اخبار سياسية

في ظل اشتباكات الحدود.. اندلاع حرب تجارية بين باكستان وأفغانستان

تداعيات الحرب التجارية على التجارة والمجتمعات الحدودية

تصاعدت الحرب التجارية بين باكستان وأفغانستان عقب اشتباكات عبر الحدود، ما أدى إلى تعطّل حركة التجارة وتهديد سبل عيش ملايين الأشخاص، وفق تقرير نيويورك تايمز.

أدى تعليق التبادل التجاري إلى انخفاض الحركة إلى النصف، وأصبحت أزقة الأسواق شبه خالية، فيما تتكدس شحنات المساعدات في الموانئ الباكستانية.

وبالقرب من مدينة بيشاور وعلى الطريق المؤدي إلى الحدود تقف مئات الشاحنات منذ 11 أكتوبر بلا حركة، وتوقفت عبوراً باستثناء خروج الأفغان من باكستان.

وعلى الرغم من وقف إطلاق النار المعلن في أكتوبر، يبقى الوضع هشاً لأن جهود الوساطة بقيادة تركيا وقطر والسعودية لم تسفر عن نتائج، وتبدو الحرب التجارية بلا نهاية مع استعداد الطرفين لمزيد من التصعيد.

ويرى محللو الاقتصاد والتجارة أن الطرفين يضران نفسيهما عبر هذه الحرب، وفق عظيمة جيما، المديرة المؤسسة لشركة فيرسو كونسلتينج في إسلام آباد، التي أشارت إلى أن طالبان ترى أن العلاقة مع باكستان لن تتحسن في أي وقت قريب، وأن الجيش الباكستاني لا يتراجع، ولا يبدو أن هناك طريقاً للحل.

وقال حميد الله أياز، مالك 12 مخبزاً في بيشاور: الأفغان يخشون الخروج إلى الشارع.

وذكر عبد الوكيل، سائق شاحنة أفغاني، وهو يتناول الشاي على بساط عند معبر تورخم: عندما أوقفونا هنا كان الصيف قائماً، واليوم الشتاء على الأبواب.

وقبل الخريف الماضي اعتمدت أفغانستان على باكستان في أكثر من 40% من صادراتها، كما دعم الأسمنت الباكستاني طفرة البناء في كابول ومدن أخرى، فيما ملأت الأدوية القادمة من الجار الأكبر رفوف الصيدليات الأفغانية.

وعلى الجانب الأفغاني من الحدود خسر المزارعون وجهتهم التجارية الرئيسة، ففي ولاية قندهار جنوب شرقي البلاد كانوا على وشك تصدير محاصيلهم التي تضمنها أشهر من الحصاد، بما فيها الرمان الشهير في أفغانستان.

وقال المزارع عبدالله خان إنه اضطر إلى بيع محصوله بأسعار مخفضة داخل المدن الأفغانية، مضيفاً أنه لا يعرف كيف سيعيد مبلغ 15 ألف دولار استدانها لاستئجار ثلاث بساتين هذا العام، قائلاً: “نحن جيران، نفهم لغات بعضنا، ونكاد نتشارك الثقافة نفسها… لكننا نتكبد خسائر كلما توترت العلاقات بين الحكومتين”.

اتهمت باكستان حكومة طالبان بدعم تمرد مسلح متجدد قتل مئات من قوات الأمن الباكستانية في السنوات الأخيرة، بينما تنفي إدارة طالبان دعمها لـ”حركة طالبان باكستان” وتؤكد أن العنف الذي تواجهه باكستان هو “مشكلتها الخاصة”.

وردّت باكستان بطرد أكثر من مليون أفغاني هذا العام، وبشن غارات جوية على كابول وقندهار حيث يقيم زعيم طالبان، كما قُتل العشرات من الجنود على الجانبين خلال اشتباكات حدودية هذا الخريف.

ومنذ عودة طالبان إلى الحكم في 2021، أغلقت البلدان حدودهما مراراً، لكن شاهد حسين، وهو ممثل باكستاني للتجار بخبرة تزيد على 20 عاماً في التعامل مع أفغانستان، قال إنه لم يشهد تقلباً طويلاً في الوضع مثل ما يعيشه حالياً.

ويحتاج أكثر من نصف سكان أفغانستان، البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة، إلى مساعدات إنسانية، ومع ذلك تقف الحاويات المحملة بالمساعدات عالقة عند الحدود أو في الميناء الأكبر في باكستان.

وبالمقابل، تواجه باكستان ارتفاعاً في معدل الفقر وصل إلى 25%، وهو الأعلى منذ نحو عقد، ولم يظهر أثر تعليق التجارة بوضوح في المناطق الحدودية ومدينة بيشاور التي كانت مركزاً رئيسياً على طريق الحرير القديم وتحولت اليوم إلى مدينة مزدحمة تقطنها جالية أفغانية كبيرة.

المسارات البديلة وآفاق المستقبل

وسعت إدارة طالبان إلى فتح مسارات تجارية جديدة، فقد أعلنت الهند الشهر الماضي أنها ستطلق خدمات الشحن الجوي مع أفغانستان، كما وقعت غرفتا التجارة في أفغانستان وإيران خلال الشهر الماضي اتفاقاً لتعزيز التبادل الثنائي.

وأمر مسؤولو طالبان التجار الأفغان بالتوقف عن التعامل التجاري مع باكستان خلال ثلاثة أشهر.

وتعمل أفغانستان بشكل عاجل على إعادة توجيه مسارات تجارتها، ومع ذلك ظل السوق الباكستاني، بما فيه من 250 مليون مستهلك والمسار البري الذي يتيح الوصول إلى الهند، شرياناً حيوياً لاقتصاد أفغانستان “المنهك”، الذي تأثر هذا العام بانخفاض كبير في المساعدات الدولية إضافة إلى الزلزالين وعودة قسرية لأكثر من 2.5 مليون أفغاني من دول الجوار.

وذكر البنك الدولي في تقرير حديث أن الصادرات الأفغانية ارتفعت بنسبة 13% بين سبتمبر وأكتوبر، بعدما تمكن التجار الأفغان من إعادة توجيه شحناتهم عبر إيران وآسيا الوسطى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى