مع اقتراب القاعدة من باماكو، واشنطن تعرب عن استعدادها للتعاون مع مالي

تواجه مالي وضعاً أمنياً معقداً يقترب فيه مسلحو تنظيم القاعدة من العاصمة باماكو، بعد سيطرتهم على معظم طرق الإمداد وقطعهم وصول شحنات الوقود الحيوية.
دفع هذا التدهور في الوضع الدولي إلى إعادة النظر في إجلاء الرعايا من مالي، وهو ما تكرر مع الولايات المتحدة ورعايا آخرين، وسط مخاوف من احتمال سقوط باماكو في يد القاعدة في أي لحظة.
وبعد أيام من مطالبة واشنطن الدبلوماسيين والمواطنين الأميركيين بمغادرة مالي، أشاد مسؤول أميركي رفيع بالمجلس العسكري الحاكم، ملوّحاً بإمكان تعاون بين البلدين بعد سنوات من التوتر الدبلوماسي.
قال كريستوفر لاندو، نائب وزير الخارجية الأميركي، في منشور على منصة اكس: “تثني الولايات المتحدة على القوات المسلحة في مالي في محاربتها المتطرفين، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بالقاعدة”، في إشارة إلى تقديرها للجهود الأمنية في المنطقة.
وأضاف لاندو: “أجريت محادثة ممتازة مع وزير خارجية مالي عبد الله ديوب لمناقشة مصالحنا الأمنية المشتركة في المنطقة، معبراً عن رغبته في تعزيز التعاون بين البلدين”.
وحسب وكالة أسوشيتد برس، يمثل التصريح تحولاً علنياً في موقف الولايات المتحدة من التعاون مع المجلس العسكري في مالي الذي تولّى السلطة بعد الانقلاب في 2021.
إصلاح العلاقات
وسعت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب جهودها لإصلاح العلاقات مع الدول التي يقودها مجالس عسكرية في المنطقة بسبب الفراغ الدبلوماسي عقب الانقلابات، وهو نهج استمر مع غرب أفريقيا حيث سيطر العسكريون على السلطة في عدة دول منذ 2020.
وقال مستوى العلاقات: ترددت أصداء هذا الواقع في طرد القوات الفرنسية من عدد من الدول الشريكة وطلب خروج القوات الأميركية من النيجر.
لكن هجمات الجماعات المسلحة تزايدت مع مرور الوقت، رغم الجهود المشتركة بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي تشكل معاً تحالف دول الساحل.
ورحب بعض مسؤولي الحكومة المالية بتصريحات لاندو، مؤكدين أن التعاون سيعزز قدرة الجيش المالي على مواجهة الجماعات التي تهدد العاصمة باماكو حالياً.
وقال موسى أغ أشاراتومان، عضو المجلس الوطني الانتقالي في مالي، لـ”أسوشيتد برس”: “بفضل خبرة الأميركيين في هذا المجال، سيكون التعاون أمراً إيجابياً لنا”.
منطقة الساحل الإفريقي
ووفق أسوشيتد برس، فإن الولايات المتحدة، على الرغم من رغبتها القوية في العمل في منطقة الساحل، فإنها حتى الآن لا تملك مساراً واضحاً أو عاجلاً للتحرك.
ومنذ سبتمبر الماضي فرضت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين حصاراً على واردات النفط إلى مالي، ما أحدث تأثيراً اقتصادياً واسعاً وترك الناس يصفون طوابير للحصول على الوقود، وأزاد الضغط على المجلس العسكري.
ويشير خبراء إلى أن الجماعة كانت تسيطر على المناطق الريفية منذ وقت، لكن الضغط الاقتصادي على البلاد يظهر لها طموحات أشمل.
قال جيمس بارنيت، باحث في معهد هدسون والمتخصص في الأمن والسياسة في إفريقيا: “تصاعد الحصار على الوقود ونشاط الجماعة على أطراف باماكو وربطها بمسؤولين من المعارضة يوحي بأن الجماعة قد تفكر فعلياً في سيناريو شبيه بطالبان في أفغانستان”.
الأسبوع الماضي ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين محليين وأوروبيين أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تقرب من السيطرة على باماكو، رغم أنها قد تنتظر فرصاً قبل اتخاذ خطوة حاسمة، وأن قطع طرق الإمداد الغذائي والوقود يعطل قدرة الجيش على الرد.
وتشكّلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في 2017 إثر اندماج فصائل تابعة للقاعدة، وتشن جماعات مرتبطة بالقاعدة وتنظيم داعش هجمات في منطقة غرب أفريقيا بما فيها النيجر وبوركينا فاسو ومالي، مع التوسع تدريجياً نحو دول أكثر استقراراً مثل بنين وكوت ديفوار وتوجو وغانا على ساحل خليج غينيا.




