مصير غزة يشهد تجاذبات سياسية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين في مجلس الأمن

تعديل الولايات المتحدة على مشروع القرار بشأن غزة
أدخلت الولايات المتحدة تعديلات على مشروع القرار ضمن مجلس الأمن بهدف تثبيت وقف إطلاق النار وتحديد مسار سياسي للقطاع.
أبرزت المسودة المعدلة أن ما يُسمّى مجلس السلام سيكون إدارة انتقالية تقود المرحلة، مع إبقاء إطار لإشراف حكومي مركزي وتأكيد التزام الولايات المتحدة بحق الفلسطينيين في تقرير المصير رغم أن الصياغة ما تزال غير حاسمة.
أُشير للمرة الأولى إلى دولة فلسطينية ضمن مسار سياسي محتمل بعد الإصلاحات وإعادة إعمار غزة، مع الإبقاء على فكرة الحوار الأميركي الإسرائيلي الفلسطيني للوصول إلى أفق تعايش سياسي مستقر ومزدهر.
أُضيفت فقرة توضح أن مجلس السلام سيُدار كهيئة انتقالية وليس كحكومة انتقالية صريحة، مع التأكيد على آليات تمويل من المانحين وآليات تمويل تابعة للمجلس السلام.
أُعيدت صياغة بند يتعلق بانسحاب إسرائيل من غزة ليشترط وجود القوة الدولية لفرض السيطرة والاستقرار، مع الإبقاء على وجود أمني محيط حتى زوال التهديد الإرهابي وتحديد معايير وجداول زمنية تتصل بنزع السلاح بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي والولايات المتحدة وسائر الضامنين.
ووفقاً لمصادر النقاش، يظل الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية محل خلاف عميق بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، خصوصاً حول مسار الحكم في غزة والجدول الزمني للانسحاب الإسرائيلي.
الطريق إلى الدولة الفلسطينية والخيارات الأمريكية
تشير المسودة الأمريكية المعدلة إلى أنها تستجيب للاعتراضات التي ترى أن القرار السابق لم يحدّد مساراً واضحاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكنها لا تقدم خطوات محددة بشكل حاسم في هذا الاتجاه.
وتؤكد أن الإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية وإعادة إعمار غزة قد تهيئ الظروف لمسار موثوق لتقرير المصير وإقامة دولة، مع إشراك الحوار الأميركي الإسرائيلي الفلسطيني لتحديد أفق سياسي لتعايش سلمي ومزدهر.
ويعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إقامة دولة فلسطينية أو إدارة غزة من قبل السلطة الفلسطينية، ورغم ذلك تتضمن اللغة الأمريكية إشارات مستقبلية قد تشجع دوراً فلسطينياً من خلال إطار يتشارك فيه الأطراف عبر قوة الاستقرار والمجموعة الدولية.
وتشير المسودة إلى أن بداية نشاط القوة الاستقرار سيؤدي إلى انسحاب إسرائيلي من غزة وفق معايير ومعالم زمنية مرتبطة بنزع السلاح وبالتفاهم مع القوة الدولية والضامنين والولايات المتحدة، مع وجود أمن محيط حتى زوال التهديد.
خيارات واشنطن المحتملة لإقرار الخطة
تُشير تقارير دبلوماسيين إلى أن الولايات المتحدة قد تختار أحد ثلاثة مسارات رئيسية: قبول بعض التعديلات الجوهرية المطالب بها روسيا والصين، أو طرح المسودة للتصويت مباشرة في مجلس الأمن بشرط عدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين حق الفيتو، أو تشكيل تحالف من دول راغبة خارج الأمم المتحدة لقيادة وتمويل عملية استقرار غزة.
وتشير المصادر إلى أن احتمال طرح المسودة للتصويت قد يعتمد على قدرة واشنطن على قبول تعديلات جوهرية أو ضمان عدم استعمال الفيتو من قبل الدول الدائمة، بينما تبقى خياراً ثالثاً هو بناء كتلة دولية قوامها الدول الراغبة خارج الأمم المتحدة لتحمل المسؤوليات والتمويل.
المشروع الروسي ومقاربته لمستقبل غزة
طرح الروس مسودة خاصة بمستقبل غزة تدعو إلى تعزيز الالتزام بحل الدولتين وتحديد خطوات عملية لضمان التنفيذ المستمر للخطة الشاملة مع تقديم تقارير سريعة إلى مجلس الأمن وفتح باب خيارات تتضمن نشر قوة استقرار دولية في القطاع.
وتؤكد المسودة الروسية الحفاظ على وقف إطلاق النار وتجنب الأعمال العدائية الشاملة، وتحث جميع الأطراف على الالتزام بواجباتها الإنسانية وترك مسألة المسار السياسي لقيادة الأمم المتحدة وتنسيق الأطراف المعنية.
وتؤكد المسودة الروسية أيضاً ضرورة وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق، وتدعو إلى إعادة إعمار غزة وتنسيق الجهود الدولية لإعادة التأهيل مع رفض أي محاولات لتغيير ديموغرافي أو جغرافي في القطاع، وتعيد التمسك برؤية دولتين ديمقراطيتين تعيشان جنباً إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها.
وتؤكد أيضاً وحدة الأراضي بين غزة والضفة الغربية تحت سلطة السلطة الفلسطينية وتدعو إلى استمرارية التواصل والتعاون مع الأمم المتحدة لضمان التنفيذ الفعّال للخطط الإنسانية والإغاثية وإعادة الإعمار.
أبرز أوجه الاختلاف بين المشروعين الأميركي والروسي
يختلف المشروع الأميركي في فكرة إنشاء مجلس سلام كهيئة انتقالية لإدارة غزة مستقبلاً، وهو ما يرفضه الروس والصين، بينما يسعى الروسي إلى إطار عمل مشترك تحت مظلة الأمم المتحدة دون كيانات خارج الإطار الأممي.
يُفضِّل الروسي بوضوح دور السلطة الفلسطينية في إدارة غزة مستقبلاً، بينما تشترط واشنطن تنفيذ إصلاحات داخل السلطة قبل تمكينها من تولّي الإدارة بشكل كامل.
وينطلق الروسي من رفض أي تغيير جغرافي أو ديموغرافي في غزة بشكل صريح، في حين يتحدث الأميركيون عن انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية وفق معايير وجدول زمني مرتبطة بعملية نزع الأسلحة والتسليم الأمني، وهو أمر يثير مخاوف من ترتيبات أمنية متواصلة.
ويؤكد الروسي ضرورة وصول الإمدادات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق، مع توجيه الاهتمام لإعادة الإعمار والتأهيل بمشاركة المجتمع الدولي، كما يعزز رؤية حل الدولتين وتوحيد أراضي غزة والضفة تحت سلطة السلطة الفلسطينية.
أبرز أوجه الاتفاق بين المشروعين الأميركي والروسي
يترحيبان بالخطة الشاملة لوقف إطلاق النار كإطار للحل، ويؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار والعمل على تثبيته وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق.
يؤكدان إمكانية نشر قوة دولية لضمان الاستقرار وتنفيذ بنود الخطة مع الإشارة إلى وجود مسار نحو حل الدولتين، رغم أن الصياغة الأمريكية في هذا الجانب أقل وضوحاً من الروسي.




