سباق التضخم يعزز تنافسية الأسواق الناشئة أمام الأسواق المتقدمة

تعزز التحولات النادرة في اتجاهات التضخم العالمي زخماً إضافياً على موجة الصعود التي تشهدها سندات الأسواق الناشئة هذا العام، مع إعادة تموضع مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت وناينتي ون لاستهداف مكاسب إضافية في الديون السيادية بالعملات المحلية اعتماداً على قناعة بأن البنوك المركزية في هذه الدول تملك هامشاً أوسع لخفض الأسعار بوتيرة أسرع من نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة.
يدفع انخفاض التضخم الأسواق، حيث تباطأت وتيرة نمو الأسعار في الأسواق الناشئة عن نظيرتها في الاقتصادات المتقدمة لربعين متتالين وفق مؤشرات بلومبرغ، وهو تغير لم تشهده الأسواق منذ أكثر من 35 عاماً باستثناء فترات التقلب خلال الجائحة، وهو ما قد يوفر فرصة ثمينة لسوق السندات.
يعني هذا الوضع أن السياسة النقدية يمكن أن تكون أكثر دعماً في الأسواق الناشئة، كما أشارت جيتانيا كاندهاري، نائب الرئيس التنفيذي للاستثمار في مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت. وسجل المستثمرون في سندات الأسواق الناشئة بالعملة المحلية عوائد تقارب 7% هذا العام، متجاوزين عوائد سندات الخزانة الأميركية، مع تحقيق مكاسب مزدوجة الرقم في بعض الأسواق مثل المجر والبرازيل ومصر.
تغذي هذه المكاسب توقعات بمزيد من خفض أسعار الفائدة، حيث تشير أحدث بيانات الأسعار إلى احتمال تسريع وتيرة التيسير وتوسيع نطاقه. وتبيّن مؤشرات بلومبرغ أن متوسط التضخم السنوي في الأسواق الناشئة تراجع إلى نحو 2.47% في الربع من يوليو إلى سبتمبر، بينما ارتفع التضخم في الاقتصادات المتقدمة إلى نحو 3.32%. بدأت دول مثل المكسيك وبولندا تخفض أسعار الفائدة، وهو ما قد ينضم إليه لاحقاً تايلند وكوريا الجنوبية وتركيا والهند قبل نهاية العام، في حين بقيت البنوك المركزية على مسار التيسير عند مستويات تفوق التضخم بشكل كبير، مثل البرازيل حيث ظل سعر الفائدة دون تغيير للشهر الثالث على التوالي مع وجود معدل فائدة حقيقي مرتفع يقترب من 10%.
وبالمثل، يقدّر غرانت ويبستر، شريك في إدارة الديون السيادية والعملات في الأسواق الناشئة لدى ناينتي ون، أن معدلات الفائدة الحقيقية في الأسواق الناشئة من الأعلى في أكثر من عقدين، ما يجعل هذه العوائد العالية لا تجذب فقط فئة من المستثمرين الباحثين عن العائد، بل تدعم أيضاً العملات المحلية مثل الريال البرازيلي والفورنت المجري، حيث حققت مكاسب مزدوجة خلال العام مقابل الدولار. وتؤكد الأقوال أن الأسواق ذات العوائد المرتفعة لا تزال تملك هامشاً للصعود، خاصة في جنوب أفريقيا ومعظم بلدان أميركا اللاتينية، حيث انحسرت مخاوف التضخم وبقيت السياسات النقدية متشددة.
ترافق هذه المعطيات مع تراجع الدولار نسبياً، إذ أدى ارتفاع العملة الأميركية منذ يوليو إلى خسائر محدودة في العملات المحلية ومؤشرات الدين السيادي، ومع ذلك من المتوقع أن يكون ارتفاع إضافي للدولار محدوداً في ظل ترجيحات بأن يواصل الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة. وبالرغم من ذلك، يظل المستثمرون في الأسواق الناشئة من غير المستبعدين ويمكنهم الاعتماد على العوائد المرتفعة مع تحسن الديناميكيات الاقتصادية في المنطقة.
تراجع التضخم يدعم الأسهم، فيشهد المستثمرون الذين يتوقعون بقاء الدولار قوياً منافذ جديدة للرهان على ديون الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة. خفض أليخاندرو كوادرادو، استراتيجي في BBVA، انكشافه على عملات الأسواق الناشئة ولكنه يبقى متفائلاً بسندات الأسواق الناشئة، متوقعاً جني مكاسب من عامل “مدة الاستحقاق” مع تراجع الفائدة. كما وصفت استراتيجيون في معهد أموندي للاستثمار سندات الأسواق الناشئة بالعملات المحلية بأنها “استثمار مبني على قناعة راسخة” مع تركيز خاص على أميركا اللاتينية، ولا سيما البرازيل والمكسيك، بفضل تحسن ديناميكيات التضخم. وفي جانب آخر، انعكس انخفاض التضخم سريعاً في الأسواق الناشئة على الأسهم بتضييق فجوة المخاطر بين الأسواق، كما يرى ديريك إيروين، مدير محفظة أول في أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس، بحيث تبدو الأسواق الناشئة للمرة الأولى منذ فترة طويلة أقل مخاطر نسبياً من الاقتصادات المتقدمة.




