اخبار سياسية

ماكرون يزور الصين بينما تسعى أوروبا إلى موازنة المخاطر الاقتصادية والأمنية

يتجه ماكرون إلى الصين هذا الأسبوع في رابع زيارة رسمية له، في إطار سعي أوروبا إلى توازن دقيق بين التهديدات الاقتصادية والأمنية من بكين واعتمادها على ثاني أكبر اقتصاد في العالم وسط اضطرابات التجارة العالمية.

تفاصيل الزيارة وتداعياتها

ويرى محللون أن ماكرون يسعى في هذه الزيارة إلى إظهار جبهة أوروبية موحدة في التعامل مع الصين مع الحرص على عدم جر التوتر إلى صراع تجاري شامل.

ويُلاحظ أن الرسالة التي يحاول إيصالها إلى القيادة الصينية ستكون وظيفة صعبة، إذ يسعى إلى تذكير بكين بأن أوروبا سترد على التحديات الاقتصادية والأمنية من دون تصعيد يعرض العلاقات للخطر.

سيبدأ ماكرون زيارته بزيارة إلى القصر المدينة المحرمة في بكين، ثم يلتقي بالرئيس شي جين بينج يوم الخميس، قبل أن يجتمعا مرة أخرى الجمعة خلال زيارة إلى تشنجدو في إقليم سيتشوان بجنوب غرب البلاد.

وتأتي الزيارة في ظل حديث سابق من رئيسة المفوضية الأوروبية بأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين تمر بنقطة انعطاف، ما يعكس حراكات أوروبية لاستعادة التوازن في العلاقة مع الصين.

كما سيزور رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس الصين مطلع العام القادم، وهو ما يعكس زخماً سياسياً أوسع داخل أوروبا تجاه بكين.

وتتصاعد مخاوف التجارة بين الصين وأوروبا مع تدفق الصادرات الصينية الرخيصة، لا سيما في قطاع الصلب، إلى أجزاء واسعة من الصناعات الأوروبية.

وتتزايد المخاوف الأوروبية من التفوق التكنولوجي الصيني في السيارات الكهربائية وهيمنة الصين على معالجة المعادن الأرضية النادرة، وهو ما قد يهدد إمدادات صناعية حيوية في القارة.

ومع تصاعد الضغوط على التجارة العالمية بسبب الرسوم الأمريكية، تسعى الصين إلى تقديم نفسها كشريك تجاري موثوق أملاً في تهدئة المخاوف الأوروبية بشأن دعمها لروسيا ونموذجها الصناعي المدعوم من الدولة.

تداعيات السياسات الأوروبية والقيود الصينية

ووفقاً لمساعدي ماكرون، سيضغط الرئيس الفرنسي لإعادة توازن في ديناميكيات التجارة بحيث تشجع الصين الإنفاق المحلي، مع أمل في تقاسم المكاسب من الابتكار وتوفير وصول أوروبي إلى التكنولوجيا الصينية.

من المتوقع أن يكشف الاتحاد الأوروبي عن آلية جديدة للأمن الاقتصادي تسمح باستخدام أدواته التجارية بشكل أكثر تشددًا في مواجهة الصين، كتعبير عن سعي أوروبا إلى حماية صناعتها وتوازنها في مواجهة التحديات العالمية.

في سياق آخر، أشارت فرنسا إلى دعمها لمسار المفوضية الأوروبية لرفع الرسوم الجمركية على واردات السيارات الكهربائية من الصين، كجزء من تعزيز أدوات الرد على المنافسة الصينية.

ومن جهة صناعة الطيران، أُفيد بأن إيرباص افتتحت خط تجميع في الصين، غير أنها لا تتوقع إبرام طلبية ضخمة تصل إلى نحو 500 طائرة خلال زيارة ماكرون، وهو ما يعكس توازنات القوة في هذه الصفقات.

وتمنح مثل هذه الصفقات الصين نفوذاً في مواجهة واشنطن التي تضغط من أجل التزامات جديدة بشراء طائرات من بوينغ، ما يجعل العلاقات الصناعية بين أوروبا والصين جزءاً من لعبة جيوسياسية أوسع.

وفي سياق التخطيط للمستقبل، تتحرك شركات أوروبية لإعادة ترتيب سلاسل التوريد بما يخفف الاعتماد على الصين مع فرض قيود جديدة قد تبلغ تكاليفها ملايين اليوروهات لبعض الشركات وفقاً لاستطلاع غرفة التجارة الأوروبية في الصين.

أظهر الاستطلاع أن نحو ثلث الشركات الأوروبية في الصين تخطط لتغيير سلاسل التوريد بعيداً عن الصين نتيجة لهذه السياسات، فيما قد تصل تكاليف إضافية لشركة واحدة إلى نحو 250 مليون يورو وتصل إلى نحو 20% من الإيرادات العالمية لعام 2025 لدى شركة أخرى، ما يعكس فاتورة اقتصادية كبيرة للانعكاسات السياسية والتجارية.

تُبرز هذه التداعيات هشاشة الشركات الأوروبية أمام اضطرابات تدفق المواد الخام والتكنولوجيا من الصين، كما تلقي الضوء على تكلفة القيود التي فرضتها الصين على موارد مثل المعادن الأرضية النادرة كجزء من الرد على الرسوم الأمريكية وقيود أخرى خلال الحرب التجارية، مع استمرار المحادثات حول تراخيص عامة حتى لا تفوت المهلة المحددة قبل عطلة الشكر في الولايات المتحدة.

وأشار نائب رئيس غرفة التجارة الأوروبية إلى أن إنشاء آلية ترخيص عامة في المستقبل القريب قد يوفر الاستقرار والقدرة على التنبؤ، وربما يسهم في الحد من تدهور ثقة الشركات الناتج عن قيود التصدير الحالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى