هونغ كونغ.. حكم بإدانة قطب الأعمال المعارض لبكين جيمي لاي في قضية الأمن القومي

أدانت المحكمة العليا في هونغ كونغ رجل الأعمال والناشط المؤيد للديمقراطية جيمي لاي بتهمة التآمر مع قوى أجنبية في أبرز محاكمة تشهدها المدينة بموجب قانون الأمن القومي الذي فرضته الصين، وهذه التهمة قد تقوده إلى السجن مدى الحياة.
اعتُقل لاي في عام 2020 بعد احتجاجات واسعة، وأغلقت السلطات صحيفته المؤيدة للديمقراطية “آبل ديلي”، التي كانت من أبرز الأصوات المنتقدة لبكين.
وفي محاكمته الحالية، قال الادعاء إنه تآمر مع آخرين للتواطؤ مع قوى أجنبية ونشر مواد تحريضية، معتبراً أنه “خان المصالح الوطنية بوضوح”. كما اعتمد الادعاء على مقالاته ورسائله النصية ومنشوراته على مواقع التواصل وبرامجه المباشرة.
اعترف لاي بأنه دعا سابقاً إلى فرض عقوبات أجنبية على الصين، لكنه قال إنه توقف بعد دخول قانون الأمن القومي حيّز التنفيذ في هونغ كونغ، مؤكداً أمام المحكمة أنه كتب دون نية تحريضية. غير أن المحكمة رفضت هذه الحجج، وذكرت في حكم من 855 صفحة أن حملة لاي ضد جمهورية الصين الشعبية استمرت طوال حياته وتواصلت بصورة أقل صراحة بعد سنّ القانون.
وقالت القاضية إستر توه أثناء تلاوة الحكم: “لا شك أن (لاي) كان يحمل استياءً وكراهيةً لجمهورية الصين الشعبية طوال سنوات عديدة من حياته.”
من الصين إلى هونغ كونغ
وُلد لاي في البرّ الرئيسي الصيني، وكان في الثانية عشرة من عمره عندما وصل إلى هونغ كونغ متسللاً على متن قارب صيد، آملاً في حياة أفضل في المستعمرة البريطانية آنذاك. وبدأ العمل طفلاً في مصنع قفازات، ثم تعرف إلى صناعة الملابس وأسّس لاحقاً سلسلة جيوردانو عام 1981.
وشكّل قمع الاحتجاجات الطلابية المطالِبة بالديمقراطية في ميدان تيانانمن عام 1989 بداية اهتمامه بالإعلام. وأسّس مجلة “نيكست” في 1990، وبعد خمس سنوات أطلق صحيفة آبل ديلي، التي جذبت جمهوراً واسعاً بتقاريرها المثيرة وتحقيقاتها الاستقصائية ومقاطعها الفيديوية القصيرة المتحركة. وبسبب انتقادها العلني لحكومتي هونغ كونغ والصين، لاقت رواجاً بين القرّاء المؤيدين للديمقراطية.
وفي 1994 وجّه لاي إهانة لرئيس الوزراء الصيني لي بِنغ، واصفاً إياه بعبارة مسيئة في الثقافة الصينية بعد أن برر قمع تيانانمن، وهو ما دفع الصين إلى الضغط على علامة جيوردانو ما اضطر لاي إلى بيع حصته في الشركة.
وأضاف صديقه القديم والناشط لي وينغ-تات أن لاي كان مؤمناً إيماناً راسخاً بالديمقراطية والحرية وبمبدأ “حكومة صغيرة وسوق كبير” الذي يدعو إلى الحد الأدنى من تدخل الدولة والتجارة الحرة. وتحدث عن نشاطه في تنظيم لقاءات غير رسمية في تسعينات القرن الماضي لنواب ديمقراطيين وأكاديميين، كما شارك في التظاهرات ومنها احتجاجات 2014 المعروفة بـ”حركة المظلات”، وقدم تبرعات لأحزاب مؤيدة للديمقراطية، وكانت صحيفته تحث القرّاء على المشاركة في الاحتجاجات.
كان لاي من بين المتظاهرين في احتجاجات 2019 المناهضة للحكومة، والتي لم يكن لها قيادة مركزية، كما التقى آنذاك نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو لبحث التطورات المرتبطة بمشروع قانون، سُحب لاحقاً، أشعل الاضطرابات ما أثار غضب بكين.
احتجاجات 2020 وآثارها
في عام 2020، ومع اقتراب فرض قانون الأمن القومي الصيني على هونغ كونغ، أطلقت آبل ديلي حملة تشجع القرّاء على مطالبة الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب بـ”إنقاذ هونغ كونغ”. خلال المحاكمة، قال مسؤولون في الصحيفة إن لاي كان يؤثر في التغطية التحريرية، واتهمه الادعاء بأنه طلب من الموظفين عدم استهداف ترمب بالنقد، بينما شهد لاي لاحقاً بأنه كان يأمل أن يتمكن الرئيس الأميركي من وقف قانون الأمن القومي.
وبعد دخول القانون حيّز التنفيذ في يونيو 2020، قال لاي لوكالة “أسوشيتد برس”: “هونغ كونغ ماتت”. وبعد نحو شهر، أُقِنش لاي بموجب القانون خلال مداهمة الشرطة لمبنى الصحيفة، في عملية صدمت الوسط الإعلامي المحلي. وفي 2021، أدت اعتقالات كبار التنفيذيين وتجميد بعض الأصول إلى توقف الصحيفة عن الصدور.




