قلق أوروبي من احتمال وجود «حصان طروادة» في خطة سلام لأوكرانيا.. وواشنطن: لا شيك على بياض

تترقّب كييف وحلفاؤها الأوروبيون نتائج الاجتماعات المرتقبة في برلين يومي الأحد والاثنين بمشاركة مسؤولين أميركيين وسط تشكيك حيال خطة السلام الأمريكية.
وذكرت تقارير بلومبرغ أن الأوروبيين يعبرون عن قلق متزايد من أن الاتفاقية التي ترعاها واشنطن قد تُستغل كحصان طروادة لروسيا، ما يفتح الباب أمام إعادة غزو أراضٍ في منطقة دونباس الشرقية عند تطبيقها.
وتوضح المصادر أن الخطة الأميركية تقترح منطقة منزوعة السلاح مع وجود ضمانات لجهة إشراف وتثبيت، وهو ما يخشى الأوروبيون أن يُستخدم كغطاء لنشر قوات روسية سرية في المنطقة المتنازع عليها، وهو احتمال يعتبرونه غير مقبول من طرف كييف وحلفائها.
وتتركز المخاوف الأوروبية أيضاً على أن وضع المنطقة منزوعة السلاح والجهة التي ستشرف عليها غير واضحين، وأن المقترحات الأميركية قد تتيح لروسيا تقاسم السيطرة أو توسيع نفوذها في أجزاء من دونباس بشكل يقطع أمام كييف ضماناتها الأمنية ويقلل من قدرتها على ردع الهجوم في المستقبل.
ملامح الخطة الأميركية والموقف الأوروبي
بحسب الخطة، سيتم الاعتراف بشبه جزيرة القرم ومنطقتي لوجانسك ودونيتسك كأراضٍ روسية فعلية، وتجميد خطوط التماس في خيرسون وزابوريجيا مع استمرار المطالبة الروسية ببقية أراضي هاتين المنطقتين.
وذكرت المصادر أن روسيا قد تستغل أي انسحاب أوكراني من المناطق التي لا تزال تخضع لسيطرة كييف كذريعة لتعزيز وجودها، وهو ما يجعل القلق الأوروبي يتركز على منع أن يكون اتفاق السلام بوابة لتقليل الضغط على روسيا أو كحجة لاحتلال إضافي.
ولا يزال وضع المنطقة منزوعة السلاح وجهة الإشراف عليه غير واضحين، ويواجه الأوروبيون صعوبات في قبول أي خيار يفضي إلى تقليص وجود القوات الأوكرانية أو الامتناع عن مواجهة روسيا بشكل أقوى في المستقبل.
من جانبها، تواصل كييف رفض أي تنازل إقليمي وتطالب بضمانات أمنية قوية تشبه آلية الدفاع المشترك في الناتو، بما في ذلك مفهوم المادة الخامسة التي تنص على الرد الجماعي عند الهجوم على أي عضو من أعضاء الحلف.
وإذ يتحدث مستشارو الكرملين عن منطقة منزوعة السلاح يقودها قوات الحرس الوطني أو الشرطة بدل الجيش الروسي، يقول بعض الأوروبيين إن مثل هذا المقترح غير قابل للتطبيق من منظور أوكرانيا وحلفائها.
في سياق برلين، يلاحظ أن المباحثات تتركز حول تضييق الفجوات في الرؤى الأميركية الأوروبية بشأن الأراضي والضمانات الأمنية المحتملة لأوكرانيا، مع بحث إمكانية إدراج بند شبيه بم المادة الخامسة من الناتو بهدف طمأنة كييف في حال جرت هجمات جديدة من روسيا.
وتواجه أوروبا ضغوط حول عناصر تشمل الانضمام السريع لأوكرانيا إلى الناتو، بينما تبقى الرؤية الأوروبية واقعية وتدعم تفاهماً يحفظ المصالح السيادية لأوكرانيا مع الحفاظ على استقرار المنطقة، ويتمسك الأوروبيون بتحديد آلية تفاوضية واضحة قبل أي ربط بين الأراضي والضمانات الأمنية أو إعادة الإعمار.
وتعتبر كييف أي اتفاق يتطلب تنازلات في الأراضي خطاً أحمر، وتؤكد أنها تحتاج إلى ضمانات أمنية محكمة، بينما يبقى السؤال حول مدى قبول روسيا وواشنطن بمقترحات الطرف الآخر، وهذا يجعل الترتيبات النهائية قابلة للتعديل في الأسابيع المقبلة.
وفي إطار المحادثات، أبدى مسؤولون أميركيون استعدادهم لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا قائمة على بنود واضحة، مع تأكيد أن هذه الضمانات لن تكون “شيكاً على بياض”، بل ستخضع لتصويت الكونغرس لتصبح ملزمة قانوناً.
وأشار مسؤول أميركي رفيع المستوى إلى وجود ثلاثة اتفاقات منفصلة مقترحة: اتفاق سلام، وضمانات أمنية، وإعمار ما بعد الحرب، مع الإشارة إلى أن المحادثات الأخيرة أعطت الأوكرانيين رؤية واقعية لما سيحدث في اليوم التالي.
وقد أشار المسؤولون الأميركيون إلى أن خطة اليوم تقضي بأن تنهي الحرب مع احتفاظ أوكرانيا بسيادتها على نحو 80% من أراضيها، مع حصولها على أقوى ضمانات أمنية وتوفير حزمة استخراج اقتصادي مهمة، ما يعزز قدراتها على التعافي والازدهار بعد الحرب.
يُشارك في المحادثات في برلين المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، إلى جانب زعماء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في مسعى للوصول إلى أرضية مشتركة حول مسودة خطة السلام المقترحة، في حين يحذر قادة أوروبيون كييف من التسرع في الاتفاق الذي يفرض تنازلات إقليمية لا تزال كييف تقاتل من أجلها.
ويؤكد المسؤولون الأوروبيون أن الموقف النهائي يجب أن يتفق عليه الأوروبيون والأوكرانيون مع واشنطن، مع الحفاظ على الضمانات الأمنية وعدم إضعاف قدرة كييف على الرد في حال تكررت الاعتداءات الروسية، ويضيفون أن العواصم الأوروبية ترغب في توافق يتيح لأوكرانيا الدفاع عن سيادتها دون الإضرار بمصالح الحلفاء.
في المقابل، جددت كييف رفضها لأي تسويات تقضي بتنازلات جغرافية، مشددة على ضرورة وجود آليات طويلة الأمد للدفاع والتعافي، بينما يعمل الأوروبيون والولايات المتحدة على تقليص الهوة بين مطالب كييف وطرح الولايات المتحدة، مع الحفاظ على خطوط واضحة للمفاوضات تتجنب خياراً يتيح لروسيا فرض وجود دائم في الأراضي الأوكرانية.




