اخبار سياسية

الانتخابات البرلمانية في العراق: خريطة التحالفات السياسية

يبدأ التصويت العام الثلاثاء وسط ترقب بشأن نسب الإقبال والتوزيع المتوقع للقوى، في مشهد سياسي يحكمه ثلاث محاور رئيسة.

تتوزع القوى المتنافسة على المحور التقليدي الحاكم، والمحور المدني الإصلاحي، والتحالفات المستقلة التي تسعى لفتح طريق جديد بين الطرفين.

تنطلق عملية التصويت مع اهتمام واضح بمشاركة الشباب، إذ يصل نحو 40% من المرشحين المسجلين إلى دون الأربعين عاماً، ما يبرز محاولات الجيل الجديد للوصول إلى البرلمان.

يُقسِّم نظام تقاسم السلطة القائم على أساس طائفي مناصب رئيسية، فالرئيس الوزراء يجب أن يكون شيعياً، ورئيس البرلمان سنياً، ورئيس الجمهورية كردياً.

من المتوقع صدور النتائج الأولية خلال أيام من التصويت، بينما تستمر محادثات تشكيل الحكومة عادة لفترة لاحقة قبل narrowing الفاصل الزمني.

بعد التصديق من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الاتحادية العليا، سيجتمع البرلمان الجديد المكوّن من 329 عضواً لانتخاب رئيسه ونوابه، ثم رئيس الدولة الذي يكلف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة.

المحور التقليدي

يشمل هذا المحور القوى التي شاركت في الحكومات المتعاقبة منذ 2005 مثل ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، وتحالف الفتح الذي يضم قوى قريبة من فصائل مسلحة، والتيار الصدري رغم انسحابه ومقاطعة العملية السياسية، إضافة إلى ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

تمتلك هذه القوى حضوراً مؤسساتياً وقوة تنظيمية واسعة تمكنها من الحفاظ على نسبة معقولة من التمثيل في البرلمان المقبل رغم تراجع شعبيتها في بعض المناطق.

التحالفات المدنية والإصلاحية

يتشكل المحور الثاني من تجمّعات مدنية وإصلاحية مثل التجمع المدني العراقي بقيادة إياد علاوي وقوائم مستقلة منشقة عن حركات تشرين، وتراهن على صوت الشباب والمثقفين والطبقات المنتظرة لمطالبة الدولة المدنية القائمة على الكفاءة والمساءلة.

تواجه هذه التحالفات تحديات كبيرة في التمويل والبنى التنظيمية، وتظل فرصها محدودة أمام الأحزاب الكبرى، لكنها تسعى لتوحيد صفوفها وتقديم خيار بديل بعيداً عن الاصطفافات الطائفية.

القوائم المستقلة والكيانات المحلية

يضم المحور الثالث قوائم مستقلة وكيانات محلية تقودها شخصيات سياسية واجتماعية من محافظات مختلفة، وتطلق شعارات خدمية محلية أكثر من كونها سياسية، مثل القوائم العشائرية والمرشحين المدعومين من زعماء مناطقيين.

قد لا تكون لها تأثير واسع، لكنها قد تحسم نتائج بعض الدوائر في المحافظات الجنوبية والوسطى.

الخريطة الانتخابية والنتائج المتوقعة

تظهر الخريطة وجود أكثر من 250 كيانا وتياراً مسجلاً لخوض الانتخابات، وتتنافس أكثر من 7000 مرشح على 329 مقعداً وفق النظام النسبي.

يرتبط مستوى المشاركة بنزوع الناخبين وتوقعات بارتفاعها مقارنة بالانتخابات السابقة، مع وعود بنشوء توازن جديد في البرلمان المقبل.

يلعب موقع بغداد والبصرة ونينوى وذي قار دوراً حاسماً بسبب كثافة السكان وتأثيرها السياسي في توزيع المقاعد.

تحليل الوضع وتوقعات القوى الجديدة

يُظهر المشهد إعادة تموضع القوى حيث تسعى الأحزاب التقليدية لاستعادة ثقة الشارع عبر خطاب أكثر مرونة، في حين تراهن القوى المدنية والمستقلة على أصوات جيل جديد لم يشارك سابقاً في الانتخابات.

يبقى للعوامل الإقليمية والدولية حضور في خلفية المشهد عبر دعم أو تحفظ على بعض التحالفات، ما يجعل الانتخابات اختباراً لقدرة العراق على ترسيخ مساره الديمقراطي بشكل مستقل ومتوازن.

مع ساعات قليلة قبل فتح الصناديق، يتوقع أن تشهد المنافسة صراعاً حاداً بين القوى التقليدية والتحالفات المدنية الصاعدة، وسط أمل شعبي في نتائج تفتح باباً لموازين جديدة داخل البرلمان المقبل.

التحالفات الجديدة وآفاقها

تُركّز الأنظار على التيارات المدنية التي تسعى لكسر الهيمنة الدينية والقومية عبر خطاب يركز على المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

يشير تحليل سياسي إلى أن هذه التحالفات لم تولد من العدم، بل ظهرت في فترات سابقة وتزايد حضورها بعد احتجاجات تشرين 2019 التي شكّلت نقطة تحوّل في المزاج الشعبي إلى مطالب إصلاح جذرية وتفكيك الاصطفافات الطائفية.

ويشير إلى أن التحدي الحقيقي أمامها يمثل في استقلاليتها عن القوى التقليدية التي دعمت أو أسست بعض الكيانات المدنية للسيطرة على مقاعد تحت أسماء جديدة، إضافة إلى قلة التمويل والتنظيم مقارنة بالأحزاب الكبرى.

كما يرى أن ما يميز هذه الانتخابات هو تعدد المبادرات المدنية، لكن المشهد يبقى غامضاً أمام هيمنة القوى التقليدية التي تملك قواعد جماهيرية ونفوذاً داخل مؤسسات الدولة.

ويرى خبير الانتخابات دريد توفيق أن النظام الانتخابي الحالي يحتم تشكيل تحالفات واسعة لتجاوز العتبة وتحقيق مقاعد برلمانية، حيث يفرض قانون التمثيل النسبي رقم 2 لسنة 2023 توسيع القاعدة التصويتية عبر التحالف مع قوى متقربة، وهو ما أدى إلى نشوء تحالفات جديدة في الأسابيع الأخيرة.

ويضيف أن النظام لا يسمح بالاعتماد على جمهور ضيق فقط، ما يجعل تحقيق العتبة يتطلب صوتاً من تحالفات أوسع، ما يعزز فرص التحالفات الجديدة في الظهور والتأثير، لكن يبقى توزيع المكونات والطوائف جزءاً من المعادلة.

ويرى أن فرصة التحالفات الجديدة في إحداث تغيّر ملموس تعتمد على قدرتها على الوصول إلى الناخبين وإقناعهم بأنها مشروع وطني حقيقي، وليس مجرد واجهة سياسية جديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى