اليمن.. المكلا تتطلع إلى مرحلة جديدة بذكريات الأمس
حشود مليونية دعماً للإنتقالي الجنوبي

أعلنت السعودية الثلاثاء 30 ديسمبر 2025، أنّها نفذت عملية عسكرية وصفتها” بالـمحدودة”، استهدفت ميناء المكلا في خطوة أثارت استغراب المراقبين والشارع اليمني
واستهدفت الغارةـ، بنية تحتية في الميناء، تعد شريان حياة للحضرميين، فيما وقعت قرب خزانات وقود ضخمة، أثارت مخاوف كبيرة، من أن تسبب في كارثة إنسانية وبيئية
وجاء ذلك، بعدما أعلن السعودية باسم التحالف ، أنه قرر التحرك عسكريا ضد المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت شرقي البلاد، استجابة لطلب من رئيس المجلس الرئاسي اليمني
وبعد الغارة، أعلن العليمي، حالة طوارئ، وإنهاء الشراكة العسكرية مع الإمارات، ولكن القرارات في المجلس تصدر بالإجماع وخاصة في الأمور السيادية، ما يعني أن القرار لا يستند على أي أساس بحسب مراقبين
وجاءت هذه الغارة، بعدما تدفقت يوم الاثنين 29 ديسمبر 2025، حشود جماهيرية ضخمة إلى ساحة المليونية بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، للمشاركة في مليونية شعبية دعا إليها أبناء الجنوب، تأييداً للقوات المسلحة الجنوبية ومطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي
وشهدت الساحة توافد الآلاف من المواطنين، بمشاركة نسوية، من مختلف مديريات حضرموت ، في مشهد وصف بالمهيب، وسط هتافات مؤيدة للقيادة الجنوبية ورافضة لبقاء أي قوات خارج إطار الشرعية الجنوبية على أراضي الجنوب، وفقا لما أوردت صحيفة الأمناء نت
ورفعت في الفعالية أعلام الجنوب ولافتات تطالب بالإسراع في إعلان الدولة الجنوبية، كما جددت الجماهير تفويضها الكامل للرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، للسير نحو تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي، وفقا لذات المصدر
وفي عام 1990، انضمت دولة الجنوب العربي لجمهورية صنعاء طوعيا، فيما بات يعرف بالوحدة اليمنية، في وقت شهد فيه العالم انهيارا متسارعا للنظام الدولي عقب نهاية الحرب الباردة
وبعد أربع سنوات فقط اندلعت حرب بين الجنوب والشمال، وأسفرت آنذاك، عن مقتل 7 آلاف مدني، واستعان الشمال ب12 مقاتل من الأفغان العرب، الذين تحركوار بعد فتاوى من الإخوان، بتكفير الجنوبيين، واستباحة أرواحهم
وفي سنة 2017، تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي، لتمكين الشعب هناك من ما سماهم حقوقهم الكاملة، وتمهيدا لاستعادة دولة الجنوب العربي ما قبل الوحدة، ومنذ ذلك الحين، ينتظر الجنوبيون، إعلان دولتهم المستقلة
المكلا.. عام من القاعدة
وكان تنظيم القاعدة قد سيطر على مدينة المكلا، عاصمة حضرموت، في عام 2015، وحوّلها إلى أحد أخطر معاقله في المنطقة، حيث استولى على موارد مالية كبيرة من عائدات النفط والموانئ
كما نفّذ التنظيم إعدامات ميدانية بحق مدنيين وصحفيين ، قبل أن تنجح قوات النخبة الحضرمية، بدعم من الإمارات، في طرده من محافظة حضرموت
ولكن التنظيم لا يبتعد كثيرا، إذ تبقت له خلايا هناك، في المنطقة، ونسق سرا مع مليشيات قبلية بقيادة عمرو بن حبريش، لإحداث الفوضى حتى يتمكن من العودة إلى المحافظة التي تعد أكبر منتج للنفط في اليمن، وتضم سبعة قطاعات منتجة وأكثر من 110 حقول نفطية ونحو 1500 بئر، مع احتياطي تقديري يصل إلى عشرات المليارات من البراميل، ما يجعلها محور صراع اقتصادي وأمني في آن واحد
وينتظر القاعدة الثغرات الأمنية لاستعادة موطئ قدم مستفيدًا من حالة الفراغ الأمني، والطبيعة الجغرافية الوعرة لوادي حضرموت، واحتدام الخلافات بين القوى المحلية والقبلية
تهديد للملاحة
وتشير تقارير، إلى أن عدم استقرار الجنوب بشكل عام، وحضرموت بشكل خاص، يؤثر بشكل مباشر على أحد أهم شرايين الملاحة والطاقة في العالم. فالمحافظة تضم حقولًا نفطية استراتيجية مثل المسيلة وعطوف وحلقوظ، يتم تصدير إنتاجها عبر ميناء الضبة (الشحر) المطل على بحر العرب، والمتصل مباشرة بخطوط الملاحة المؤدية إلى باب المندب وقناة السويس
