أوكرانيا تتسابق مع الزمن لاحتواء فضيحة فساد كبرى في قطاع الطاقة طالت عدداً من الوزراء

استعادة الثقة في أوكرانيا: خطوات وتداعيات فضيحة الفساد
تتصاعد تقارير عن فضيحة فساد كبيرة يشترك فيها مسؤولون حاليون وسابقون وشخصيات مقربة من الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في مخطط رشى بقيمة نحو 100 مليون دولار في قطاع الطاقة، ما أثار قلق شركاء كييف الغربيين.
وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو في تصريحات ل“بوليتيكو” إنه يجب التحرك بسرعة وحسم في ميدان القتال، وبالقدر نفسه من الحسم في المجالات الحيوية داخل الدولة، فمهمة الحكومة أن تُظهر للمجتمع الأوكراني وشركائنا أننا لن نتسامح مطلقاً مع الفساد، وسنرد سريعاً على أي واقعة.
وأضافت أن العلاقات القوية والدائمة مع الشركاء الأجانب مهمة، وأن الحفاظ على هذه العلاقات المبنية على الثقة أمر غير مقبول أن يتعرض لأي تهديد.
وقالت أيضاً إنه في ظل حرب عدوان شاملة تتعرض فيها منظومة الطاقة للتدمير المستمر، يجب محاربة الفساد بالعزيمة نفسها التي نواجه بها التهديد الخارجي، وإن الوحدة في أصعب الأوقات هي قوة البلد، وأن القضاء على الفساد مسألة كرامة ومسؤولية أمام المدافعين عن الوطن.
ومع تفاقم الفضيحة خلال الأسبوع الجاري، أعلنت كييف سلسلة من الاستقالات البارزة، وفرضت عقوبات على شريك أعمال سابق لزيلينسكي، إضافة إلى إطلاق تدقيق مالي واسع وتغييرات في شركات الطاقة المملوكة للدولة، في محاولة لإظهار قدرة أوكرانيا على «تنظيف البيت من الداخل».
وقالت مصادر مقربة من زيلينسكي إن ممثليه حرصوا على إيصال الرسالة ذاتها، إذ أكدت أولغا ستيفانيشينا، سفيرة أوكرانيا لدى الولايات المتحدة، لشبكة NBC أن لا مكان للإفلات من العقاب، سواء كنت حليفاً مقرباً أم لا، وأن هذا ليس بالأمر الجيد، لكنه يظهر أن بعض المؤسسات التي أنشأناها تعمل فعلاً.
استعادة الثقة
تأتي الفضيحة في وقت حرج لأوكرانيا وهي تضغط على شركائها في الاتحاد الأوروبي لتحمل مخاطر كبيرة والموافقة على قرض تعويضات بقيمة 140 مليار يورو من أصول روسية مصادرة، كما تحتاج إلى مساعدات مالية لتجاوز فصل الشتاء المتوقع أن يكون قاسياً منذ بدء الغزو، حيث يرغب الحلفاء في الحصول على إجابة واضحة حول الفساد.
قال أندري يرماك، كبير مستشاري الرئيس، في مقابلة مع “أكسل شبرينغر” أن الرئيس واضح جداً: لا وجود لشخص غير قابل للمساس إذا كان متورطاً في فساد، وهو شخص ذو مبادئ وهو نفسه غير فاسد، وأن ما حدث نتيجة تحقيقات حرة تماماً تثبت استقلالية المؤسسات وفعاليتها.
وفي يوليو الماضي صوت البرلمان الأوكراني لصالح قانون ينزع استقلالية هيئات مكافحة الفساد ويفرض عليها وصاية سياسية، مستنداً إلى مزاعم اختراق روسي، ورغم أن زيلينسكي أقر القانون ثم تراجع عنه تحت ضغط غربي، كان الملف حينها قيد التحقيق مع تيمور مينديش، شريك زيلينسكي في الأعمال وأحد مالكي Kvartal 95 Studio للإنتاج، الذي فرّ إلى إسرائيل قبل إعلان الادعاء العام عن الاشتباه في كونه العقل المدبر للمخطط.
طمأنة الحلفاء
إدراكاً لضرورة طمأنة الحلفاء، كشفت كييف عن سلسلة خطوات لإطاحة كل من وزير العدل هيرمان جالوششينكو ووزيرة الطاقة سفيتلانا هرينتشوك، مع توضيح أن القيادة تريد إظهار الجدية في القضاء على مخططات الفساد التي تقوّض الدولة وتواجهها بتهديد مستمر من روسيا.
كما أعلنت الحكومة إعادة تشكيل مجلس الإشراف على شركة إنرجوأتوم المشغلة للطاقة النووية، وهي الهيئة المركزية في الفضيحة، وأقالت مجلسها الإشرافي ونائب رئيسه. وأوقفت الحكومة أيضاً المنافسة على منصب إدارة منظومة نقل الغاز الحكومية بعد ظهور أحد المرشحين النهائيين في سجلات المكتب الوطني لمكافحة الفساد كمشتبه محتمل في مخطط مينديش. وأُكِّد تكليف مجالس إشرافية بإجراء تدقيقات في جميع المؤسسات الاستراتيجية المملوكة للدولة، خصوصاً في قطاع الطاقة، مع العلم بأن الجهات الرقابية ترى أن خطوات إضافية ستطلب لاستعادة الثقة بشكل كامل.




