اخبار سياسية

الإغلاق الحكومي في أميركا يدخل شهره الثاني وتبلغ الخسائر 14 مليار دولار

بدأ الإغلاق الحكومي في أول أكتوبر بعدما فشل الكونجرس في إقرار قانون المخصصات للسنة المالية الجديدة، وهو الإغلاق الأول منذ سبع سنوات. أفضى ذلك إلى تعطيل خدمات حكومية وتوقف برامج مساعدة تمس ملايين الأميركيين، وتوقّع مكتب الميزانية أن تصل الخسائر الاقتصادية إلى بين 7 و14 مليار دولار عن كل أسبوع يستمر فيه الإغلاق.

حتى منتصف الليل الذي يوافق بداية السنة المالية، لم تكشف الأطراف عن أي أفق قريب للنهاية وتبادل قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي الاتهامات بشأن استمراره. وفي ظل هذه الخلفية، لم تقف آثار الإغلاق عند حد الإجازات القسرية للموظفين، بل ترجمت إلى تآكل في قدرة الحكومة على تقديم الخدمات وتراجع في جودة العمل الحكومي.

خلفية الإغلاق وتوقيته

بدأ الإغلاق عندما فشلت الكتل السياسية في الاتفاق على تمويل حكومي مستمر، فدخلت أجهزة الحكومة في تعثر مالي واسع أثر على مئات الآلاف من العاملين وبقيت البرامج المساندة معلقة. ويشير عدد من الخبراء إلى أن الإغلاق قد يترك ندبات دائمة في كفاءة أجهزة الدولة العامة والعمالة الماهرة التي يعتمد عليها النظام الإداري الأميركي.

الأثر على العاملين والاقتصاد

يُفرض على مئات الآلاف من العاملين الفيدراليين الإجازة القسرية غير المدفوعة، بينما تقدر تقديرات مكتب الميزانية أن نحو 750 ألف موظف قد يواجهون الإجازة القسرية خلال فترة الإغلاق، إلى جانب احتمال فصل أعداد كبيرة ضمن إجراءات طارئة. أما القطاعات الحساسة، فهي تستمر في العمل لكن بلا أجر حتى يُصدَر قانون المخصصات، وهو وضع يترك العمالة في حالة عدم استقرار مالي ونفسي.

وفي قطاع النقل الجوي، يُتوقع إحالة نحو 11 ألف موظف في إدارة الطيران الفيدرالية إلى الإجازة القسرية، وقرابة 13 ألف مراقب جوي، إضافة إلى نحو 50 ألف موظف في إدارة أمن النقل يعملون دون أجر. ونتيجة لهذه الظروف، تم تأجيل أكثر من 1400 رحلة جوية خلال أيام الإغلاق، مع تزايد حالات الغياب بين العاملين في القطاع.

وتشير التقديرات إلى أن الخسائر الاقتصادية تتراكم بسرعة، حيث قد تصل إلى نحو 7 مليارات دولار من الناتج المحلي الإجمالي لكل أسبوع يستمر فيه الإغلاق، مع تقدير آخر من شركات استشارات بأن النقود المفقودة تتراوح بين 7 و14 مليار دولار أسبوعياً. كما يمتد أثر الإغلاق إلى برامج المساعدات التي يعتمد عليها الملايين من الأميركيين، مع وجود نحو 42 مليون أميركي يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية التكميلي، إضافة إلى مخاطر زيادة الحاجة إلى برامج التدفئة خلال فصل الشتاء لما يقارب ستة ملايين أسرة أميركية.

من المسؤول عن الإغلاق وخيارات الخروج

في الأسابيع الماضية استقبل ترمب زعماء الديمقراطيين في محاولة للوصول إلى صيغة لتمويل الحكومة، لكن المحادثات انتهت بلا نتائج إيجابية. تتبادل الأطراف الاتهامات حول الجهة المسؤولة عن استمرار الإغلاق، فشوميـر والديمقراطيون يشيرون إلى ضغوط الجمهوريين لإلغاء تمويل الرعاية الصحية المقرّ، فيما يتهم الجمهوريون الديمقراطيين باستخدام تمرير برامج الرعاية لتقديم خدمات للمهاجرين غير الشرعيين. ويشدد قادة الحزبين على أن إقرار قانون المخصصات يتطلب موافقة مجلسي النواب والشيوخ وتوقيع الرئيس، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

يقترح بعض المحللين تمرير “قرار تمويلي نظيف” أو تمويل مؤقت لإعادة فتح الحكومة باستمرار الأطر والحدود الإنفاقية التي أقرّها الكونجرس في آخر ميزانية، مع استثناء البنود السياسية الخلافية. يرى البعض أن الشرط الأساسي هو إظهار القادة استعداداً للتنازل والعمل معاً، بينما يشير آخرون إلى وجود اختلافات داخل الحزبين حول سقوف الإنفاق وتوزيع الإنفاق بين الدفاع وغير الدفاع، إضافة إلى قضايا الحدود والبيئة وحقوق الإنسان والإجهاض والسياسات DEI.

الحل الوسط وتوقعات المستقبل

يدعو البعض إلى اعتماد حل “تمويل مؤقت نظيف” لإعادة فتح الحكومة بسرعة ودفع الرواتب بأثر رجعي، وهو حل يحافظ على الحدود الإنفاقية الحالية من دون إدخال بنود سياسية خلافية. بينما يرى آخرون أن الطرفين بحاجة إلى تفهم متبادل والتنازل عن مواقفهما إلى حد ما لإعادة بناء الثقة وتفادي مزيد من الانقسام السياسي الذي ينعكس سلباً على الأميركيين والاقتصاد. ونظراً لحالة الاستقطاب الحالية، يظل احتمال التوصل إلى حل توافقي قابل للتطبيق مشروطاً بقدرة القادة على تقديم تنازلات ملموسة وتخفيف حدة الخلافات بين الحزبين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى