اخبار سياسية

بعد الاعتراف الإسرائيلي: كيف تطور ملف أرض الصومال على مدار ثلاثة عقود؟

الاعتراف المتبادل والتطورات الأخيرة

وقعت حكومة أرض الصومال إعلاناً مشتركاً للاعتراف المتبادل مع رئيسها عبد الرحمن محمد عبد الله، في خطوة تمثل تطوراً جديداً في ملف ظل عقداً من النقاش حول استقراره وسيادته. وتأتي هذه الخطوة في سياق ملف يواجه انتقادات وتحديات دولية، ويُنظر إليه كاختبار لمبدأ وحدة وسيادة الدول في النظام الدولي.

يظل هذا الملف أحد أبرز قضايا الشرق الأفريقي حساسية وتعقيداً، إذ يتجاوز كونه شأناً داخلياً إلى اختبار الأحكام المتعلقة بالحدود والسيادة في المجتمع الدولي، خصوصاً مع تطور التوازنات الإقليمية والدولية في القرن الإفريقي. وتعمل الأطراف المعنية على عوامل تؤثر في مسار الاعتراف، بما فيها العلاقات مع دول كبرى وإجراءات تحقق الاستقرار في المنطقة.

خلفية تاريخية

يقع إقليم أرض الصومال في موقع استراتيجي بجنوب البحر الأحمر، حيث نال استقلاله عن بريطانيا عام 1960 قبل أن ينضم إلى دولة الصومال لاحقاً، ثم اندلعت حرب أهلية وأُتِيَ بقصف على عاصمة الإقليم هرجيسا ما سبب أعداداً كبيرة من الضحايا. وبعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991 أعلنت الحركة الوطنية الصومالية استقلال الإقليم من طرف واحد وأطلقت عليه اسم «جمهورية أرض الصومال»، رغم أن المجتمع الدولي لم يعترف به كدولة مستقلة.

عقب الحرب الأهلية شهد الإقليم حالة من الاستقرار النسبي مقارنة بما صار في بقية أجزاء الصومال، فاستغلت حكومته هذه الوضعية لإعادة بناء جزء واسع من البنى التحتية. ومع ذلك ظل التوتر قائماً مع إقليم بنطند (أرض البنط) في الشمال الشرقي بسبب خلاف سيادي حول مناطق معينة، واندلعت مواجهات عسكرية متفرقة بين الطرفين. وفي أواخر التسعينيات أُجري استفتاء في الأرض أظهرت نتائجه تأييد السكان لمطالبهم بالاستقلال رغم أن المجتمع الدولي لم يقره كدولة.

الوضع السياسي والإداري في أرض الصومال

بعد الإطاحة بالحكومة الصومالية المركزية عام 1991 اتجهت الأرض الصومالية إلى بناء بنية حكم مستقلة فاعلة، وظهر بوضوح في أواخر التسعينيات دعم شعبي لاستقلالها عبر استفتاء حضي بتأييد واسع. وفي عام 2003 رفضت الحكومة المحلية المشاركة في محادثات سلام تهدف إلى توحيد البلاد، مشيرة إلى أن وضعها المستقل يمنعها من أن تكون طرفاً في مثل هذه المحادثات.

ومنذ إعلان الاستقلال شهد الإقليم تغيّرات رئاسية متتابعة، حيث تولّى ستة رؤساء رئاسة الإقليم منذ ذلك الحين، كما تُشير الحكومة إلى وجود مؤسسات حكم قوية بما فيها رئاسة وبرلمان ومجالس محلية منتخبة، إضافة إلى وجود جيش ونظام عملة وعلم ودستور مستقل عن صوماليلاند، ما يعزز صورة الإقليم ككيان ذو مقومات دولة كاملة.

المتطلّبات والركائز الأساسية للدولة في أرض الصومال

تؤكد حكومة أرض الصومال أنها تلبّي متطلبات الدولة من حيث وجود سكان دائمين يقاربون أربعة ملايين نسمة، ومساحة تفوق 176 ألف كيلومتر مربع، وإمكان الدخول في علاقات مع دول ذات سيادة، إضافة إلى وجود حكومة برئاسة وبرلمان ومؤسسات محلية منتخبة. كما أنها تملك جيشاً مستقلاً، وعملة خاصة، وعلماً، ودستوراً مستقلاً يختلف في مواده وبنيته عن دستور الصومال.

التوازنات الجيوسياسية والدبلوماسية

تضاعفت خلال السنوات الأخيرة محاولات أرض الصومال لتثبيت وجودها على الخريطة الدولية من خلال مساعٍ دبلوماسية وتكثيف حضورها في المحافل الدولية، بما في ذلك وجود ممثلين لها في عدد من الدول ومكاتب تمثيلية وقنصليات خارجية تتزايد تدريجياً. وتتناول تقارير إعلامية إن كان هناك طموح إلى عرض مبادرات لتقوية العلاقات مع قوى عالمية كبرى في إطار سعيها لإسناد وضعها ككيان ذي سيادة.

وقبل كل ذلك، تندرج هذه التطورات في سياق مناقشات أوسع حول الأوضاع في القرن الإفريقي والاتجاه الأمريكي والصيني في القارة، بما في ذلك وجود قواعد عسكرية خارجية في دول مجاورة وتنافس القوى الكبرى على النفوذ في المنطقة. وتذكر المصادر أن أرض الصومال تشدد على أن لديها حضوراً ديبلوماسياً في أكثر من عشرين دولة، مع وجود قنوات قنصلية ومكاتب تمثيلية تعمل خارج حدودها، وهو ما يعزز مسارها في محاولاتها لإثبات وجودها ككيان سياسي مستقل على الساحة الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى