صحة

باحثون يطورون طريقة مبتكرة للتغلب على مقاومة سرطان الجلد للعلاج

نجح فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة نيوكاسل البريطانية في الكشف عن الآليات البيولوجية التي تؤدي إلى فشل بعض المرضى في الاستجابة لعلاج يُعرف باسم “تثبيط نقاط التفتيش المناعية”، وهو أحد أحدث أساليب العلاج المناعي في الأورام الصلبة، كما توصلوا إلى تركيبة علاجية جديدة قادرة على تجاوز هذا الفشل.

وذكرت الدراسة المنشورة في دورية “نيتشر إميونولوجي” أن نوعًا من الخلايا المناعية يُعرف باسم “الخلايا التائية المنظمة” (Tregs)، والتي تُعد حارسًا مهمًا على توازن الجهاز المناعي، مسؤولة عن فشل هذا النوع من العلاجات.

وقال الباحثون إن تثبيط بروتين PD-1، وهو أحد أهداف علاجات ICB، في هذه الخلايا تحديدًا يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يعزز نمو الورم بدلاً من مكافحته.

وأجرى الباحثون تجارب على نموذج فأري مُعدل وراثيًا صُمم خصيصًا لفهم مقاومة العلاج المناعي، بالإضافة إلى تحليل عينات من مرضى سرطان الجلد.

ما هو علاج ICB؟

هو أسلوب حديث يعتمد على تعطيل “نقاط التفتيش” في الجهاز المناعي، بهدف تحفيز الجسم لمحاربة الخلايا السرطانية ذاتيًا.

في الحالة الطبيعية، توجد على سطح خلايا المناعة بروتينات تعمل كمكابح أو ضوابط تمنع هذه الخلايا من مهاجمة الأنسجة السليمة، وتُعرف مجازًا بـ”نقاط التفتيش”.

لكن الخلايا السرطانية تستغل هذه المكابح وتستخدمها كستار لحماية نفسها من هجوم الجهاز المناعي.

وبالتالي، تُعطى الأدوية التي تعطل هذه المكابح، مما يحرر خلايا المناعة ويمنحها القدرة على مهاجمة الورم بشكل أكبر، إلا أن هذه الطريقة لا تؤدي دائمًا إلى النجاح، إذ قد تظهر نتائج عكسية عندما تستجيب خلايا معينة بشكل غير متوقع، مما يسهل نمو الورم بدلاً من تدميره.

لهذا، يتجه العلماء حاليًا نحو تطوير أساليب علاجية جديدة تراعي الفوارق الدقيقة داخل الجهاز المناعي، وتضيف أدوية مساندة تستهدف أنواعًا أخرى من البروتينات داخل الخلايا المناعية لتعزيز فاعلية العلاج وتقليل حالات الفشل.

ثورة في علاج السرطان

أحدثت علاجات نقاط التفتيش ثورة في مجال علاج السرطان منذ أكثر من عقد، لكن فعاليتها كانت مقتصرة على نسبة قليلة من المرضى، حيث يفشل أكثر من 60% من الحالات في الاستجابة له، رغم تكلفته العالية وآثاره الجانبية الكبيرة.

وأشار الباحثون إلى أهمية القدرة على تحديد المرضى غير المستجيبين مسبقًا وتقديم تركيبات علاجية ملائمة لهم، مما يُمثل إنجازًا طبيًا واستراتيجيًا واقتصاديًا.

وفي الدراسة، وجد العلماء أن تثبيط نقاط التفتيش يُحفز إنتاج بروتينات مناعية بديلة داخل الخلايا التائية المنظمة، مما يعزز خصائصها الكابتة للمناعة ويساعد الورم على التهرب من الاستجابة المناعية.

ومن بين هذه البروتينات، ركز الباحثون على بروتين CD30، ووجدوا أن استهدافه بمركب دوائي موجود في علاج سرطانات الدم، يُعرف بـ”برينتوكسيمايب فيدوتين”، يمكن أن يُعيد فاعلية العلاج المناعي حتى في الحالات المقاومة.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، شوبا أمارناث، إن هذا الاكتشاف لا يقتصر على سرطانات الجلد فقط، بل يحمل وعودًا لعلاج سرطانات الرئة والقولون والبنكرياس وغيرها من الأورام الصلبة، حيث يمكن تحسين الاستجابة بالعلاج بإضافة بسيطة لعقار مضاد لـCD30 إلى بروتوكول العلاج، مما يُسهم في تقليل الوقت المهدور في محاولات علاج غير فعالة.

كما أظهرت نتائج تجربة سريرية من المرحلة الثانية أُجريت في الولايات المتحدة على مرضى بمرحلة متقدمة من سرطان الجلد المقاوم، أن الجمع بين العلاج المناعي المضاد لـ PD-1 وبرينتوكسيمايب فيدوتين رفع متوسط البقاء على قيد الحياة بنسبة 24%، وهو تقدم مهم في مواجهة أحد أكثر أنواع السرطان فتكًا.

وكشف الباحثون عن خصائص غير متوقعة للخلايا التائية المنظمة في بيئة الورم، حيث أظهرت سمات تشبه الخلايا الجذعية، مما قد يمنحها القدرة على التجدد ودعم نمو السرطان حتى أثناء العلاج، مما يفتح الباب لاستهداف بروتينات جديدة تُفرزها تلك الخلايا، والتي قد تكون مفاتيح لعلاج أكثر فاعلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى