الانهيار بدأ في أوروبا.. خبراء مصريون يصفونها بأنها “أكبر ورطة في التاريخ”

انخفاض التصنيف الائتماني وتأثيراته المحتملة
أعلنت وكالة فيتش التصنيف الائتماني بوضع شركة يوروكلير تحت المراقبة مع توقعات سلبية، استجابةً للخطة الأوروبية المعلَنة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة في تمويل قروض موجهة لأوكرانيا، واعتبرت الوكالة أن هذه الخطوة تزيد المخاطر القانونية والتشغيلية على الشركة وقد تؤدي في المستقبل إلى خفض تصنيفها الائتماني الفعلي.
قالت الدكتورة وفاء علي، أستاذة الاقتصاد والطاقة، إن مآلات المشهد تشي وتشير إلى أن أوروبا تدفع الثمن كنتاج طبيعي وواقعي لانجرارها وراء سياسات الولايات المتحدة في حروب الوكالة، وأضافت أن الجرس إنذار يدق داخل القارة العجوز بسبب دعمها لأوكرانيا دون تحفظ بينما تقف الولايات المتحدة على مسافة آمنة تراقب غرق الاقتصاد الأوروبي.
وأشارت إلى أن الأسواق الأوروبية لم تهدأ منذ اندلاع الحرب، ما أدى إلى ارتباك هيكلي وتفكك في قلب الاقتصاد الأوروبي، مشددة على أن مستقبل الناتو كله أصبح في خطر، لافتة إلى أن الأزمة لا تعود فقط إلى الحرب الروسية-الأوكرانية، بل أيضًا إلى قواعد الرسوم الترامبية وسرديتها التي أدخلت أوروبا في دائرة الخطر.
واقع الأسواق والتحديات الاقتصادية الأوروبية
وأوضحت الدكتورة علي أن أوروبا تواجه أكبر ورطة اقتصادية في تاريخها الحديث، إذ ترزح تحت عجز كبير في الموازنات، مع تزايد الدين العام وارتفاع الفوائد في حلقة مفرغة، وتحدثت عن تداعيات تسريبات موازنة بريطانيا وضعف الاقتصاد الألماني والفرنسي، وانسحاب المستثمرين من الأسواق وتراجع الثقة، بينما بدأت الأسواق تعيد تسعير المخاطر وتراجع البورصات الأوروبية وتجميد المشروعات الكبرى ووصلت الأزمة إلى قلب الصناعة الأوروبية.
وأكدت أن الملامح الأولى لهذه الأزمة هي نزيف الإنفاق الدفاعي الأوروبي الذي يحِمِّل المستهلك الأوروبي عبئه، ما يجعل النموذج الاقتصادي الأوروبي في خطر، وأشارت إلى أن إغلاق شركة فولكسفاغن أبوابها في ألمانيا يمثل دليلًا صارخًا على التراجع.
وقالت إن أعمدة الاقتصاد الأوروبي اهتزّت، مع فقدان 250 ألف وظيفة في بريطانيا، وهجرة 138 ألف عامل، ووجود “ألم اقتصادي صامت” يتمثل في غياب أوروبا عن المشهد الاقتصادي العالمي، مع استمرار التضخم وعدم اليقين وتراجع النمو وارتفاع تكاليف الطاقة وضغوط السياسات الحمائية وارتفاع الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من 2% سابقاً.
إجراءات وتداعيات إضافية مرتبطة بالصين والاقتصاد الأوروبي
ووصفت الدكتورة علي ما يحدث بأنه فتح الأسواق على مصراعيها لغزو الصناعة الصينية، مشيرة إلى أن أوروبا تنازلت عن مكانتها أمام العملاق الصيني المكتسح، رغم تآكل القوة الشرائية الأوروبية وانهيار العوامل المساعدة في إنعاش اقتصادها.
ودعت إلى الاستيقاظ قبل فوات الأوان والتحرر من الارتباط العضوي بالأمريكيين والدخول إلى العام الجديد بروح مختلفة.
دراسة: ألمانيا خسرت 73% من صادراتها إلى روسيا بسبب العقوبات
أظهرت دراسة أن ألمانيا خسرت نحو 73% من صادراتها إلى روسيا بسبب العقوبات، وهو مؤشر على آثار العقوبات على التجارة الأوروبية وتوجيه صادرات ألمانيا في المرحلة الراهنة.
وجهات نظر أخرى من خبراء اقتصاديين
أكد الدكتور محمد أنيس أن التوسع غير المسبوق للبضائع الصينية في الأسواق العالمية يمثل ضغطًا على السوق الأوروبية ووصفه بأنه “أزمة كونية” تهدد هيكل الصناعة وتقلل من مصداقية معيار المنافسة العادلة.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يعاني من مشكلات هيكلية عميقة؛ فرغم أن السياسة النقدية تبدو متوازنة نسبيًا مع انخفاض التضخم ووجود فائدة محايدة، فإن السياسة المالية تعيش في مأزق، وأوضح أن ألمانيا المحرك الاقتصادي لأوروبا لم تحقق معدلات نمو ملموسة منذ خمس سنوات، وتواجه تحديًا مزدوجًا في التصدير إلى الولايات المتحدة والصين، خاصة في قطاعي السيارات والماكينات، مع توجه الصين نحو الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
أبرز التطورات عن الشركات والصناعات الأوروبية
لأول مرة منذ 88 عامًا، تستعد فولكسفاغن لإغلاق خط إنتاج في ألمانيا خلال تاريخها الطويل، وهو مثال صارخ على التراجع الصناعي الذي تعيشه القارة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأعرب الدكتور أنيس عن أن استمرار هذا الميزان التجاري الخاسر أمام الصين لا يهدد الاقتصاد فحسب، بل يهدد العرق البشري والقيم الاقتصادية والاجتماعية التي بنِيت عليها أسواق العمل الحديثة، مطالبًا بتحرك دولي عاجل لحماية الصناعات الوطنية وضمان عدالة التبادل التجاري.




