تنتهي المهلة المحددة لتنفيذه خلال أيام.. ما مصير اتفاق 10 مارس بين دمشق و”قسد”؟

المسارات الثلاثة لمستقبل الاتفاق
تشير التطورات الأخيرة إلى أن مهمة دمج قوات قسد في مؤسسات الدولة السورية ما زالت معلقة قرب انتهاء المهلة المحددة في اتفاق 10 مارس، مع وجود مخاوف من عملية عسكرية تركية محتملة في شمال وشرق سوريا، إلا أن أنقرة نفت لاحقاً وجود خطط جديدة.
يبرز ثلاثة مسارات رئيسية للمستقبل: الأول يقوم على عقد اجتماعات حاسمة وتطبيق عملي وتدريجي لدمج قسد في بنية الدولة السورية، والثاني يقوم على التوافق على تمديد زمني يمنح مزيداً من الوقت لتسوية الخلافات، أما المسار الثالث فيتمثل بالتوجه نحو حسم عسكري من جانب دمشق لفرض سيادتها.
تطورات ميدانية وسياسية منذ اجتماع أكتوبر
منذ اجتماع 7 أكتوبر بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي بحضور المبعوث الأميركي توماس باراك في دمشق، ظل الملف في حالة مراوحة، مع تسريبات من قسد بأن الحكومة تخلّت عن شرط الاندماج كأفراد وتقدّمت بفكرة الدمج عبر ثلاث فرق في الحسكة ودير الزور والرقة وعين العرب، مع تزويد الحكومة بقائمة من نحو 70 قيادياً.
لم تؤكد دمشق صحة هذه التسريبات، لكن المحطات الميدانية والتبادل بين المناطق الخاضعة للطرفين تواصل في محاولة للوصول إلى صيغة توافقية لتطبيق الاتفاق، فيما لم تُعقد اجتماعات جديدة حتى الآن وقُرِب انتهاء مهلة التطبيق.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن الولايات المتحدة تحرص على ترتيب جولات تفاوض جديدة قبل نهاية العام بهدف دفع الطرفين إلى تقديم تنازلات تؤدي إلى تطبيق عملي للاتفاق.
أطراف دولية وخطابات حول الاندماج
كشف مصدر من الإدارة الذاتية عن استعدادات لعقد جولة تفاوض جديدة في ظل مساعٍ لإعطاء دفعة مستقبلية، مؤكدين حرص الطرفين على تجنب المواجهة والتوصل إلى صيغ توافقية للمضي في التطبيق.
كشفت وسائل إعلام محلية عن أن الحكومة الانتقالية قدمت لأول مرة مسودة تفاوض خطّية في إطار تطبيق اتفاق 10 مارس، معتبرة أنها خطوة إيجابية لكنها تبقى بلا تقدم جوهري في البنود الرئيسية المرتبطة بالحكم والادارة.
قال القيادي الكردي صالح مسلم من حزب الاتحاد الديمقراطي إن وزارة الدفاع السورية أبدت موافقة على مقترح دمج قسد ضمن ثلاث فرق ولواءين، مع الإشارة إلى أن الخلاف يتركز في بقية جوانب الاتفاق المتعلقة بالحكم والإدارة وكيفية تنظيم العلاقة بين الطرفين، بما في ذلك نموذج الحكم اللامركزي.
المسار العسكري والاندماج في الجيش السوري
كشف وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة أنه شرح لرئيس قسد عبدي رؤية الوزارة وبحث معه آلية الدمج، وأوضح أن مقترحاً تفصيلياً لدمج قسد في وزارة الدفاع جاهز ويحتاج أياماً للوصول إلى القيادات المعنية، مع توقع عقد اجتماع خلال أيام لترتيب العملية، ووصفه بأنه مرن ويهدف لتسهيل تطبيق اتفاق 10 مارس.
أصدر أبو قصرة قرارات بتعيين ثلاثة نواب له في مناطق شمال وجنوب وشمال غرب البلاد، وهو ما يُثير تساؤلات عن جدية الحكومة في التعاطي مع ملف الدمج مع وجود طلبات من قسد بنطاق أوسع.
أكّد قيادي كردي بارز أن وزارة الدفاع وافقت على مقترح دمج قسد ضمن ثلاث فرق ولواءين، مشيراً إلى أن الخلاف يكمن في بقية جوانب الاتفاق المتعلقة بالحوكمة والإدارة واللامركزية، وأن الطرفين يصران على وضع الضمانات اللازمة لضمان الالتزام ببقية البنود.
بنود اتفاق 10 مارس ومسارات التطبيق
تشمل بنود الاتفاق ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة وبغض النظر عن الخلفيات، وتأكيد أن المجتمع الكردي مكوّن أصيل في الدولة مع حقه في المواطنة وحقوقه الدستورية، ووقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية، ودمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر والمطار وحقول النفط والغاز، وضمان عودة المهجرين وحمايتهم، ودعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول النظام والتهديدات الأخرى، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، وسعي اللجان التنفيذية لتطبيق الاتفاق قبل نهاية العام الحالي.
تركيا وتطورات الإقليم وموقفها من التوافق
في ظل غياب خطوات ملموسة أو وجود ضمانات مكتوبة من الدول الراعية للاتفاق، تصاعدت اللهجة التركية، وأكدت ضرورة تطبيق قسد للاتفاق قبل نهاية العام، محذرة من خيارات عسكرية في حال استمرار المماطلة.
أعرب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن أمله في إجراء محادثات دمج بين دمشق وقسد عبر حوار سلمي، مع التأكيد على عدم الرغبة في اللجوء إلى وسائل عسكرية وأن صبر جميع الأطراف بدأ ينفد.
بينما قال زكي آق تورك، مستشار العلاقات العامة والإعلام في وزارة الدفاع التركية، إن بعض الدول تشجع قسد على رفض الاندماج ونزع السلاح، ورأى أن محاولات قسد لكسب الوقت بلا جدوى، وأن تحركات الجيش التركي في سوريا تعدّ إجراءات دبلوماسية عادية وليست استعداداً لعملية عسكرية.
ماذا قد يحدث حتى نهاية العام؟
وفق التطورات الراهنة، يتوقع أن يعقد اجتماع حكومي بحضور الشرع وعبدي والمبعوث الأميركي باراك والسفير التركي قبل نهاية العام لإعلان توافق عسكري على دمج نحو 50 ألفاً من قسد في ثلاث فرق، وربما لواءين أحدهما للمرأة وآخر لمكافحة الإرهاب، وهو ما قد يكون مدخلاً لتطبيق بقية بنود الاتفاق وتخفيف التوتر وتسهيل عملية الإعمار والاستثمار وتجنب التصعيد مع أهمية الحفاظ على الاستقرار في ظل رفع العقوبات الأمريكية.




