الأمن الغذائي

رغم الجهود المبذولة، تواجه المنطقة العربية عدة تحديات تعيق الوصول إلى الأمن الغذائي المنشود، وأهمها:

  • ندرة الموارد المائية، مع اعتماد كبير على المياه الجوفية والمتاحة من مصادر محفوفة بالمخاطر البيئية، مما يرفع تكاليف الإنتاج ويحد من زراعة المحاصيل الأساسية.
  • ضعف البنية التحتية الزراعية، بما في ذلك وسائل الري وشبكات النقل والتخزين، مما يؤدي إلى خسائر في الإنتاج قبل وصوله للمستهلك.
  • نقص الاستثمار، حيث تعتبر الزراعة قطاعاً غير جذاب للمستثمرين المحليين والدوليين بسبب ارتباطه بالمخاطر والتحديات البيئية.
  • مشاكل تدهور الأراضي، وتفاقم التصحر، وتناقص الأراضي الصالحة للزراعة، إضافة إلى انخفاض منسوب المياه والتملح وارتفاع الملوحة في التربة.
  • اضطرابات سياسية ونزاعات مسلحة، تؤثر على القدرة على تنفيذ برامج طويلة الأمد لتعزيز الأمن الغذائي، خاصة في دول مثل اليمن والسودان، التي تعاني من الأزمات المستمرة.

ولذلك، يتطلب تجاوز هذه العقبات تبني استراتيجيات متكاملة، تشمل الاستخدام المستدام للموارد، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لضمان استدامة الأمن الغذائي في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى