اخبار سياسية

الكونجرس يكثف الضغوط على هيجسيث عقب عمليات عسكرية أثارت جدلاً

أثار إحباط الجمهوريين تجاه وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث مؤخراً مستوى واضحاً من القلق، وفق تقرير واشنطن بوست الذي نشرته الصحيفة يوم الخميس عن جلسة إحاطة سرية يعقدها النواب الذين يراجعون عمليات الإدارة الأميركية لاستهداف مهربي المخدرات في أميركا اللاتينية.

ذكرت الصحيفة أن البنتاجون لم يرسل محامين إلى الجلسة، وهو أمر اعتبره عدد من النواب الحاضرين أمراً غير مفهوم.

وأفاد الحاضرون بأن مسؤولي وزارة الحرب الذين حضروا الجلسة لم يتمكنوا من توضيح استراتيجية العملية أو نطاقها، حتى مع تصريحات الرئيس ترمب العلنية بشأن توسيع الحملة لتشمل أهدافاً برية داخل فنزويلا.

وأدان النائب الجمهوري مايك دي. روجرز، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، هذا المستوى من السرية قائلاً إن الكونجرس كان يحصل على معلومات أكثر من البنتاجون خلال إدارة بايدن، وفق شخصين حضرا الجلسة طلبا عدم الكشف عن هويتهما.

كما أشارت الصحيفة إلى أن إحباط النواب الجمهوريين أصبح واضحاً منذ ذلك الحين، حيث بدأ نواب بارزون يشككون في مستوى الثقة بقيادة هيجسيث، بينما شرعت اللجان التي يقودها الجمهوريون في الكونجرس بحملة رقابية هي الأشد منذ توليه الوزارة.

جهود رقابية مكثفة وتداعياتها

وفي الأسبوع الماضي، فتحت لجنتا القوات المسلحة في مجلسي النواب والشيوخ تحقيقين منفصلين لتحديد ما إذا كان وزير الحرب أو مسؤولون كبار آخرون في الوزارة قد يكونون مسؤولين عن أوامر صدرت خلال عملية أسفرت عن سقوط 11 شخصاً، من بينهم شخصان نجيا من الضربة الأولى ثم لقيا حتفهما لاحقاً، في هجوم تزامن مع تمسكهما بالحطام. وأشار نواب وخبراء الحرب إلى احتمال ارتكاب جريمة حرب.

وتأتي هذه الجهود الرقابية فيما يحاول الجمهوريون في الكونجرس عادةً تجنّب الانتقادات العلنية للبنتاجون، رغم أن بعض إجراءات هيجسيث الجريئة كإقالة كبار الضباط والتحقيق مع السناتور مارك كيلي أثارت قلقاً لدى بعض النواب الذين دعموا ترشيحه رغم معارضة الديمقراطيين.

ولفت التقرير إلى أن بعض الجمهوريين أبدوا هذا الأسبوع استمرار ثقتهم بقيادة هيجسيث، لكن عدداً منهم ومستشارين قالوا إن دعم الحزب قد تراجع، وأوضح بعضهم أن قدرة هيجسيث على قيادة الوزارة تضررت حتى لو خلص الكونجرس لاحقاً إلى براءته من خطأ في التحقيقات المتعلقة بضربة القارب.

ولم يرد متحدث باسم هيجسيث على طلب واشنطن بوست للتعليق.

وفي الأيام الأخيرة، حاول الوزير تجنب الجدل المثار بشأن الضربة، مشيراً إلى الضابط العسكري الكبير الذي أشرف على العملية في 2 سبتمبر، الجنرال فرانك م. برادلي، وفي الوقت ذاته دافع عن الضربة الثانية.

وقال هيجسيث أثناء جلوسه مع الرئيس ترمب في البيت الأبيض، الثلاثاء، إن “الجنرال برادلي اتخذ القرار الصحيح في نهاية المطاف بإغراق القارب والقضاء على التهديد”، بينما أفادت واشنطن بوست بأن الوزير أمر شفوياً بالقضاء على جميع أفراد طاقم السفينة قبل الضربة الأولى، وأمر البرادلي بضربة ثانية بعدما رصد ناجين وتأكد من أمر هيجسيث بعدم ترك أي شخص حياً.

تبقى التفاصيل غير واضحة حول كيفية استعداد البنتاجون لاحتمالية وجود ناجين في ضربات القوارب، كما لم تُكشف تفاصيل أوامر هيجسيث المكتوبة التي تسمح باستخدام القوة المميتة. أما الضربات التي جرت منذ ذلك الحين، فقد أنقذ فيها الجيش الأمريكي ناجين أو تعاون مع دول أخرى للقيام بذلك، بحسب الصحيفة.

