حلفاء أوكرانيا يسعون لسد الثغرات الاستخباراتية في الحرب مع روسيا في حال انسحاب واشنطن

الخطة والتهديد الأميركي
تشير مصادر إلى أن الولايات المتحدة تمارس تهديداً واضحاً بوقف تبادل المعلومات الاستخبارية مع كييف إذا لم توافق أوكرانيا على خطتها للسلام المقترحة من ترامب، لتكوّن هذه الرسالة جزءاً من ضغوط سياسية وأمنية لإحداث تغييرات في مسار الحرب.
وتشمل الخطة المقترحة تنازلات أوكرانية عن مساحات واسعة من الأراضي لا تزال تحت سيطرة الروس، وتحديد حجم القوات المسلحة الأوكرانية، وإجراء انتخابات خلال مئة يوم، إضافة إلى التخلي عن أي أمل في الانضمام إلى الناتو، فضلاً عن الاعتراف بضم روسيا للقرم ولوجانسك ودونيتسك، ورفع تدريجي للعقوبات عن موسكو.
ويقول قادة أوروبيون وغربيون إن الخطة تشكل أساساً لمحادثات السلام لكنها بحاجة إلى عمل إضافي، إذ يرى كثيرون أن بنودها لا تزال غير مقبولة من كييف وتستدعي تعديلات وتوضيحات إضافية قبل أي تنفيذ حقيقي.
بدائل أوروبية وخيارات فضائية
ويلاحظ مسؤولو الأمن الأوروبيون أن القدرات الأميركية فريدة ولا يمكن الاستغناء عنها في إطار الناتو، بينما يظهر وجود خيارات تجارية تتيح للدول الأوروبية امتلاك قدرات مراقبة واستطلاع خارجية ببدائل أكثر مرونة.
وأوضح جيمس أباثوراي، الرئيس المؤقت لبرنامج DIANA الدفاعي التابع للناتو، أن القدرات الأميركية لا يمكن الاستغناء عنها، لكن توجد خيارات تجارية متاحة الآن، منها خدمات ICEYE الفنلندية التي تبيع أقماراً صناعية وتقدم رصد واستطلاع متنقل لجهات عدة، وقد سلمت قسماً من تلك الخدمات لجيش بولندا وهولندا وللقوات المسلحة الفنلندية والبرتغالية وتوفر بعضها لأوكرانيا حالياً.
وأضاف أن الشركة الفنلندية لديها ما بين 5 و10 أقمار في المدار وتتوقع إطلاق 10 إلى 15 قمرًا إضافياً خلال العامين المقبلين، وذكر أن الاهتمام الأوروبي بالشركة ارتفع بعدما أوقفت الولايات المتحدة تبادل المعلومات الفضائية مع أوكرانيا في مارس الماضي، وباتت خيارات بديلة تلقى قبولاً أوسع في القارة الأوروبية، خصوصاً في ظل تهديدات ماسك بإيقاف Starlink في أوكرانيا.
وأكد مفوض الدفاع والفضاء الأوروبي أندريوس كوبيليوس أن أوروبا لديها عروض أقمار اصطناعية قوية، بينها نظام Galileo للملاحة ونظام Copernicus للطقس، مع وجود أنظمة أخرى أقل تطوراً كـ Starlink، ثم أشار إلى أن البديل الأوروبي IRIS² سيبدأ تشغيله في المدار الأرضي المنخفض في عام 2030، مع العمل على دمج أصول الدول الأعضاء تدريجياً لضمان دعم أوكرانيا إذا اختارت كييف الاستمرار.
دور كندا وخطة العيون الخمس
قال جيمس بيزان، عضو مجلس العموم الكندي ووزير الدفاع في حكومة الظل، إن كندا يمكن أن تساهم في سد الثغرات عبر استعادة مشاركة صور قمر صناعي كندي مثل RADARSAT-2 التي كانت تساعد في رصد الحدود، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تمتلك معلومات استخباراتية أخرى قد لا تكون متاحة لنا عبر حلف العيون الخمس إذا تم حجبها عن كييف.
وقالت رئيسة هيئة أركان الدفاع الكندية الجنرال جيني كارينيان إن بدون المساعدة الأميركية هناك ثغر كبيرة في القدرات، خصوصاً في الضربات الدقيقة بعيدة المدى، لكنها أشارت أيضاً إلى إمكانية الاعتماد على بدائل مثل الطائرات المسيرة وسبل أخرى لتلبية احتياجات أوكرانيا في ظل واقع تغيّرات التقنية والتمويل.
الموقف الأوروبي في قمة العشرين وآثاره
قال قادة أوروبيون وغربيون إن خطة ترمب تشكل أساساً لمحادثات إنهاء الحرب لكنها تحتاج عملاً إضافياً وتنسيقاً أكبر، وأكدوا أن الرد الرسمي من الأوروبيين يجب أن يكون منسقاً مع الولايات المتحدة وأوكرانيا في جنيف خلال اجتماع مستشاري الأمن القومي التابعين لـ”الترويكا الأوروبية” ووجود ممثلين من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا أيضاً.
واتفق القادة على عقد اجتماع في جنيف بمشاركة مستشارين من فرنسا وبريطانيا وألمانيا إضافة إلى مسؤولين من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، مع توقع إرسال مسؤول أوربي إضافي من إيطاليا، كتشاور لإعداد موقف مشترك يحفظ تمييزاً بين الرغبة في إنهاء القتال وبين قبول كييف لبنود خطة السلام التي طرحتها واشنطن.
ورغم الإشادة بالمبادرة، أكدت عواصم أوروبية أن الخطة تحتاج إلى تعديلات كبيرة تتضمن اعتراضات كييف، وأن الردود الأوروبية ستكون موحدة لكنها ستسعى للحفاظ على الضغط الأميركي من أجل تحقيق صفقة مقبولة من الجانبين، بما في ذلك استكمال العمل على تقريب المواقف وتحديد خطوط التفاوض النهائية.




