الفاشر تسقط بيد الدعم السريع.. هل تبدأ مرحلة جديدة من حرب السودان؟

سيطرت قوات الدعم السريع على مقر الفرقة السادسة مشاة في مدينة الفاشر بشمال دارفور، وتلا ذلك بيان رسمي يؤكد سيطرتها على المدينة الاستراتيجية التي صمدت في وجه حصار استمر أكثر من 500 يوم.
ردود الفعل الحكومية والميدانية وتداعياتها
وأعلن عبد الفتاح البرهان أن القوات المسلحة مصممة على مواصلة العمليات حتى تحقيق النصر، نافياً أي توقف، فيما قررت قيادة الجيش ولجنة الأمن في الفاشر مغادرة المدينة بعد تقديرات بأن بقائها سيعرض المدنيين لمزيد من التدمير والقتل المنهجي، وتم الاتفاق على خروج السكان إلى مكان آمن لحماية الأرواح وتقليل الخسائر، مع ت أييد للدور الذي تلعبه القوات المشتركة وبقية المكونات المقاتلة إلى جانب الجيش، وتأكيد أن الجيش سيظل مسنوداً بالشعب وسيسعى لمحاسبة من ارتكبوا جرائم ضد المدنيين، مستنكراً مخالفة قرارات مجلس الأمن وانتهاك الأعراف الدولية.
وبعد سقوط الفاشر، قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن هذا التطور لا يعني التفريط في دارفور لصالح العنف والعمالة، وهو تعبير عن استمرار المحافظة على الأرض وعدم السماح بتفتيت الإقليم رغم الخسارة الميدانية.
وتزايدت الأصوات الميدانية والمدنية باتهامات تتعلق بمذابح وجرائم ضد المدنيين، مع نشر مقاطع تُظهر عمليات إعدام ميدانياً واعتداءات على جرحى وفارين من المدينة، إضافة إلى إدانة منظمات طبية ولجان مقاومة لهذه الانتهاكات وتأكيدها وجود استهداف من قبل عناصر الدعم السريع.
ردود دولية ومخاوف إنسانية
دولياً، انضمت بريطانيا إلى الولايات المتحدة في الدعوة إلى حماية المدنيين وضمان مرور آمن، بينما ظهر نائب قائد الدعم السريع عبد الرحيم دقلو في مقطع يحث قواته على عدم تعريض المدنيين للخطر والكف عن نهب ممتلكاتهم، ملوّحاً بتحركات محتملة إلى مناطق أخرى في السودان.
وتُشير التطورات إلى أن الفاشر كانت آخر معاقل الجيش والقوات المتحالفة معه في دارفور، وبسيطرة الدعم السريع عليها خسرت الحكومة الإقليم كاملاً، ما يعيد تشكيل مسار الأحداث في دارفور وربما يؤثر في ديناميكيات الصراع على بقية المناطق.
تأثيرات أوسع وتحليل المآلات المحتملة
يرى محللون أن المعركة في الفاشر لم تنتهِ بعد، وأن الجيش قد يحاول استردادها مستفيداً من تفوقه الجوي واستخدام المسيرات لإرباك قوات الدعم السريع، بينما يرى آخرون أن السيطرة على دارفور قد تفتح باباً أمام سيناريوهات جديدة تتعلق بتقسيم محتمل أو حلول تفاوضية أقوى إذا نجحت جهود الرباعية الدولية في الدفع إلى المحادثات، لكن التصعيد قد يعرقل مسار المفاوضات ويزيد الضغوط الدولية على الطرفين.
وتشير آراء قوى سياسية إلى أن دخول الفاشر في إطار صراع أوسع قد يعمّق الانقسام السياسي ويعيد تشكيل بنية القوى المسيطرة، وهو ما قد يتطلب تفهّماً ودعماً دولياً أقوى لمساعدة السودانيين على التفاوض والعودة إلى مسار الاستقرار، في حين يحذر آخرون من أن فقدان مدينة رئيسة كهذه يضعف الشريك المعني بالحكومة ويؤثر في بنيتهما التنفيذية والسياسية.
معلومات مختصرة عن إقليم دارفور
دارفور أقصى غرب السودان وتحدها ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وتتوزع ولاياتها الخمس على شمال ووسط وغرب وشرق وجنوب دارفور، وتقدر مساحتها بنحو 440 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها بين 7 و9 ملايين، وتتألف من قبائل إفريقية كالمساليت والفور والزغاوة التي تميل إلى الزراعة، إلى جانب قبائل عربية من الرعاة كالرزيقات والسلامات وبني هلبة. منذ 2003 شهدت صراعاً بين القوات الحكومية وجماعات متمردة يقودها حاكم الإقليم الحالي مني أركو مناوي ووزير المالية جبريل إبراهيم، وتَتهم جهات بإبادة جماعية وجرائم حرب، بينما تلاحق المحكمة الجنائية الدولية بعض المسؤولين. ومع اندلاع الحرب في 2023 تفاقمت المعاناة وتبادل الاتهامات بين قوات عربية والدعم السريع، الذي تُنسب إليه مجازر في الجنينة، بينما ينفي هذا الاتهام ويطالب بتحقيق دولي. وتبقى الثروة الحيوانية حجرها الاقتصادي الرئيسي، إلى جانب زراعة بعض المحاصيل وتصدّر منتجات جلدية وتبغية محلية، مما يجعل دارفور منطقة ذات أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة في السودان.




