الرسوم الجمركية الأميركية تقود نمو صادرات الصين إلى جنوب شرق آسيا

تشهد صادرات الصين إلى جنوب شرقي آسيا ارتفاعاً يقترب من ضعفين المعدل الذي سُجل خلال الأربع سنوات الماضية، بعدما دفعتها الحرب التجارية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تعزيز روابطها التجارية مع جيرانها، وذلك قبل التوصل إلى هدنة تجارية مع واشنطن في نهاية أكتوبر الماضي.
ارتفعت صادرات الصين إلى الاقتصادات الست الأكبر في جنوب شرقي آسيا وهي إندونيسيا وسنغافورة وتايلند والفلبين وفيتنام وماليزيا بنسبة 23.5% من 330 مليار دولار إلى 407 مليارات دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات استيراد رسمية جمعتها مؤسسة ISI Markets لصالح صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصادرات الصينية إلى تلك الدول تضاعفت خلال السنوات الخمس الأخيرة، فيما سجل فائض الصين التجاري مع المنطقة مستوى قياسياً هذا العام، كما تقترب الزيادة المسجلة في 2025 من أن تكون ضعف المتوسط السنوي البالغ نحو 13% خلال الأعوام الأربعة الماضية.
وتواجه الصين منذ فترة انتقادات تتعلق بـإغراق أسواق جنوب شرقي آسيا بسلع رخيصة تهدد المنتجين المحليين بأسعار غير عادلة، غير أن الصدمة العامة الناجمة عن التحايل على الرسوم الأميركية تباينت هذا العام وفق ما قاله رولاند راجا، كبير الخبراء الاقتصاديين في معهد لوي للدراسات الاقتصادية في سيدني.
ويقول بعض الاقتصاديين إن موجة الصادرات الجديدة قد تكون مرتبطة بمحاولات الالتفاف على الرسوم الأميركية المفروضة على المنتجات الصينية التي تبلغ نحو 47%، مقارنة برسوم لا تتجاوز 19% في العديد من دول جنوب شرقي آسيا.
فيما حذرت الولايات المتحدة من محاولات الشركات إخفاء منشأ المنتجات عبر إعادة توجيهها من خلال دول أخرى لتجنب الرسوم الأعلى، مشيرة إلى أن مثل تلك السلع قد تواجه رسوماً على إعادة الشحن تصل إلى 40%، غير أن كيفية تطبيق ذلك عملياً لم تتضح حتى الآن.
وفي أكتوبر الماضي، أقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ هدنة اقتصادية خلال محادثاتهما المباشرة في مدينة بوسان الكورية الجنوبية.
وافقت الولايات المتحدة بموجب هذا الاتفاق على خفض الرسوم الجمركية على الصين مقابل اتخاذ بكين إجراءات صارمة ضد تجارة مخدر الفنتانيل غير المشروعة، واستئناف مشتريات فول الصويا الأميركي، والحفاظ على تدفق صادرات المعادن الاستراتيجية.
هيمنة صينية على جنوب شرق آسيا
وفي ورقة بحثية مرتقبة، يقدر رولاند راجا أن الصادرات الصينية إلى جنوب شرقي آسيا ارتفعت بما يصل إلى 30% في سبتمبر مقارنة بالعام الماضي، مشيراً إلى أن موجة أخيرة مختلفة عن الزيادات السابقة، وتضيف أن جزءاً كبيراً من الصادرات الصينية يدعم النمو في المنطقة فعلياً.
وتشير أبحاث راجا إلى أن ما يصل إلى 60% من الصادرات الصينية هذا العام كانت مكونات لمنتجات تُصنع في المنطقة وتصدر لاحقاً إلى أسواق أخرى.
وفيما يخص السلع الاستهلاكية، باتت الصين خلال الأعوام الأخيرة المورد المهيمن لأسواق جنوب شرقي آسيا، بعد أن انتزعت حصة متزايدة من منافسين آخرين، وهو ما أكدت عليه دوريس ليو، خبيرة الاقتصاد في معهد الشؤون الديمقراطية والاقتصادية في ماليزيا، بأن تخمة الإمدادات في الصين خصوصاً في السلع الرخيصة تدفع إلى البحث عن أسواق جديدة، وجنوب شرقي آسيا تمثل الخيار الأكثر منطقية نظرًا للقرب الجغرافي والبنية اللوجستية وحجم السوق.
ويتجلى ذلك بوضوح في قطاع السيارات، حيث يتحول الكثير من السائقين في جنوب شرقي آسيا من الطرازات اليابانية مثل تويوتا وهوندا ونيسان إلى السيارات الكهربائية منخفضة التكلفة التي تنتجها BYD الصينية.
كما تراجعت حصة الشركات اليابانية إلى 62% من مبيعات السيارات في ستة من أكبر الأسواق في جنوب شرقي آسيا خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بمتوسط 77% في العقد الماضي، وفق بيانات PwC، بينما ارتفعت حصة الصين من أقل من 5% إلى أكثر من 5% من إجمالي نحو 3.3 مليون سيارة تُباع سنوياً.
ولحماية الصناعات المحلية من المنافسة الواردة من الصين بأسعار أرخص، شددت بعض دول جنوب شرقي آسيا قواعد الاستيراد ودارست فرض رسوم على سلع محددة.




