اخبار سياسية

قمة محمد بن سلمان وترامب.. تحويل الصفقات إلى حيز التنفيذ

تفتح زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض باباً جديداً في العلاقة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، وتضع اتفاقياتٍ مليارية على خريطة التنفيذ، مع تركيزٍ على ملفات الطاقة التقليدية والمتجددة والنووية، والذكاء الاصطناعي والرقائق، والتحالف في قطاع المعادن، والاتفاق الدفاعي وتعزيز التعاون العسكري.

وتبرز أهمية الزيارة الأولى للأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن منذ 8 سنوات من خلال التحضيرات التي يجريها البيت الأبيض، إذ تشمل الخطط حفل استقبال تشارك فيه فرق موسيقية عسكرية، واجتماعاً ثنائياً في المكتب البيضاوي، وعشاءً رسمياً، إلى جانب عقد منتدى الأعمال الأميركي السعودي.

ترمب الذي يستضيف ولي العهد السعودي في أول زيارة دولة رسمية خلال ولايته الثانية حتى الآن، أكد قبيل توجهه إلى فلوريدا أن الزيارة أكثر من مجرد لقاء، بل تكريم للسعودية وولي العهد.

محاور المحادثات الرئيسية

يتوقع أن تتناول المحادثات ثلاثة محاور رئيسية: الأول اتفاق دفاعي يعزز التعاون العسكري الأميركي-السعودي، وهو قد يأخذ شكل اتفاقية لا تُعرض على مجلس الشيوخ بصرامة المعاهدة، بل إطار تعاوني أقوى؛ والثاني التطورات في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والشرائح المتقدمة التي ترغب السعودية في الحصول عليها من الولايات المتحدة بشكل موثوق ومستقر؛ والثالث الطاقة بما تشمل من استثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتعاون نووي مدني كجزء من مستقبل المملكة وتطوير قطاع الطاقة النووية السلمي.

إلى جانب ذلك، يتوقع أن يفتح اللقاء آفاق تعزيز التعاون في الصناعات الدفاعية وتوطينها، مع سعي السعودية لرفع نسبة التوطين العسكري إلى نحو 50% بحلول نهاية العقد، وتوسيع الاعتماد على التقنيات الأميركية المتقدمة والإنتاج المشترك مع شركات مثل لوكهيد مارتن، بما يشمل طائرات ومعدات دفاعية وخدمات دعم وتدريب.

استثمارات وتجارة وتوافق استراتيجي

يُطرح هدف استراتيجي بأن تزيد الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة وتبادل التجارة إلى تريليون دولار، وهو رقم علق في إطار منتدى الاستثمار الأميركي السعودي الذي عقد في الرياض بحضور ترمب، ليشير إلى تحوّلٍ واضح في حجم الشراكة الاقتصادية بين البلدين.

وتظهر مؤشرات الواقع أن التوجه نحو هذه الرؤية يتكامل مع مساعٍ سابقة، إذ أعلنت المملكة في يناير الماضي نيتها رفع الاستثمار والتجارة مع الولايات المتحدة إلى 600 مليار دولار خلال أربع سنوات، وتؤكد التطورات في المنتدى استمرار الدفع نحو مراكمة صفقات ومذكرات تفاهم قيمتها هائلة، مع تركيز على قطاع المعادن الحيوية وإمكانات الاستكشاف والمعالجة وتبادل التكنولوجيا كركائز رئيسية للتعاون.

أرقام الاستثمار والتجارة حتى اليوم

بلغ رصيد الاستثمار المباشر السعودي في الولايات المتحدة خلال 2024 نحو 11.8 مليار دولار، في حين بلغ رصيد محفظة صندوق الاستثمارات العامة الأميركي نحو 19.4 مليار دولار في الربع الثالث من العام نفسه، وبلغت حيازة السعودية لسندات الخزانة الأميركية نحو 131.7 مليار دولار حتى يوليو، بارتفاع قدره 0.8% عن الشهر السابق، وتبلغ قيمة التجارة بين البلدين 32.5 مليار دولار سنوياً، بينما احتلت الولايات المتحدة المركز السابع بين شركاء السعودية في واردات السلع غير النفطية في 2024 بمقدار 2.8 مليار دولار.

اهتمام أميركي متزايد بالسعودية

تؤكد تصريحات قادة المال والاستثمار الأميركيين تزايد الاهتمام بالسوق السعودية، حيث وصف الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك لاري فينك السعودية بأنها وجهةٌ رائعة لرأس المال، مع وجود فرص استثمارية هائلة نتيجة التحولات التي تقودها رؤية 2030، إضافة إلى تحسين المناخ الاقتصادي والتنظيمي وما يوفره من ثقة للمستثمرين. كما أشارت تقارير إلى دخول مؤسسات أميركية كبرى مثل ستيت ستريت ومجموعة من البنوك العالمية إلى سوق المملكة عبر فتح مقرات وخدمات مالية، بينما تشير تصريحات مسؤولي سوق المال السعودية إلى وجود أكثر من 4000 مستثمر أجنبي مؤهل، وأن نحو 55% من الاستثمارات الأجنبية المؤهلة عبر برنامج المستثمر الأجنبي المؤهل تأتي من الولايات المتحدة، بينما وصل حجم ملكية هؤلاء المستثمرين في سوق الأسهم السعودية إلى 340 مليار ريال بنهاية 2024.

الذكاء الاصطناعي والرقائق الأمريكية

يتوقع أن يركز اللقاء على ملف الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في مسألة تصدير الرقائق الأميركية إلى السعودية. وتلتزم السعودية بمساعيها لتكون لاعباً رئيسياً في هذا المجال عبر شركة هيوماين كحجر زاوية لاستراتيجيتها، وتطمح للوصول إلى أن تصبح ثالث أكبر مزود لقدرات الحوسبة في العالم، وهو هدف يحتاج إلى تراخيص ورقابة أميركية لتصدير الرقائق المتطورة، وتؤكد تصريحات مسؤولي الشركة أن المحادثات مع واشنطن في مجال صادرات الشرائح تتقدم بإيجابية، مع إمكانية التوصل إلى نتيجة بنهاية السنة الحالية.

الدفاع وتوطين الصناعات

تُبرز الصفقة الدفاعية المزمعة كأبرز ملامح العلاقات، حيث أشارت تقارير إلى وجود حزمة معدات دفاعية تقدر قيمتها بنحو 142 مليار دولار، تشمل تكنولوجيا متعددة من القدرات الجوية إلى الأمن البحري وخدمات المعلومات والاتصالات، إضافة إلى دعم وتدريب وربما صفقات لشراء طائرات F-35. وتطمح السعودية إلى توطين نصف الصناعات العسكرية بحلول نهاية العقد، وتعتبر شركات الدفاع الأميركية الأكثر تقدماً مصدراً رئيسياً لتحقيق هذا الهدف، مع تواصل مساعي الدخول في مراحل الإنتاج المشترك وتطوير المنتجات محلياً مع شركات مثل لوكهيد مارتن.

المعادن والطاقة النووية كعناوين بارزة

يهدف التعاون في المعادن إلى تعزيز سلاسل إمداد مستقرة للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة، فقد وقعت وواشنطن مذكرة تعاون في هذا المجال في مايو 2025، بهدف تعزيز أمن الإمدادات العالمية. وفي ملف الطاقة النووية، أشارت المملكة إلى توجهها للاستفادة من الطاقة النووية وتطبيقاتها السلمية، مع استمرار العمل في مشروعها الوطني للطاقة النووية وبناء أول محطة نووية في المملكة، وتعبّر الولايات المتحدة عن انفتاحها لإمكانية توقيع اتفاقيات تعاون في مجال الطاقة والتكنولوجيا النووية السلمية خلال الزيارة واللقاءات المرتبطة بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى