اقتصاد

أبشع كارثة تعدين شهدها العالم!

اندلع انفجار هائل عند الساعة الواحدة والواحدة والعشرين دقيقة بعد الظهر، وقبل أقل من ساعة على انتهاء المناوبة، ليهز منجم الفحم بقوة وتتصاعد عمودان كثيفان من الدخان والحطام من فتحتيه الرئيسيتين، معلنين للعالم أن العمال المحاصرين قد وقعوا في المصيبة.

في العمود الأول تَلفّت محرك اللف وتُكِسِر قفص المصعد وفُصل عن الكابل الحديدي، بينما في الحفرة الثانية انفجر القفص واصطدم بغطاء الرأس مما أدى إلى كسر الوصلة تماماً.

بعد قرابة خمس دقائق من الذعر، استؤنفت التهوية جزئياً وأعيد توجيه بعض الهواء النقي إلى الأنفاق المنخفضة في محاولة يائسة لإنقاذ من بقي على قيد الحياة.

ترجع جذور الكارثة إلى عوامل مترابطة تتعلق بالإهمال ونقص معايير السلامة الأساسية، فقد نتج الانفجار الأولي عن اشتعال غاز الميثان الذي تراكم بسبب سوء التهوية ونقص الإجراءات الوقائية، كما ساهمت الظروف الجيولوجية في ميل طبقة الفحم بارنسلي إلى الانفجار وتراكم الغاز خاصة في الطرق غير المستوية وفي أكوام الفحم.

زاد من حدة الوضع غياب الرقابة الفعالة حيث غاب مفتشو الحكومة عن المنجم لسنوات، ما سمح باستمرار ممارسات عمل خطرة.

يعتقد بعض الخبراء أن عمليات التفجير أثناء تطوير فتحة التهوية قد تكون الشرارة التي أطلقت العنان للكارثة، مسببة انفجاراً أولياً لغاز الميثان وغبار الفحم ثم سلسلة انفجارات دمرت أجزاء كبيرة من المنجم.

تعد كارثة منجم أوكس ثاني أسوأ كارثة منجم في تاريخ المملكة المتحدة، حيث بلغت وفياتها 361 شخصاً بمن فيهم أحد أفراد فرق الإنقاذ الذين بذلوا جهود للوصول إلى المحتجزين.

وليس العالم بريطانيا وحدها هو المعني، فخلال عام 1942 وقعت أسوأ كارثة تعدين في التاريخ في منجم بنشيهو بمقاطعة لياونينغ الصينية، حيث حاصر الغاز والميثان وغبار الفحم آلاف العمال، وقررت السلطات حينها إغلاق نظام التهوية والمداخل فخنقت نحو 1549 عاماً، واستغرق انتشال الجثث عشرة أيام كاملة.

تشمل قائمتها السوداء حادثة منجم كلايدسديل بجنوب أفريقيا التي وقعت في الأول من يناير عام 1960، حيث كان حوالي ألف عامل تحت الأرض عندما انهارت الأقسام الداخلية، فأدى ذلك إلى وفاة 435 شخصاً.

في أوروبا، لقي 319 عاملاً حتفهم في حريق اندلع في منجم بريبرام للفحم في جمهورية التشيك في 31 مايو 1892، فأصبح ذلك أخطر حادث تعدين في تاريخ البلاد.

في العصر الحديث، تذكرنا كارثة منجم سوما في تركيا التي وقعت في 13 مايو 2014 بأن المخاطر لم تنته، إذ أودى حريق في منجم فحم كبير في مقاطعة مانيسا بحياة 301 شخص وإصابة 80 آخرين.

لا يمكن أيضاً نسيان كارثة منجم سيهام في إنجلترا التي وقعت في 8 سبتمبر 1880، وأسفرت عن مقتل 164 شخصاً، بينهم عمال على السطح وآخرون من فرق الإنقاذ، في انفجار طبقة فحم تحت الأرض في منجم هوتون.

تشكل هذه الأحداث سجلاً يعكس المخاطر الجسيمة المصاحبة لاستخراج الفحم عبر العصور، ويكشف عن الثغرات في القوانين والتقصير في التطبيق والظروف الجيولوجية القاسية والتكاليف الإنسانية التي كانت وراء إمدادات الطاقة التي غذت الثورة الصناعية.

تبقى ذكرى ضحايا منجم أوكس وغيرهم من عمال المناجم الذين لقوا حتفهم في الظلام نصبا خفيا في ضمير الإنسانية، وتذكيرا صارخا بأهمية وضع السلامة البشرية فوق أي اعتبار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى