ترامب يسرع وتيرة سعيه لتأمين المعادن النادرة وتفكيك ورقة الضغط الصينية

سعى ترمب خلال ولايته الثانية إلى تقليل الاعتماد الأميركي على الصين في المعادن الحيوية عبر مزيج من الخطوات التجارية والدبلوماسية والاقتصادية. وأوضح موقع أكسيوس أن هناك عنصرًا مشتركًا يجمع هذه الملفات جميعها وهو المعادن الحيوية، إذ يرى الأخير أن الصين تضع الولايات المتحدة في موقف حرج من حيث إمدادات العناصر الأرضية النادرة وغيرها من المعادن النادرة، وأن شي جين بينغ استعد لاستخدام هذا الملف كورقة ضغط.
وتبرز خلال هذه المساعي ضرورة مغناطيسات مصنوعة من العناصر الأرضية النادرة لاستخدامها في كل شيء من المقاتلات إلى توربينات الرياح، وتُهيمن الصين على معظم إنتاجها في العالم.
ردّت الصين على رسوم ترمب الجمركية بفرض ضوابط على صادرات المعادن النادرة، فاضطرت الإدارة الأميركية إلى القبول باتفاق يعلق هذه القيود لمدة عام، رغم أن هدنات سابقة انهارت قبل موعدها.
وقد أصبحت أزمة العناصر النادرة مصدر قلق داخل البيت الأبيض، ما زاد من وتيرة التحرك الأميركي عالمياً بحثاً عن المعادن. وخلال جولة ترمب الآسيوية، وقع ثلاث اتفاقيات متعلقة بالمعادن الحيوية قبل لقائه شي، ثم دعا 5 قادة من دول آسيا الوسطى الغنية بالموارد إلى البيت الأبيض فور عودته. وفي غضون 72 ساعة، أعلنت الإدارة عن استثمارات بقيمة 1.2 مليار دولار في شركتين ناشئتين في مجال المعادن النادرة، وكشفت عن اتفاق للمعادن الحيوية مع كازاخستان التي تتمتع باحتياطات كبيرة وأعلنت أخيراً عن اكتشاف ضخم للمعادن النادرة.
كما ظهر الملف في مباحثات مقايضة الدين مع الأرجنتين، ومحادثات السلام مع أوكرانيا، والمفاوضات التجارية مع دول بينها أستراليا والبرازيل واليابان. وجرى طرح الملف خلال زيارة ترمب للسعودية، وكذلك أثناء زيارات قادة أفارقة إلى واشنطن.
سباق النفوذ والعلاقة مع جرينلاند
يُبقي إصرار ترمب على ضرورة سيطرة الولايات المتحدة على جرينلاند إلى حد كبير رهناً برغبة البلد في استغلال ثرواتها المعدنية الهائلة في القطب الشمالي.
وتتصدر الصين قائمة الإمداد المعدني باحتلالها المصدر الوحيد أو المسيطر على ثمانية من أصل تسعة معادن تعدّ حيوية، إذ يبرز معدن الساماريوم كعنصر أساسي في إنتاج مغناطيسات تدخل في صناعة الطائرات المقاتلة والصواريخ، وتُهيمن الصين على جميع مراحل سلسلة التوريد من التعدين إلى الفصل والمعالجة ثم تصنيع المغناطيسات.
وفي وقت مبكر من هذا العام، أصبحت الحكومة الأميركية أكبر مساهم في منجم واحد لإنتاج العناصر النادرة داخل الولايات المتحدة وتعمل مع حلفاء مثل أستراليا لكسر هيمنة الصين على معالجة المعادن وإنتاج المغناطيسات.
وأشارت مديرة برنامج أمن المعادن الحيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جرايسلين باسكاران، إلى أن المعادن باتت أشكالاً أقوى من النفوذ في السياسة الخارجية، وأن التطورات الأخيرة لم تكن متوقعة قبل فترة قصيرة، لكنها توضّح أن الولايات المتحدة لن تبلغ الاكتفاء الذاتي خلال عام واحد.
وذكر مصدر مطلع أن الإدارة الأميركية ضغطت لإدراج ملف المعادن ضمن مفاوضات السلام، سعيًا لتهيئة فرص للشركات الأميركية، بينما يبقى شي جين بينغ اللاعب الذي يملك ورقة المعادن الحيوية ما دامت الولايات المتحدة تعتمد على الصين، في حين يستمر ترمب في استخدام كل أدواته لكسر هذا الاعتماد والحد من الهيمنة الصينية.
يرتبط هذا المسار أيضاً بخطط روسيا لإنتاج العناصر النادرة محلياً وتفاوض الاتحاد الأوروبي مع بكين لضمان عدم انقطاع الإمدادات، ما يعزز صورة أن المعادلة تبقى بيد عنصرين أساسيين: الولايات المتحدة التي تسعى إلى تقليل الاعتماد، والصين التي تملك سلاسل التوريد الأساسية لهذه المعادن.




