اتهامات موجهة إلى الولايات المتحدة بـ”تهديد” دبلوماسيين أوروبيين بشكل شخصي خلال مفاوضات الكربون

اتهامات بممارسات تهديد شخصية خلال مفاوضات الشحن الأخضر
اتهم مسؤولون أوروبيون الولايات المتحدة بأنها هدّدت المفاوضين الأوروبيين بشكل شخصي خلال مفاوضات شرسة حول قواعد الشحن الأخضر في اجتماع المنظمة البحرية الدولية بلندن، وفقاً لتقرير بوليتيكو.
وأوضحت بوليتيكو أن هذه التهديدات جرت الشهر الماضي بينما كانت واشنطن تحث الدول على منع مبادرة فرض ضريبة على الانبعاثات خلال اجتماع IMO.
ومنح تقرير المجلة ثمانية دبلوماسيين ومسؤولين ومراقبين من المجتمع المدني في أوروبا حق عدم كشف هوياتهم لوصف المناقشات المغلقة وحماية علاقاتهم مع الأطراف المعنية، وأشاروا إلى أن بعض ممثلي الدول أبلغوا عن تعرضهم لتهديدات بـ”عواقب شخصية” إذا خالفوا الموقف الأميركي.
وقال مسؤول أوروبي إن مفاوضينا لم يشهدوا مثل هذا من قبل في أي مفاوضات دولية، حيث يتم استدعاء أشخاص إلى السفارة الأميركية في لندن وترهيبهم وتهديدهم بوقف الأعمال وتحديداً بفقدان أفراد من العائلة لتأشيراتهم.
وأضاف مسؤول آخر في المفوضية الأوروبية أن الدبلوماسيين عادوا إلى بلدانهم في حالة ارتباك، وتلقوا ردوداً من عدة مشاركين بشأن مدى الضغط الذي تعرضوا له.
تواجه إدارة ترامب سياسات مناخية مثيرة للجدل داخل الولايات المتحدة، إذ سعت إلى تقويض الجهود العالمية لمكافحة الاحتباس الحراري ووصفها بأنها “خدعة”؛ ويعترض سعيها بشكل خاص على خطة الحد من انبعاثات الشحن البحري التي اعتبرها بعضهم محاولة لفرض ضرائب غير مبررة على شركات الشحن الأميركية.
وتعد المنظمة البحرية الدولية وكالة تابعة للأمم المتحدة تنظم صناعة الشحن العالمية وتطبق مقرراتها عبر 176 دولة، بينما لا يعتبر الاتحاد الأوروبي عضواً في IMO، إلا أن المفوضية الأوروبية وغالبية الدول الأعضاء كانت من أوائل الداعمين لمقترح فرض ضريبة كربون على قطاع الشحن.
وقد كشفت الولايات المتحدة استراتيجيتها علناً قبل الاجتماع عبر بيان صحفي موقع من وزراء الخارجية والنقل والطاقة، إذ جرى التهديد بفرض رسوم جمركية ورسوم موانئ وقيود على تأشيرات أطقم السفن، إضافة إلى احتمال فرض عقوبات على المسؤولين الذين يدفعون سياسات مناخية يروج لها نشطاء.
كما تبنت قبرص واليونان، وهما دولتان بحريتان رئيسيتان، موقفاً مخالفاً لباقي أعضاء الاتحاد الأوروبي، في حين أكدت اليونان أن قرارها لا علاقة له بالضغط الأميركي، إذ قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في مقابلة مع بوليتيكو إنه لم يتحدث مع ترامب في هذا الموضوع، وإن بلاده عبرت عن مخاوفها قبل تدخل الولايات المتحدة بشكل واضح.
ووصفت بوليتيكو استخدام تهديدات شخصية في مفاوضات دولية بأنه انحراف عن الأعراف الدبلوماسية، وهو ما يشير إلى توتر متزايد في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ أشارت تقارير إلى أن التهديدات لم تقتصر على الوفود الأوروبية بل طالت دول في الكاريبي ودولاً أخرى.
امتنع المندوبون الذين تعرضوا للترهيب عن التصريح علناً خوفاً من أن تنفذ واشنطن إنذاراتها، وكانت صحيفة فاينانشال تايمز أول من كشف التهديدات الشخصية للمفاوضين.
وفي تصويت جاء بفارق ضئيل، قرر الاجتماع تأجيل فرض ضريبة الانبعاثات لمدة عام، وهو ما اعتبره كثيرون ضربة لإجراء حاسم ونتيجة ترجح ترمب، ووافقت عشرات الدول من إفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وآسيا على التأجيل.
وذكر دبلوماسي غربي أن الأميركيين هددوا دول الكاريبي بفرض رسوم إذا لم توافق على التأجيل، وأشار مراقب إلى أن العملية استمرت خلال أسبوع الاجتماع وأن المندوبين الأميركيين تواصلوا مع وفود أخرى من الدول نفسها في قاعة الجلسة العامة، موجهين لها مجموعة من الإنذارات المشابهة.
وحتى أثناء استراحة القهوة خلال الاجتماع، قال وزير المناخ في فانواتو إن دولاً جزرية أخرى تعرضت لضغط شديد من الولايات المتحدة، مؤكداً وجود ما اعتبره فوضى و”هراء” في العملية.
ورغم أن التكتيكات الصعبة ليست أمراً جديداً في المفاوضات الدولية، اعتُبر الأسلوب المتشدد في لندن استثنائياً، ورأى خبير أكاديمي أن الضغط الأميركي خلق مناخاً من الخوف أدى إلى فوضى عاقبةً لتأجيل الاعتماد على القرار.
ولم ترد تعليق وزارة الخارجية الأميركية على ما وصِف بأنه محادثات دبلوماسية خاصة، بينما دافع وزير الخارجية روبرت روبيو عن الجهود المناهضة لفرض ضريبة على الكربون في مقال رأي، قائلاً إن الدبلوماسية القائمة على المصالح الوطنية أثبتت فوز تحالفاتهم ووقايتهم من ما يسميه “بيروقراطية الأمم المتحدة”.
وأضاف روبيو أن هذه التحالفات ستبقى جاهزة في مواجهة أي مبادرة مستقبلية من أجل حماية المصالح الوطنية، وأن هذا الرد سيكون جاهزاً إذا عادت مثل هذه المبادرات من نظيرتها في الأمم المتحدة إلى السطح.