قال السيناتور روجر ويكر، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، للصحفيين هذا الأسبوع إن “الادعاءات الناشئة عن الحادث خطيرة جداً”، مضيفاً أن مراقبة النواب لهذه المسألة ستكون مكثفة، وأوضح أنه طلب تسجيلات فيديو وصوت ومواد أخرى توثق هذه الضربات، لكن البنتاجون لم يستجب بعد لهذه المطالبة.

وعندما سُئل الرئيس ترمب عن لقطات الفيديو، قال إنه يؤيد الإفراج عن ما لديهم، دون أن يرد مباشرة على سؤال عما إذا كان يجب معاقبة هيجسيث أو برادلي إذا تبين أن الضربات استهدفت الناجين.

ومن المقرر أن يتوجه الجنرال برادلي، القائد الأعلى لعمليات القوات الخاصة الأمريكية، الخميس إلى مقر الكابيتول لعقد لقاءات خاصة مع كبار أعضاء الحزبين من لجان القوات المسلحة والاستخبارات بمجلسي النواب والشيوخ، بحسب الصحيفة. ويعتزم المشرّعون سؤال الجنرال عمن أصدر أمر الضربة الثانية على السفينة المتضررة، ودرجة تورط هيجسيث في العملية، وفقاً لمصادر مطلعة. وربما تشكّل هذه الاجتماعات الخطوة الأولى نحو تحقيق رسمي أوسع، كما يُتوقع حضور الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة.

وقال هيجسيث للصحافيين في البيت الأبيض يوم الثلاثاء إنه أراد “تحمل المسؤولية” مع بدء الإدارة حملتها العسكرية في سبتمبر الماضي، ولكنه توقف عن متابعة البث المباشر لعملية 2 سبتمبر، وانتقل إلى اجتماع آخر قبل أن يقرر الجنرال برادلي تنفيذ الضربة الثانية. وأضاف: “قلت لنفسي: سأكون مَن يتخذ القرار بعد الحصول على كل المعلومات والتأكد من أن الضربة صحيحة”، مشيراً إلى مرور نحو ساعتين قبل إبلاغه بالهجوم الثاني، وتابع: “لم أَرَ شخصياً أي ناجين” بعد الضربة الأولى بسبب النيران والدخان و”ضباب الحرب”.

بين المشرّعين، عبّر كثير منهم، بما فيهم السناتور توم تليس، عن قلقه من احتمال وجود انتهاك أخلاقي وقانوني، قائلاً: “لا تحتاج إلى خدمة عسكرية لتفهم أن هذا كان انتهاكاً”. وشكك بعض أعضاء الكونجرس فيما إذا كانت الضربة قد انتهكت الدفاع القانوني المثير للجدل الذي قدمته الإدارة، مع إشارة إلى أن الحجة قد تكون مركزة على الأدوات والسفن المستعملة في تهريب المخدرات لا فقط على الأشخاص المشتبه بهم. كما لفت مشرّع مطلع إلى أن التحقيقات تركز على سبل تمويل العنف في الولايات المتحدة والدول الحليفة عبر هذه السفن والطرق التي تستخدمها في عملياتها.

وتُعد التحقيقات حول ضربات القوارب أحدث مؤشر على إحباط المشرعين في مجلسي النواب والشيوخ، إذ يرى قادة الجمهوريين أن البنتاجون بقيادة هيجسيث جرى استبعادهم من المشاركة في قرارات حاسمة، وامتنع عن الإفصاح عن معلومات ملزمة قانونياً بالكشف عنها. كما أشار التقرير إلى أن قادة الجمهوريين اعربوا عن استيائهم عندما سحبت وزارة الدفاع قوات أميركية من رومانيا دون موافقة Congress، ودون استشارتهم في قضايا تتعلق بحماية الناتو، وارتباطها بالأمن الأوروبي، وهو ما طرح تساؤلات حول مدى تفاعل الوزارة مع الكونجرس في قضايا حساسة أخرى.

وبيّن التقرير أن بعض كبار الجمهوريين عبروا عن قلقهم من ترشيحات ترمب للمناصب الرئيسية في البنتاجون، مع انتقادات لعدم تجاوبهم مع الكونجرس أثناء توليهم مناصب مؤقتة. وقال آدم سميث، عضو الديمقراطي البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إن الإدارة بدأت تواجه معارضة متزايدة في قضايا متعددة، وإن الجمهوريين في المجلسين يشعرون بالضغط نفسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى