رغم الضغط الأميركي… كيف يحكم مادورو قبضته على فنزويلا؟

طالب مادورو في فترات سابقة بإقصاء كلمات دخيلة تعكس الثقافة الغربية، ثم ظهر بخطاب يحث على السلام ويرقص على أنغام أغنية تحمل العبارة: لا للحرب، نعم للسلام.
يرى أنصار المعارضة أن التحول يعكس يأسه، فكانوا يظنون أن تهديد واشنطن بالعمل العسكري سيفكك دوائره المقربة ويشجع انشقاقات داخل النظام، غير أن ذلك لم يحصل حتى الآن رغم الضغوط الأمريكية المستمرة.
تُشير تقارير إلى أن وراء بقاء مادورو وجود نظام يعاقب المقربين غير المخلصين بشدة، فيما يتيح للوزراء والقضاة والقادة العسكريين والمسؤولين الموالين أن يزدادوا ثراءً.
ونقلت الوكالة عن رونال رودريجيز، الباحث في مرصد فنزويلا بجامعة روساريو، قوله إن الثورة البوليفارية تتميز بقدرة مدهشة على التماسك في مواجهة الضغوط الخارجية، وأن الضغط الخارجي يوحدهم ويدفعهم للدفاع عن مصالحهم.
وأشار التقرير إلى أن الاستراتيجية القائمة على الولاء أو العقاب تعتمد على شبكات فساد أُجيزت منذ عهد شافيز ومادورو، وتتيح للمقربين الثراء مقابل ولائهم، وهو ما يصعّب الإطاحة بالرئيس ويمكّنه من التهرب من العقوبات والمطالبة بنصر انتخابي رغم خسارته الفعلية.
سيطرة الجيش والردع الداخلي
أوضح رودريجيز أن العقاب يشمل السجن والتعذيب، وتكون القسوة أشد على العسكريين، وهي أداة حاسمة لإحكام السيطرة على الجيش وتوفير حماية للنظام من الانقلابات ومكامن الفساد.
وتشير الوكالة إلى أن المعارضة بقيادة ماريا كورينا ماتشادو راهنت على دعم الجيش للإطاحة بمادورو بعد ظهور أدلة موثوقة على خسارته الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
لكن وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز وقادة عسكريون آخرون ظلوا إلى جانب مادورو، كما فعلوا في 2019 حين حاول جنود مؤيدون لجوايدو التمرد في الثكنات.
وزادت واشنطن الضغوط، منها رفع مكافأة إلى 50 مليون دولار لأي معلومات تقود إلى اعتقال مادورو بتهم تتعلق بالإرهاب المرتبط بالمخدرات.
وقُدمت لائحة اتّهام عامة في 2020 تتهم مادورو بقيادة “كارتل دي لوس سوليس” (عصابة الشمس)، وهي جماعة صنفتها الخارجية الأميركية كمنظمة إرهابية خارجية، وهو ما ينفيه مادورو.
وقال ترمب إن جوّ المنطقة حول فنزويلا يجب اعتباره مغلقاً، وهو ما ردت عليه حكومة مادورو بأنها “تهديد استعماري”، ثم حشدت أنصارها للدفاع عن السيادة.
ويشير التقرير إلى أن تحركات واشنطن دفعت بعض المعارضة إلى الاعتقاد بأن هدفها إنهاء الشافيزمو، بينما واصلت المعارضة تعزيز حملتها للإطاحة بمادورو.
وتقول سوزان شيرك، أستاذة العلوم السياسية، إن القادة المستبدين يحبّون إظهار الولاء لإبقاء الوحدة وتفادي الانقسامات التي قد تثير احتجاجات، وهو ما يسهّل المحافظة على الحكم.
وأشار التقرير إلى أن وزير الحرب الأميركي قال إن تصنيف كارتل سوليس يمنح ترمب خيارات إضافية، بينما يرى مسؤولون أن استمرار مادورو في السلطة ليس خياراً مقبولاً.
ويرى باحث من جامعة تولان أن من لا يفهم الشافيزمو قد يظن أن القوة الأميركية ستغيّر الحكومة، لكن الواقع يوحّدهم، وتؤكد مكافأة 50 مليون دولار عدم ثقة الجيش الأميركي بالحكومة.
وتشير الوكالة إلى أن عهد مادورو تميّز بأزمة سياسية واقتصادية دفعت ملايين الفنزويليين إلى الفقر وأجبرت أكثر من 7.7 مليون شخص على الهجرة، ما أدى إلى تراجع دعم الحزب الحاكم.
وواصل مادورو تقوية دائرة أنصاره من خلال تنظيم مسيرات في كراكاس ورفع راية الالتزام بالثور هناك.
وقالت زينايدا كوينتيرو، معلمة، إنها شهدت انهياراً اقتصادياً ونقصاً في الغذاء لكنها لم تتخل عن دعمها لأنها ترى أن شافيز اختاره لقيادة الثورة البوليفارية، وتؤكد: “أثق به… علينا أن نظل متحدين. علينا الدفاع عن أنفسنا”.