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن الممر الملاحي الممتد من بحر العرب مرورًا بخليج عدن وباب المندب وصولًا إلى قناة السويس، يشهد عبور كميات كبيرة من النفط والغاز الموجهة إلى أوروبا وآسيا، ما يجعل أي اضطراب أمني فيه عامل ضغط مباشر على أسعار التأمين البحري وكلفة الشحن وسلاسل الإمداد
ويقع الجنوب على ضفاف مضيق باب المندب، الذي لا يعد مجرد ممر مائي، بل هو أحد أهم شرايين الاقتصاد العالمي حيث تمر عبر هذا المضيق نسبة كبيرة من التجارة الدولية، تقدر بنحو 25 ألف سفينة سنوياً، أي ما يمثل حوالي 7% من الملاحة العالمية. الأهم من ذلك، أنه ممر حيوي لنقل الطاقة، حيث تعبره ملايين براميل النفط يومياً من الخليج العربي باتجاه أوروبا وأمريكا الشمالية عبر قناة السويس وأي تهديد لهذا المضيق لا ينعكس فقط على دول المنطقة، بل يهز استقرار الأسواق العالمية بأسرها، ويؤثر على أسعار الطاقة والتأمين وسلاسل الإمداد الدولية، بحسب تقارير
لقد أثبتت السنوات الماضية، وتحديداً منذ انهيار الدولة المركزية وتمدد نفوذ الميليشيات، أن غياب سلطة جنوبية قوية ومسؤولة حوّل هذا الشريان الحيوي إلى “خاصرة رخوة” واستُخدم المضيق كورقة ضغط سياسي وأمني، وتعرضت الملاحة فيه لتهديدات متكررة من قبل جماعات إرهابية وقوى إقليمية تسعى لفرض أجنداتها، حسب تقرير أعده الصحفي محمد الزبيري
وأشار إلى أن “استعادة الدولة الجنوبية تعني ملء هذا الفراغ الاستراتيجي بكيان سياسي واضح، يمتلك الشرعية الشعبية والقدرة العسكرية على الأرض. دولة جنوبية مستقلة ستتعامل مع أمن باب المندب ليس كورقة مساومة، بل كمسؤولية وطنية ودولية، لأن استقرارها وازدهارها الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر بأمن هذا الممر ووجود قوات جنوبية وطنية، من أبناء المنطقة، تدرك أهمية تأمين سواحلها ومياهها الإقليمية، هو الضمانة الأكثر فاعلية وموثوقية لحماية هذا الشريان العالمي
وخلص إلى أن “الدولة الجنوبية المستقلة ستمتلك الدافع والمصلحة المباشرة في بناء قوات خفر سواحل قوية، وتطوير أنظمة مراقبة متقدمة، والتعاون بشكل فعال مع الشركاء الدوليين لمكافحة الجريمة المنظمة في البحر. هذا الأمر لا يخدم الجنوب وحده، بل يخدم دول الجوار في الخليج والقرن الأفريقي، ويساهم في تجفيف أحد أهم مصادر تمويل الجماعات الإرهابية وزعزعة الاستقرار
انهيار محتمل
في غضون ذلك، لا يستبعد مراقبون، أن تنهار الأوضاع الأمنية في الجنوب اليمني، وبالتالي المنطقة العربية، بعد قصف تعرضت له القوات الجنوبية 26 ديسمبر 2025، من طرف سلاح الجو السعودي
وجاء القصف، ساعات من كمين تعرضت له القوات الجنوبية من ميلشيات عمرو بن حبريش ، والحليف لتنظيم القاعدة
ويصب هذا التصعيد العسكري، في خدمة مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معها، وقد يحول المنطقة مجددًا إلى منصة لتهديد الملاحة الدولية وطرق التجارة العالمية
في غضون ذلك، لا زالت الحشود تتوافد يوميا إلى مخيم الاعتصام المفتوح في زنجبار كرسالة واضحة بمطلب شعبي لنيل الاستقلال والحرية وعودة الدولة الجنوبية التى كانت من أهم الدول العربية ذات التاريخ العريق في كل المجالات
الحشود المرددة والتى “تهتف بمخيم الاعتصام مصرة على أن المطلب الحقيقي لوجودها هنا وتحملها عناء الرحلة من أماكن متفرغة بابين ماهو الا تعبير حقيقي بأن المرحلة اليوم أصبحت فيه القضية الجنوبية واستعادة الدولة أصبح شي ملموس على الواقع فالانتصارات التى تحققها القوات الجنوبية في حضرموت والمهرة هي أكبر دليل أن الشعب الجنوبي يناضل من أجل الاستقلال وفك الارتباط واستعادة دولته الجنوبية.” حسب ابتسام ناصر
ويستقبل يوميا بحسب الكاتب، “مخيم الاعتصام بزنجبار الكثير من الوفود القادمة من كل أرجاء أبين صحراء وساحل مدن وريف هاتفين الدولة الجنوبية ولحقهم في استعادته ، المطلب الشعبي لكل الحشود الكبيرة بالاعتصام المفتوح بزنجبار.




