اقتصاد
هل تبدأ كرة الثلج لوكالات التصنيف الائتماني الإقليمية من أفريقيا؟

جهود أفريقيا في تطوير وكالات التصنيف الائتماني الإقليمية وتحدياتها
تتصاعد الجهود في القارة الإفريقية لإنشاء وكالات تصنيف ائتماني إقليمية مستقلة، في ظل الانتقادات المتزايدة للطرق التي تعتمدها الوكالات العالمية في تقييم الاقتصادات النامية، حيث تعتبر بعض الحكومات والمؤسسات المالية أن التصنيفات الصادرة عنها لا تعكس الواقع بشكل دقيق، مما يؤثر على تكلفة الاقتراض السيادي ويحد من السيادة المالية. يأتي ذلك في سياق مبادرات تهدف إلى إنشاء بدائل محلية أو إقليمية تمتلك قدرة أكبر على فهم السياقات الاقتصادية والسياسية للدول الإفريقية.
دور ومعايير وكالات التصنيف الائتماني العالمية
تعريف ومعايير الوكالات
- تزود وكالات التصنيف الائتماني بمعايير مستقلة لتقييم الجدارة الائتمانية للدول والشركات، بهدف قياس قدرتها على سداد الديون والالتزام بالشروط التعاقدية.
- تصنف الوكالات مستوى المخاطر بشكل يتناسب مع قدرة المقترض على الوفاء بالتزاماته، حيث تعكس التصنيفات مرتفعة القدرة على السداد، والمنخفضة تشير إلى مخاطر عالية.
الأثر على كلفة التمويل
- تؤثر التصنيفات بشكل مباشر على شروط التمويل، إذ تحظى الجهات ذات التصنيف العالي بشروط ميسرة، في حين تواجه الجهات ذات التصنيف المنخفض فوائد أعلى.
الجهات الرائدة والمعايير المستخدمة
- تسيطر على السوق العالمية ثلاث وكالات رئيسية، وهي: وكالة تصنيف عالمية تعتمد على تحليل مالي شامل يشمل الميزانية، التدفقات النقدية، ونسب الدين، بالإضافة إلى مؤشرات اقتصادية وسياسية، وتُراجع تصنيفاتها بشكل دوري.
إمكانية التطبيق الإقليمي
- يمكن تطبيق معايير التصنيف عالميًا في إفريقيا والشرق الأوسط، بشرط تطوير القدرات التحليلية وتحسين جودة البيانات والشفافية التنظيمية، مما يعزز السيادة المالية ويوسع نطاق التمويل المحلي والدولي.
الوكالات الإفريقية البديلة وتحدياتها
مشروع وكالة التصنيف الإفريقية (AfCRA)
- تخطط الوكالة، المدعومة من الاتحاد الأفريقي، لبدء عملياتها بحلول نهاية سبتمبر 2025، مع أول تصنيف سيادي متوقع في أواخر 2025 أو أوائل 2026.
- تهدف إلى تقديم تقييمات مستقلة، خاصة لتصنيفات الديون المقوَّمة بالعملات المحلية، لدعم تطوير أسواق رأس المال وتقليل الاعتماد على التمويل الخارجي.
الوكالات الإفريقية الأخرى
- هناك وكالات محلية، مثل وكالة “ميريس” في مصر، والتي تعتمد منهجيات تحليل عالمية مع تطبيقها محليًا، بالإضافة إلى تحالفات محلية لتأسيس وكالات جديدة بتراخيص من الهيئات التنظيمية.
التحديات التي تواجه الوكالات الإقليمية
- ارتفاع الكلفة التأسيسية، إذ يُقدّر أن تبدأ من 500 مليون دولار، وهو مبلغ يصعب جمعه رغم الدعم المؤسسي.
- قلة الطلب السوقي على خدمات التصنيف، بسبب الطابع المحلي للأدوات المالية وعدم التزام الجهات المُصدِرة بالحصول على تصنيفات.
- غياب الاعتراف الدولي، إذ لا يعترف المستثمرون عادة بتصنيفات الوكالات غير المعتمدة من هيئات تنظيمية، مما يقيد فعاليتها.
- مخاطر تضارب المصالح، خاصة إذا كانت الوكالة مدعومة من جهات مالية أو إقليمية ذات مصالح متعددة.
- ضعف جودة البيانات في الدول الإفريقية، مما يؤثر على دقة التصنيفات وصدقيتها.
نجاحات وتجارب الوكالات البديلة حول العالم
نماذج ناجحة وأخرى فاشلة
- تُظهر التجارب الدولية أن النجاح يعتمد على الحوكمة الصارمة، والاستقلالية التنظيمية، والابتكار في منهجيات التقييم، وبناء مصداقية عبر المهنية وعدم التسييس.
- مثلاً، وكالة “داغونغ” الصينية مثار تحذير بعد تورطها في فضائح تلاعب، مما أدى إلى تعليق ترخيصها وفقدان ثقة السوق، موضحة أن الحوكمة الضعيفة تطيح بأي وكالة مهما كانت طموحة.
- وفي الهند، تعرضت وكالة “آي سي آر إيه” لانتقادات بسبب تدخلات العملاء، مما أثار الشكوك في نزاهة التصنيفات. في المقابل، ظهرت وكالات أخرى مثل “سكوب ريتينغ” الأوروبية، التي تعتمد منهجية مستقلة، ونجحت في كسب احترام السوق الأوروبية.
الانتقادات الإقليمية لوكالات التصنيف العالمية
الانتقادات من المنطقة
- في الشرق الأوسط، عبرت دول مثل مصر وتركيا عن استيائها من تشدد وكالات التصنيف الدولية. في عام 2022، انتقد وزير المالية المصري التصنيفات، واعتبر أن الوكالات تتجاهل سياق الأزمات وتزيد من تكلفة تمويل الدول.
- وفي تركيا، اتهم الرئيس رجب طيب أردوغان في 2018 الوكالات بمحاولة تقويض النظام المصرفي، بعد خفض التصنيفات وسط أزمة العملة.
- أما في أفريقيا، فكانت هناك انتقادات من نيجيريا، وغانا، وزامبيا، حيث اعتبرت خفض التصنيفات قراراً غير عادل، يعكس عدم فهم البيئة الاقتصادية، ويؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة ورفع تكاليف التمويل.
تأثير الانتقادات والمنظومات الدولية
- جهات دولية مثل “الأونكتاد” و”برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” تؤكد أن تقييمات الوكالات تفرض فوائد مرتفعة على الدول الإفريقية، وتُقدر أن ذلك كلف القارة أكثر من 74 مليار دولار من الفوائد الزائدة و الفرص المهدرة.
- الخبراء يشيرون إلى أن الإحباط غالباً يرجع إلى قلة الشفافية وعدم وضوح منهجيات التصنيف، مما يعزز الشعور بالتحيّز ويؤدي إلى المطالبة بتطوير نماذج تقييم أكثر مراعاة للواقع المحلي.