اخبار سياسية

من ميامي إلى بروكسل: اختبار حاسم لخطة السلام وتمويل أوكرانيا

تتصاعد جولات المحادثات الأمريكية-الروسية والأوروبية في وقت تتعقد فيه الجهود لإيجاد مخرج للحرب في أوكرانيا، مع تحركات عبر مسارات متعددة وضغوط مالية متزايدة على كييف.

وتسير قنوات الاتصال بين واشنطن وموسكو والأطراف الأوروبية على مسارات متعددة وسط انقسامات حادة في الاتحاد الأوروبي وقلق من الوضع المالي لأوكرانيا.

وتستعد مدينة ميامي لاستضافة جولة جديدة من المحادثات بين مبعوثين أميركيين وروس حول خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب ما نقل موقع أكسيوس عن مسؤول في البيت الأبيض.

ويواجه قادة الاتحاد الأوروبي اختباراً مصيرياً في قمة بروكسل المرتقبة تتعلق بتمويل أوكرانيا وضمان أمنها ومستقبل التوسع الأوروبي.

ومن المتوقع أن يصل كيريل دميترييف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى ميامي لإجراء محادثات مع مبعوث أميركي ستيف ويتكوف ومستشار ترمب جاريد كوشنر، وفق ما ذكرت وسائل إعلام.

وسيسعى مستشارو ترمب إلى إطلاع مبعوث بوتين على التقدم المحرز في المحادثات بين الأميركيين والأوكرانيين، في محاولة لإقناع موسكو بالموافقة على المقترح المحدث.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن فريقه التفاوضي سيكون في الولايات المتحدة يومي الجمعة والسبت.

ولا توجد في الوقت الراهن أي خطة لعقد اجتماع ثلاثي يجمع الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا، وفق مصادر مطلعة.

وتأتي زيارة دميترييف عقب مفاوضات مكثّفة جرت نهاية الأسبوع الماضي في برلين بين مسؤولين أميركيين وأوكرانيين بشأن خطة السلام التي طرحها ترامب.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس إنها تتوقع توصل الدول الأعضاء إلى اتفاق بشأن تمويل أوكرانيا في القمة المرتقبة في بروكسل، وأضافت أنها لن تغادر المجلس دون حل وتؤيد بلجيكا.

وبينما تقارب المحادثات الخاصة بالضمانات الأمنية تقدماً ملموساً، تظل الخلافات قائمة حول مسألة الأراضي في أي اتفاق محتمل.

وتُعد قمة المجلس الأوروبي فرصة أخيرة لإثبات قدرة التكتل على اتخاذ قرارات حاسمة، مع تزايد المخاطر من أن الخلافات الوطنية قد تعرقل التمويل والالتزامات تجاه أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن المقترح الأوروبي يتيح استخدام أصول روسية مجمّدة بقيمة نحو 210 مليارات يورو لتمويل قرض لأوكرانيا عبر آلية يقع مقرها في بروكسل، وهو ما يجعل موقع يوروكلير في بروكسل محوراً حاسماً في النقاش البلجيكي.

وتكتسب موافقة بلجيكا أهمية حاسمة لأن معظم هذه الأصول موجودة في يوروكلير، وتخشى الحكومة البلجيكية من مخاطر مالية وتعويضات محتملة أو إجراءات انتقامية روسية.

وتعترضت إيطاليا وبلغاريا ومالطا على الخطة، محذرة من آثارها على أوكرانيا التي تواجه عجزاً في ميزانيتها يقدَّر بنحو 71.7 مليار يورو العام المقبل.

اقترحت بعض الدول مثل ألمانيا ولاتفيا تجاوز مخاوف بلجيكا عبر التصويت بالأغلبية المؤهلة بدلاً من الإجماع، وهو ما يعني موافقة 15 دولة من أصل 27، لكن مسؤولين بلجيكيين قالوا إن لا جدوى من ذلك لأن الأموال لن تُفرج حتى إذا جرى تجاوز الفيتو.

في حال فشل الاتفاق على الأصول الروسية المجمدة، سيلزم الاتحاد الأوروبي البحث عن وسائل بديلة لدعم كييف، وهو التزام أكّدته قمة أكتوبر السابقة.

وتطرح مسودة توصيات القمة خيارين رئيسيين: الاعتماد على أصول روسية مجمّدة لإطلاق تمويل، أو إصدار سندات مشتركة مدعومة بميزانية الاتحاد للفترة المقبلة، مع استبعاد المجر وسلوفاكيا من آلية الدين المشتركة.

أما اتفاق السلام، فقد شهد صدمة حيال التنازلات الكبيرة التي اقترحتها واشنطن لروسيا لكنها تولد خطاً موازياً يركز على ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، وهو ما أكده المستشار الألماني خلال مؤتمر صحافي مع زيلينسكي بأن وقف إطلاق النار بات ممكناً للمرة الأولى منذ 2022.

ويُتوقع أن يحضر زيلينسكي قمة بروكسل ليقدم إحاطة حول تقدم المفاوضات، مع تعهد الاتحاد بتوفير ضمانات أمنية قوية وبتقرير القضايا ضمن صلاحياته وبما يمسّ أمنه، مع توجيه رسالة غير صريحة إلى واشنطن بأن القرار النهائي في البرلمان الأوروبي نفسه.

وتسود القمة أيضاً نقاشات حول تعزيز قدرة التنافسية الأوروبية في مواجهة الولايات المتحدة والصين، إذ أشارت مسودة التوصيات إلى أن القادة سيبحثون سياسات الخارج والاقتصاد وتداعياتها على تفادي شلل التكتل مع امتلاك قرارات حاسمة عند زيادة عدد أعضائه.

ولم تدرج مسودة القمة بشكل رسمي اتفاق ميركوسور التجاري مع تكتل أميركا الجنوبية ضمن جدول الأعمال، بينما يسعى الفرنسيون مع الإيطاليين لتأجيل التصويت حمايةً للقطاع الزراعي، وتتعهد الدانمارك بإجراء التصويت في الوقت المناسب للسماح لرئيسة المفوضية بزيارة البرازيل لتوقيع الاتفاقية.

وفي غرب البلقان التقى قادة الدول المعنية في بروكسل لاستعراض طلبات الانضمام إلى الاتحاد، مع تقدم الجبل الأسود في إغلاق عدة فصول تفاوضية سعت إلى انضمام بحلول عام 2028، فيما يظل ملف التوسع أحد أبرز محركات النقاش في القمة المقبلة.

تركز المحادثات على إصلاحات هيكلية داخلية لضمان قدرة الاتحاد على اتخاذ قرارات كبرى في ظل وجود عدد متزايد من الدول الأعضاء، وتبدو مسألة التوسع وملفات تمويل أوكرانيا بجانبها كعناصر حاسمة لتحديد وجهة السياسة الأوروبية في المرحلة المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى