اقتصاد

مع تصاعد هجمات القراصنة: أي الدول العربية الأكثر قوة في الأمن السيبراني؟

يتسارع التحول الرقمي في الدول العربية مع زيادة مخاطر الهجمات السيبرانية. وتتركز الهجمات في الخدمات المالية والبنى التحتية الحيوية، مع توسيعها إلى قطاعات تجارية وصناعية ناشئة، ما يفرض استجابات وطنية فاعلة ومتكاملة من القطاعين العام والخاص.

حجم سوق الأمن السيبراني في المنطقة

تشير توقعات عن الإنفاق إلى أن إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيصل إنفاقه على أمن المعلومات إلى نحو 3.3 مليار دولار في 2025، بارتفاع يقارب 14% عن 2024. كما بلغ إجمالي حجم السوق الإقليمي نحو 15 مليار دولار في هذا العام، مع توقع نمو يتراوح بين 9% و13% خلال سنوات قليلة مقبلة. كما أشار مسؤولون إلى أن الاهتمام بالأمن السيبراني ارتفع بشكل ملحوظ في المنطقة مع بروز تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تُسهِّل عمليات الاختراق والتصيد والبحث عن الثغرات.

أي دولة عربية تتصدر سباق الأمن السيبراني؟

تتصدر السعودية سوق الأمن السيبراني في المنطقة بحجم يقارب 4 مليارات دولار بنهاية 2024، وذلك بزيادة تقارب 14% عن العام السابق. وتليها مصر التي تجاوزت قيمتها مليار دولار ويتوقع أن تصل إلى نحو 1.85 مليار دولار بحلول 2031. وفي الإمارات بلغت قيمة السوق نحو 820 مليون دولار في 2025 مع توقع وصولها إلى 1.39 مليار دولار بحلول 2030 بنمو سنوي مركب يقارب 11%. وفي الكويت بلغ السوق 620 مليون دولار في 2025، مع توقع ارتفاعه إلى أكثر من مليار دولار في 2030 مدعوماً بخطة حكومية لتعزيز الجاهزية السيبرانية بقيمة مليار دولار. كما توقعت Mordor Intelligence أن يصل حجم السوق في البحرين إلى 425 مليون دولار في 2025 ثم 560 مليوناً في 2030، وفي قطر إلى 143 مليون دولار في 2025 و195.7 مليون دولار في 2030.

إلى مدى تحصّن الدول العربية نفسها سيبرانياً؟

تبيّن تقارير ITU تفاوتاً في مستوى الجاهزية السيبرانية بين الدول العربية. فالمستوى الأول الأعلى يضم السعودية والإمارات وسلطنة عمان والبحرين ومصر والأردن والمغرب وقطر بنقاط تتراوح بين 95 و100 من أصل 100. ولا يوجد دولة ضمن المستوى الثاني. أما المستوى الثالث فشملت الجزائر وليبيا وتونس والكويت بنحو 55–85 نقطة، في حين جاءت العراق ولبنان وموريتانيا والسودان وسوريا وفلسطين ضمن المستوى الرابع بنقاط بين 20 و55. بينما اليمن هي الدولة العربية الوحيدة في المستوى الخامس بين 0 و20 نقطة. ويرى خبراء أن المنطقة عموماً انتقلت من الوعي إلى التنفيذ مع تركيز على المرونة والاستجابة والتعاون بين القطاعات لتطوير القدرات ومواجهة التهديدات المتزايدة التعقيد.

ما أكثر أنواع الهجمات انتشاراً في المنطقة؟

يؤكد عماد حفار من كاسبرسكي أن الهجمات في المنطقة تعتمد غالباً على حملات التصيد الموجّه وتقنيات الهندسة الاجتماعية لاختراق الأنظمة. وتبيّن البيانات أن عدد التهديدات المكتشفة في دول مجلس التعاون الخليجي تجاوز 50 مليوناً في الأشهر الثمانية الأولى من 2025، مع زيادة في الهجمات الموجّهة ضد قطاع الأعمال، وارتفاع ببوابات خلفية البرمجيات الخبيثة بنسبة 32% واستغلال الثغرات بنسبة 21%، بالإضافة إلى زيادة محاولات سرقة كلمات المرور بنسبة 72% وبرامج التجسس بنسبة 58%. وتظل هجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS) الأكثر انتشاراً في المنطقة، مع ارتفاع قياسي قدره 236% في الربع الثاني من 2025. كما ارتفعت هجمات واجهات برمجة التطبيقات (API-layer) بنسبة 162% وزادت هجمات الاستطلاع تسع مرات. وتشكل برامج الفدية والابتزاز نحو 52% من الهجمات المعروفة، فيما أشارت تقارير الدفاع الرقمي لعام 2025 إلى أن 80% من الحوادث في 2024 كان هدفها سرقة البيانات لأغراض مالية. كما تبقى التصيّد الاحتيالي من أبرز التهديدات العالمية، حيث يرسل نحو 3.4 مليار رسالة بريد إلكتروني احتيالية يومياً، وتطبق منصات كبرى إجراءات كشف وحظر للبرمجيات الخبيثة بشكل يومي. وتظهر تهديدات مدفوعة بالذكاء الاصطناعي في زيادة استخدام تقنيات أتمتة التصيد وتوسيع نطاق الهندسة الاجتماعية وتوليد برمجيات خبيثة أكثر تطوراً.

كم تكلف الهجمات السيبرانية عالمياً وعربياً؟

تشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الجرائم السيبرانية تكلف العالم نحو 18 مليون دولار في الدقيقة الواحدة، أي نحو 9.5 تريليون دولار سنوياً. وفي الشرق الأوسط يبلغ متوسط تكلفة الحادثة الواحدة حوالي 8 ملايين دولار، وهو أقرب إلى ضعف المتوسط العالمي البالغ 4.45 مليون دولار. وتؤكد تقارير قمة الأمن السيبراني في المنطقة لعام 2025 أن الخسائر الكبرى قد تسبب شللاً اقتصادياً مؤقتاً، كما حدث في أوقات سابقة حين تعطلت أنظمة شركات عالمية وأوقفت المطارات وشركات طيران ومؤسسات مالية، ما يعكس حجم المخاطر على الاقتصادات الإقليمية.

أكثر القطاعات المتضررة من الهجمات السيبرانية

تشير التقارير إلى أن الهجمات تستهدف غالباً البنية التحتية الحيوية مثل قطاع الاتصالات والمرافق والنقل والرعاية الصحية والقطاع المالي، مما يؤدي إلى توقف الخدمات الأساسية وتراجع الثقة في قدرة الدول على حماية بنيتها الرقمية، وهو ما يجعل تعزيز الأمن السيبراني استثماراً استراتيجياً لتقليل مخاطر الأزمات الاقتصادية والإنسانية.

ما الحل؟

يرى شريف شلتوت من ليكويد سي 2 أن الدول العربية بحاجة إلى إعادة النظر في منظومات التشفير والتوجه نحو الحماية بالخوارزميات المقاومة للكمّ والاعتماد على الحوسبة الكمية لتعزيز الصمود أمام الهجمات المتكررة. كما يشدد عماد حفار من كاسبرسكي على ضرورة اعتماد نهج أمني متعدد الطبقات يجمع بين الحماية التقنية المتقدمة وتدريب الموظفين وتبادل معلومات التهديدات والمراقبة المستمرة. كما يجب على المؤسسات وضع خطط شاملة لاستمرارية الأعمال تشمل النسخ الاحتياطي للبيانات، إجراءات التعافي من الكوارث وبروتوكولات استجابة واضحة تضمن استمرار العمل حتى أثناء الحوادث. وتؤكد النصائح أن تبني استراتيجية أمنية استباقية قائمة على الوقاية والكشف المبكر والتحسين المستمر للدفاع الرقمي أصبح أمراً أساسياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى