تقرير: ميرتس يدفع ألمانيا لتولي دوراً قيادياً في الاتحاد الأوروبي

تحول في القيادة الألمانية داخل الاتحاد الأوروبي
يعزز ميرتس دوره القيادي داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يسعى لإبراز ألمانيا في قلب الشأن الأوروبي ويضع نفسه كمدافع عن أوروبا بأكملها إلى جانب أوكرانيا، وفق ما ورد في بوليتكو، وهو تحول يعتبره البعض جذرياً في السياسة الخارجية الألمانية مقارنة بسلفيه شولتس وميركل اللذين فضلا التريث وتجنب المخاطر.
وصاغ الألمان لفظة “ميركلن” للدلالة على التردد والتأجيل، وهي مشتقة من اسم ميركل وتُستخدم كناية عن أسلوب قيادة حذر ومتجنب للمواجهة.
واتخذ ميرتس موقفاً أكثر فاعلية داخل الاتحاد الأوروبي، محتذاً بنموذج فرنسا في عهد ماكرون، وبرز كأبرز المدافعين عن خطة تمويل أوكرانيا بقرض قيمته 210 مليارات يورو، مدعوماً بأصول روسية مجمدة.
وفي بداية ديسمبر، التقى ميرتس رئيس الوزراء البلجيكي برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لإقناعه بالتراجع عن معارضته، في حين أشار دبلوماسي إيطالي إلى أن ميرتس يمثل النقيض التام لرأي ميركل في إدارة القضايا الأوروبية.
وخارج إطار شؤون الاتحاد الأوروبي، تجاوز ميرتس التذبذب الأميركي حول المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتآكل التحالف الأطلسي، ما دفعه إلى تجاوز حدود ألمانيا في السياسة الخارجية.
تعهد ميرتس مراراً بأن تضطلع ألمانيا بدور قيادي في المحافل الدولية، وأكد مع زيلينسكي أن «مصير أوكرانيا هو مصير أوروبا كلها» وأن دعم كييف بشكل وثيق في المفاوضات هنا في برلين مهمة أساسية أخذها على عاتقه.
هل أوروبا قادرة على “الوقوف جنباً إلى جنب”؟
كانت محاولة ميرتس الوفاء بوعد القيادة واضحة هذا الأسبوع، فبينما أشاد بضغط ترمب لإيجاد سلام، وضع نفسه في مواجهة مباشرة مع الرئيس الأميركي لضمان ألا تُفرض واشنطن اتفاقاً غير عادل.
عارضت إدارة ترمب أيضاً مقترح الاتحاد الأوروبي بشأن الأصول الروسية المجمدة، مفضلةً تحقيق أرباح من تلك الأصول في إطار أي سلام محتمل.
قال نوربرت روتجن، نائب ألماني من المحافظين المؤيدين لميرتس: “واشنطن تمارس ضغوطاً هائلة هنا، لذا هذه مسألة تأكيد موقفنا تجاه واشنطن”.
وقبيل اجتماع قادة أوروبا الحاسم الخميس، وصف ميرتس القرار المرتقب باستخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة بأنه اختبار لقدرة أوروبا على الدفاع عن نفسها.
وفي حديثه الاثنين، قال: “دعونا لا نخدع أنفسنا، إذا لم ننجح في ذلك ستتضرر قدرة الاتحاد الأوروبي على التحرك لسنوات” وأضاف: “سنظهر للعالم أننا عاجزون عن الوقوف جنباً إلى جنب والعمل دفاعاً عن نظامنا السياسي.”
استضاف ميرتس زيلينسكي ومبعوثي الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر في برلين، وأكد زيلينسكي أن برلين تقف في قلب محادثات ومفاضلات دبلوماسية مهمة، وكانت نتيجة المحادثات مثمرة للغاية واعتبر ميرتس أن ألمانيا شهدت زخماً دبلوماسياً ربما الأكبر منذ اندلاع الحرب، مع وجود فرصة لعملية سلام حقيقية لأوكرانيا رغم أن الفرصة لا تزال قائمة وتتطلب جهداً مستمراً.
جهود محفوفة بالمخاطر
وصفت المجلة هذه المساعي بأنها محفوفة بالمخاطر، فالقادة الأوروبيون رحبوا بجهود ميرتس لاستعداد ألمانيا لتحمل دور قيادي أكبر، بما في ذلك قرار المستشار السابق فتح باب الاقتراض بمئات المليارات من اليوروهات لتعزيز القدرات العسكرية.
غير أن نفوذ ألمانيا داخل الاتحاد يقتضي توازناً دقيقاً، وأحياناً بدا ميرتس متجاوزاً لهذا التوازن عندما نادى بمواقف حازمة تجاه وثيقة الأمن القومي لإدارة ترامب التي وصفت الاتحاد الأوروبي ككيان عابر للحدود، فدانه واعتبره غير مقبول.
وفي المقابل، اقترح مخرجاً بدا كأنه يضعف الاتحاد الأوروبي: “إذا لم تتمكن من التوافق مع أوروبا، فاجعل ألمانيا شريكك على الأقل”، وهو تصور يعكس سعياً لإبراز المصالح الألمانية في مفاوضات التجارة داخل الاتحاد وفي مسألة الحظر المقترح لمحركات الاحتراق، مع نجاح في تخفيف حدة المقترح.
ويتساءل المراقبون عما إذا كانت جهوده ستُنجح أم ستفشل، خصوصاً مع وجود معارضة من بلجيكا وإيطاليا للخطة الخاصة بالأصول الروسية، مما يجعل مسألة التطبيق الواقعي في الدول الأعضاء أمراً حساساً وحافلاً بالتحديات.




