النقود منذ أن خرجت من الأكياس الثقيلة!

نشأة النقود الورقية وتطورها
بدأ تاريخ النقود الورقية في الصين بشكلها المعروف عندما حلت الإيصالات القابلة للتداول محل حمل كميات كبيرة من العملات المعدنية، وتحوّل الاقتصاد إلى وسائل دفع أخف وزناً وأكثر سهولة.
سمحت الحكومة خلال عهد تانغ للتجار بإيداع كميات كبيرة من العملات المعدنية واستلام إيصالات رسمية كضمان للدفع، وهذه الإيصالات تشكل الأسلاف المباشرين للنقود الورقية.
واجه النظام العقبة الأولى عندما احتجزت الحكومة عمولة قدرها 10% مقابل خدمة التخزين، ما حد من انتشار الورق في البداية.
حرصت الحكومة على تعزيز الثقة فأنشأت إصداراً رسمياً للأوراق النقدية وصنعت ورقاً من لحاء التوت وطبعت بألوان متعددة لتعقيد التزوير.
واجه النظام صعوبات في ضبط حجم الإصدار ما أدى إلى موجات تضخم منتظمة.
شهدت الفترة بين 1260 و1309 انهياراً كبيراً في قيمة النقود في عهد أسرة يوان، فاضطر الأمر إلى تخفيض العملة واستبدال الأموال القديمة بأخرى جديدة.
ظهر عام 1280 نوع من العملة الورقية الدائمة صالحة مدى الحياة وقابلة للاستبدال بالذهب أو الفضة أو البرونز.
انتشارها وتطورها عبر العالم
انتشرت فكرة النقود الورقية من الصين إلى آسيا والعالم العربي في القرن الثالث عشر بسبب العلاقات التجارية القوية، لكن وصولها إلى أوروبا تأخر قروناً.
ظهر الشكل الأوروبي الأول كإيصالات إيداع يصدرها صاغة الذهب وتؤكد امتلاك الفرد كمية من العملات المعدنية المخزنة لدى المصدر.
كان الخطر الدائم أن تفقد هذه الأوراق قيمتها إذا أفلس البنك الذي أصدرها، وهو ما أدى لاحقاً إلى فكرة البنك المركزي المملوك للدولة.
انتقال الفكرة إلى أوروبا وروسيا
صدرت أول ورقة نقدية حكومية رسمية في أوروبا عام 1661 في السويد من بنك ستوكهولم لأسباب عملية تتعلق بثقل النحاس وعدم ملاءمته للمعاملات الكبيرة.
أثبتت التجربة السويدية المبكرة أن الإفراط في الإصدار أدى إلى التضخم وفقدان الثقة، وإن كانت هذه التجربة قد رسخت المبدأ لاحقاً في أوروبا.
ظهر في روسيا أولى الأوراق النقدية عام 1769 بسبب الصعوبات في الدفع باستخدام النحاس، ثم جرى إصلاح نقدي بين 1839 و1843 بقيادة يغور كانكرين لاستبدال الأوراق القديمة بأوراق ائتمان حكومية قابلة للاستبدال بالفضة والذهب، وفي 1866 ظهر تصميم جديد يحوي صوراً لشخصيات روسية على ظهر الأوراق.
لماذا اعتمدت النقود الورقية؟ وما مخاطرها
تبيّن أن أسباب انتشار النقود الورقية عبر العالم شملت ندرة المعادن الثمينة، وصعوبة حمل العملة المعدنية وتكاليف النقل المرتفعة، فكانت الورقة النقدية أرخص وأسهل في الإنتاج وأكثر ملاءمة لتمويل النفقات وتوجيه العرض النقدي، لكنها تحمل مخاطر تضخم إذا أسيء إدارتها.
التحديات الحديثة ومستقبل النقود
شهد العصر الحديث ارتفاعاً في المدفوعات غير النقدية والتقنيات الرقمية، وهو ما يطرح تساؤلاً حول مستقبل النقود الورقية في ظل هذه التحولات.
يتحدد مستقبل النقود الورقية وفق توازن بين الابتكارات الرقمية والثقة العامة.




